أعلنت نهاية الأسبوع الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد ومصنع التبغ بالقيروان أنه طبقا لقرار من وزارة المالية بصدد النشر، وقع الترفيع في سعر السجائر الوطنية والأجنبية. ويأتي الترفيع في سعر السجائر- أحد أهم مصادر الجباية المباشرة - بعد أيام من استقالة حسين الديماسي وزير المالية احتجاجا على السياسة المالية والنقدية لحكومة الجبالي وهو ما أثار تخوفات من أن تتالي موجة الترفيع في الأسعار لتطال مواد أخرى على غرار المحروقات والمواد الأساسية المدعمة التي تكبّد الدولة 2837.5 مليون دينار أي ما يمثل ٪12.4 من جملة الميزانية . ورغم أن آخر تعديل لأسعار السجائر يعود إلى أكتوبر 2011 فقد أكدت مصادر المالية مطلع السنة أن العام الجاري لن يشهد تعديلا في أسعار التبغ والمشروبات الكحولية بدعوى أن الدولة تتكبد خسائر ب200 مليون دينار بسبب إقبال التونسيين على السجائر المهربة ، وذلك رغم ما واجهته من انتقادات لعدم تضمن قانون المالية الأصلي أو التكميلي لأية تعديلات على الأداء الموظف على التبغ والكحول مقابل تفكيرها في الترفيع في أسعار المحروقات (الذي رفضته جل الكتل البرلمانية). غير أن تراجع الحكومة عن موقفها يبرز جليّا أن التعديل في سعر السجائر قد أملته الضغوطات الكبرى المسلطة على ميزانية الدولة وصندوق الدعم، مما جعل هذه الأخيرة تبحث عن قنوات جديدة لتعبئة موارد الدولة بالترفيع في بالمواد المدرّة للجباية على غرار التبغ من جهة والتعجيل بالتفويت في المؤسسات المصادرة من جهة ثانية. وإزاء هذه الوضعية تبقى فرضية الترفيع في أسعار المحروقات واردة خاصة أن قانون المالية اقترح رفع أسعار المحروقات على دفعتين. وسبق أن أعلن وزير الصناعة محمد الامين الشخاري عن إمكانية تعديل أسعار المحروقات مشيرا إلى ضرورة الموازنة بين ميزانية الدولة وارتفاع سعر برميل النفط عالميا وإلى أن التعديل الجزئي في أسعار المحروقات لن يحل مشكل الميزانية باعتبار أن دعم المحروقات قد بلغ في 2011 أكثر من 1400 مليون دينار . لكن يبدو أن نية الحكومة تتجه حاليا نحو الابتعاد قدر الإمكان عن الترفيع في أسعار المواد الأولية الأساسية التي تمس قفة المواطن مباشرة ولا سيما الفئات الضعيفة والتركيز على ما يسمى بمواد الكمالية وهي سياسية معتمدة في جل دول العالم ولاسيما منطقة الأورو التي تصنف فيها أسعار السجائر الأرفع في العالم. فهل اختارت الحكومة بالترفيع في سعر التبغ أخف الضررين أم هي فقط بداية لقائمة قد تطول ؟