التظاهرات الرياضية أصبحت في منطق الدول مناسبة لاستعراض العضلات في جل المجالات من الرياضة وهي المنطلق إلى القدرة الأمنية وهي بيت القصيد فمن خلال الأمن توجه رسائل اغراء للمستثمرين وهي الغاية الاهم لمثل هذه المواعيد الرياضية التي اذا كان ظاهرها رياضة فان باطنها اقتصاد ولا شيء غيره. وتزاحم البلدان من اجل احتضان الأولمبياد او المونديال تحكيه مؤشرات النمو التي تقدر بنقطة اضافية في السنوات السابقة للحدث لتبلغ ما بين 6 و12 نقطة في سنة التنظيم على ان تكون بمعدل نقطتين في السنوات الموالية للتنظيم ومثل هذه الارباح تقتضي توفير جميع الضمانات واهم روافدها ما هوأمني بامتياز. والحالة تلك ليس غريبا ان زرت لندن هذه الأيام وتجد نفسك محل تفتيش عند كل نقطة عبور مرفوقة بابتسامة ' تجارية خالصة ' مع تحية ان وجب الأمر.. فلا مجال للمرور دون ان تخلع حتى ملابسك إن اقتضى الأمر.. جيوبك تفرغها بالكامل واذا كانت معك قارورة ماء فلا بد من سكب ما فيها في جوفك وان كنت من الصائمين فإن مصيرها سلة المهملات .. ومن يصدق ان ما في القارورة ماء للشرب فقد يكون سائلا للاعتداء على الاشخاص والممتلكات.. وعليه علامة قف دوما تلاحقك وبكل كياسة انقليزية خالصة.. وهذه الكياسة حتى عند الخروج حيث لا بد من التثبت من الهوية فصور اللاعبين والمسيريين والناس اجمعين الوافدين على العاب لندن صورهم في كل باب وكل مدخل وكل منفذ للدخول مهما صغر.. ففي كل بوابة تجد التدابير المعتمدة في المطارات الدولية من سكانير وتفتيش جسدي.. وهو ما يشمل الجماهير ان اقتضى الحال والدليل دعوتهم للحضور إلى المواقع الأولمبية والملاعب مبكرين لتفادي الطوابير، مع التشديد على منع بعض الآلات الموسيقية لاسيما «البوبوزيلا» الجنوب إفريقية. كما أبلغت اللجنة أنها تمنع ارتداء أي «ثوب أو مادة تحمل رسالة أو دلالة سياسية أو تجارية»، فإن كنت من عشاق أو أنصار شي غيفارا لا داعي لارتداء قميص عليه صورة للزعيم الجنوب الأمريكي الماركسي الشهير. وتمنع في مدرجات الملاعب والمواقع الرياضية اللافتات التي يتجاوز حجمها مترا على مترين. والاجتهاد في المجال الأمني سببه ما يلاحق الانقليز من تهديد ووعد ووعيد وهو ما اثار المخاوف فالأمريكان انفسهم وهم أكبر الحلفاء عبروا في وقت من الأوقات عن عدم الرضى وهوما جعل بريطانيا تعزز القدرات الأمنية تحسبا لكل طارئ ارضا وجوا وبحرا وهوما زاده تاكيدا وزير الدفاع البريطاني فيليب هامون الذي لم يكن خافيا عليه عدم الرضى الأمريكي حول الظروف الأمنية لأكبر تظاهرة في المعمورة.. وهوما جعل وزير الدفاع يزيد تاكيدا على ان الجيش الانقليزي وفر جميع سبل الاحتياط جوا وارضا إلى حد استخدام الصواريخ الموجهة وهو ما تلجا اليه بريطانيا لاول مرة منذ الحرب العالمية الثانية.. فلم تتردد السلطات في نشر صواريخ على أسطح مباني عدة أحياء سكنية لما تتيحه من «رؤية ممتازة للمنطقة المحيطة والأجواء كلها فوق المتنزه الأولمبي». والهدف من ذلك تفادي وقوع عمليات إرهابية قد تسارع إلى تنفيذها جماعات مسلحة مثل الجماعات الإرلندية المعارضة للسلام في محافظة أولستر أو منظمات إرهابية مثل «القاعدة»، خاصة أن اعتداءات 7 جويلية 2005 التي خلفت 56 قتيلا ومئات الجرحى ما زالت في ذاكرة البريطانيين.. ورغم الاستنفار الواضح فقد تسلل احد عناصر حركة «الشباب» الصومالية، المقيم في لندن، تمكن من دخول المنتزه الأولمبي الممنوع لما كان ممنوعا على العامة خمس مرات مما أدى إلى الارتباك والتساؤل في الأوساط الأمنية والإعلامية. وهو ما يبرر قرار وزارة الدفاع نشر 3500 جندي إضافي في لندن ليصل العدد الإجمالي إلى 17 ألف جندي من مجموع 40 ألف شخص سيسهرون على ضمان أمن الألعاب الأولمبية. وتحلق في سماء لندن طوال الألعاب طائرات حربية ومروحيات على متنها قناصون عسكريون. واذا تلاحقت المخاوف من اهل السياسة فان اهل الرياضة بدوا على عكسهم حيث فند كريس اليسون كل المخاوف حتى في ظل تاكيد زرع صواريخ في المواقع المتاخمة للقرية الأولمبية وهوما أثار مخاوف المواطنين من سكان لندن الذين اعتبروا انفسهم محل تهديد من هذه الصواريخ مع تفتق قريحة الظرفاء في الاسترسال في النكت المضحكة والانتقادات والتعليقات الساخرة. وسياسيا انتقد «حزب العمال» المعارض تدابير السلطات مشيرا إلى أن التعزيزات الأمنية في محيط المواقع الأولمبية من شأنها خلق تهديدات على الأمن في المطارات، فيما ظل بعض سكان لندن يخشون عودة أعمال الشغب إلى العاصمة البريطانية في إشارة إلى أحداث الصيف الماضي التي هزت عدة مدن عقب مقتل شاب في ال29 من العمر على يد الشرطة اللندنية. والحديث عن النجدة الأمنية سربت له اخبار اسرائيلية ملحة تحدثت عن ارسال اسرائيل عناصر من جهاز الأمن الداخلي «الشين بيت» إلى لندن لحماية الوفد الرياضي الإسرائيلي المشارك في دورة الألعاب الأولمبية بل ان إيهود باراك وزير الدفاع الاسرائيلي أشار إلى أن الاستخبارات الاسرائيلية في حالة تأهب بعد الهجوم الأخير الذي استهدف اسرائيليين في بلغاريا ووجود الموساد في لندن اكدته الصحافة البريطانية والغرض ليس حماية الوفد الاسرائيلي بل البحث عن إرهابيين. وما بدا على الانقليز من استنفار وصل إلى حد التهكم والانتقاد حيث وصف أحد صحافيي جريدة «ديلي تلغراف» مدخل المنتزه الأولمبي شرقي العاصمة البريطانية لندن. قائلا إن «الموقع آمن أكثر من أي موقع آخر في العالم»، باستثناء ربما قاعدة «فورت نوكس» العسكرية (الواقعة بولاية كنتاكي، شرقي الولاياتالمتحدة)، وهي مستودع لاحتياطي الذهب في البلاد يسهر على حمايتها جيش من الحراس على مدار الساعة.