يبدو أنّ الجزء الثالث من مسلسل «مكتوب» قد أثار جدلا كبيرا بين الناس فهناك من دعا في صفحات الفيسبوك إلى مقاطعته بسبب ما يتضمّنه من مشاهد صادمة للعائلات التونسية التي تجتمع خلال الشهر الفضيل حيث الملابس المثيرة والعلاقات الحميميّة غير الشرعية وهو ما لا يتناسب وخصوصيات شهر رمضان المعظم , وهناك من يذهب إلى القول أنّه يقوم بتعرية الواقع وكشفه وينقل ما يحدث في المجتمع دون تابوات وهو ما يصدم البعض الذين لا يرون إلا الجوانب المضيئة فيه ويتغافلون عمّا تعيشه فئة من التونسيين وهم الأثرياء الجدد الذين كوّنوا ثرواتهم بطرق غير مشروعة وتحوّلوا خلال فترة قصيرة إلى رؤوس أموال كبيرة وهم الذين سمّاهم الأديب العالمي نجيب محفوظ بالقطط السّمان في روايته الشهيرة التي تحمل نفس الإسم. تبدو الحقيقة موزّعة بين الموقفين فالعراء دون توظيف فنّي يخدم مضمون العمل يصبح سمجا وإثارة مجانية وأشبه باللحم الرخيص الذي يباع على قارعة الطريق ولا نظنّ سامي الفهري يعيش في هوليود حتّى لا يعرف قيم المجتمع التونسي العربية الإسلامية وخصوصا مكانة شهر رمضان عند عموم العائلات التونسية كما لا نخاله يتناسى دور الفنّ في الارتقاء بالوعي الجماعي من الموجود إلى المنشود .إنّ المبالغة في مشاهد العلاقات غير الشرعية واعتبار من يتمسّك بالعفاف والطهارة متخلّفا وساذجا غير مواكب للعصر «كما في شخصية مراد» والتركيز على شخصية «دالي» كشخص متهوّر وانتهازي وخائن ومحبوب من الفتيات تجعلنا نسأل : ما نوع التونسي الذي نريد أن نقدّمه نموذجا للمشاهدين ؟ الحلقات السبع الأولى ركّزت على شخصيّة «يوسف» الذي يشير وجوده إلى السلطة والنفوذ وهو أشبه بعصابة الطرابلسية في العهد البائد حيث يسعى جميع رجال الأعمال للتقرّب منه لقضاء مصالحهم وتجاوز القوانين, وحسنا فعل المخرج بإثارته لمعاناة العائلات التي شرّدتها مافيا المال والفساد , ولعلّه قد يشير دون أن يدري إلى معاناة آلاف العائلات من المساجين السياسيين الذين ذاقوا الويلات من زوجات وأبناء وحتّى أقارب. أحداث المسلسل تدور حول مشاكل الأثرياء الجدد لذلك نجد الديكور الجميل والإبهار والملابس الفاتنة والقصور الفخمة فنحن بعيدون عن مشاكل التخلّف والفقر . هذه قراءة أولى للمسلسل في تفاعل مع ردّة فعل التونسيين حوله دون أن ننسى الاكتشافات الجديدة كالظّهور المميّز للإعلامية المتألقة مريم بن حسين في دور «ملاك» والتي أكّدت جدارتها بعالم التمثيل في انتظار تشابك الأحداث مع زوج المستقبل «مراد» من خلال تقلّبات مثيرة.