علمت «التونسية» أنّ جمعية القضاة التونسيين وجهت رسالة مفتوحة إلى المجلس الوطني التأسيسي وذلك قصد تذكيره باستحقاق الثورة في بناء مؤسسات سلطة قضائية مستقلة. وجاء في الرسالة أنّ القضاة متمسّكون بمطلبهم في تركيز الهيئة الوقتية التي ستحل محلّ المجلس الأعلى للقضاء وتكون أولى الهيئات المستقلة التي تعمل على تحرير حياة القاضي المهنية ممّا عرفته من هيمنة السلطة التنفيذية التي عطّلت دوره في حماية الحقوق والحريات والمساهمة في تركيز دولة القانون. وبلغ المكتب التنفيذي لجمعية القضاة المجلس «التأسيسي» انشغال القضاة العميق لعدم إحالة مشروع الهيئة الذي فرغت لجنة التشريع العام من صياغته منذ 20 جوان الماضي على أنظار الجلسة العامة للمناقشة والمصادقة عليه مطالبا بتسريع إحالته حتى تتمّ الحركة القضائية في إطار الهيئة كضمانة أساسية لشفافيتها. وذكرت الرسالة أن جمعية القضاة توصي المجلس بأن تتمتع الهيئة باستقلالية حقيقية طبق المعايير الدولية وأن يتم تعريفها تعريفا واضحا في القانون المحدث لها كهيئة مستقلة تتمتع بالاستقلال المالي والإداري وبالشخصية المعنوية ويكون لها مقر خاص، وأن تكون لها سلطة قرار حقيقية خاصة المتعلقة بنقلة القضاة وترقيتهم وذلك بالتنصيص على أن الحركة القضائية تصدر بناء على رأي مطابق لما تقرّره بشأن النُّقَل والترقيات أي لا يمكن لوزير العدل أو رئيس الحكومة مراجعة قراراتها أو تغييرها (الهيئة). وأضافت الرسالة أن جمعية القضاة تدعو المجلس إلى ضرورة اشتراط النصاب القانوني لصحة كل قراراتها منها المتعلقة بالترقيات والنقل والتأديب إضافة إلى اشتراط الرأي المطابق في ما يعرض على الهيئة من مذكرات عمل صادرة عن وزير العدل بخصوص النقل والترقيات مؤكدة أن مجرد الاستشارة الوجوبية للهيئة لا تكفي إذ أنه حتى مع هذه الاستشارة قد يبقى رأيها رأيا شكليا لا تأثير له على سلطة وزير العدل في غياب ضمانة المطابقة. وأكدت جمعية القضاة في الرسالة على أن تتركب الهيئة من قضاة فقط وأن يرأسها قاض مضيفة أن يكون اختيار أعضائها على قاعدة انتخابية مع أغلبية عريضة لحضور القضاة المنتخبين على ألاّ تضمّ الهيئة المذكورة المتفقد العام باعتباره سلطة تحقيق لا يمكن أن تشارك في اتخاذ القرار التأديبي ضمانا لحيادية هذا القرار ولشروط المحاكمة العادلة. وأشارت الرسالة إلى ضرورة التنصيص على إمكانية الطعن في الأوامر المتعلقة بالحركة القضائية أمام المحكمة الإدارية وتمكين الهيئة من صلاحية الاقتراح للتعيين في الوظائف القضائية العليا للحدّ من تفرّد السلطة السياسية بصلاحية التعيين المباشر في هذه الخطط. وأكدت جمعية القضاة في الرسالة أن المرحلة الانتقالية هي مرحلة انتقال ديمقراطي تتطلب إعداد القضاء للاضطلاع بدور الحارس للحرية وللديمقراطية وفق معايير استقلالية السلطة القضائية التي طالما اعتبرت مجرّد مكوّن من مكوّنات الوظيفة العمومية. وأكدت جمعية القضاة على ضرورة الامتناع عن حشر مسؤولي جمعية القضاة في زمرة الممنوعين من الترشح لعضوية الهيئة بما يمثله ذلك من خطأ في حق الثورة التونسية والنضال القضائي الذي خاضه القضاة ضد دولة الاستبداد على مدى سنوات.