عمد الإعلام الإيراني الرسمي إلى تزوير خطاب الرئيس المصري محمد مرسي أمام قمة عدم الانحياز في طهران, خلال ترجمة كلامه من العربية إلى الفارسية, حيث حذف منه أسماء الخلفاء الراشدين, وأضاف إليه البحرين, وقلب الموقف من الأزمة السورية من مؤيد للثورة إلى مؤيد للنظام. واستنكرت وسائل الإعلام هذا التزوير الذي لجأ إليه المترجم للتلفزيون الإيراني الرسمي والقناة الأولى, بهدف جعله متطابقاً مع مفردات خطاب النظام الإيراني, حيث تحدث الرئيس المصري عن الشعب السوري، وتمت ترجمته إلى الشعب البحريني. ولم يكتف الإعلام الإيراني بذلك بل قام بحذف أسماء الخلفاء الراشدين -رضي الله عنهم- الذي ذكرهم الرئيس المصري في بداية كلمته. وخلال ترجمة الخطاب, امتنع المترجم بصورة مربكة عن ذكر أسماء الخلفاء الراشدين, في خطوة وصفها موقع “تابوشنكي” الايراني الناطق بالفارسية ب”الإجراء السخيف”. وأكثر من ذلك, فإن مضمون موقف مرسي من الأزمة السورية انقلب رأساً على عقب، ففي حين شدد على ضرورة التضامن مع “نضال أبناء سورية ضد نظام قمعي فقد شرعيته” ووصل إلى حد تشبيه هذا النظام بإسرائيل وممارساتها ضد الفلسطينيين فإن المترجم اختلق عبارات ونسبها إلى الرئيس المصري ناقلاً عنه قوله “هناك أزمة في سورية وعلينا جميعاً أن ندعم النظام الحاكم في سورية وينبغي أن تستأنف الإصلاحات في سورية ومنع أي تدخل أجنبي. هذا هو موقفنا”. وأكدت مصادر إيرانية أن التزوير الذي لجأ إليه النظام الإيراني هو للاستهلاك المحلي بهدف خداع الرأي العام الإيراني وإيهامه بأن الثورات العربية, ومصر في مقدمها, تتماشى مع خطاب طهران الرسمي. وما يؤكد ذلك أن المترجم لجأ إلى استبدال عبارة “الربيع العربي” التي وردت على لسان مرسي بعبارة “الصحوة الإسلامية” التي تستخدمها طهران, بهدف إيهام الرأي العام أن الثورات العربية هي امتداد لثورتها الإسلامية العام 1979. من جهته, قال أميد مقدم, الناشط الإعلامي الإيراني لموقع “العربية” الالكتروني, إنه سمع ثلاث مرات اسم البحرين في الترجمة الفارسية الفورية لخطاب مرسي الذي تم بثه على القناة الأولى للإذاعة والتلفزيون. وعبر عن استغرابه من هذا الأسلوب الذي وصفه بالتزوير المتعمد والفج والساذج. وفضلاً عن خطاب مرسي, ذكرت وسائل إعلام إيرانية أنه تم تحريف خطاب كل من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون, ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة ناصر عبدالعزيز بشأن الأزمة السورية. ومن جهة اخرى استدعت البحرين القائم بالأعمال الإيراني مهدي إسلامي وسلمته مذكرة احتجاج رسمية على ما بثه التلفزيون الرسمي الإيراني أثناء خطاب الرئيس المصري محمد مرسي خلال الجلسة الافتتاحية للقمة السادسة عشر لحركة عدم الانحياز. وقالت الخارجية البحرينية إن وضع اسم البحرين بدلاً من اسم سوريا خلال الخطاب يعد إخلالاً وتزويراً وتصرفاً إعلامياً مرفوضاً، ويشير إلى قيام أجهزة الإعلام الإيرانية بالتدخل في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين، وخروجاً عن القواعد المتعارف عليها. وطالبت الخارجية البحرينية الحكومة الإيرانية بالاعتذار عن التصرف واتخاذ الإجراءات اللازمة حياله. وكان المترجم بالتلفزيون الرسمي الإيراني قد عمد خلال ترجمته لكلمة الرئيس مرسي بالقمة، لتغيير مفردة "سوريا" بخطاب مرسي إلى مفردة "البحرين" فضلا عن عبارات أخرى، الأمر الذي أثر بشكل كبير على مضمون كلمة مرسي التي تعكس موقفه من الأزمة السورية. وكانت معظم النقاط التي جرى فيها تحريف خطاب الرئيس المصري تتعلق بالملف السوري، فعندما قال مرسي "إن الشعبين الفلسطيني والسوري يناضلان من أجل الحرية والعدالة والكرامة" سمعها الإيرانيون على تلفزيون بلادهم الرسمي "إن شعبي فلسطين والبحرين يناضلان للحرية". وعندما ذكر مرسي تسلسل ثورات ربيع العرب بدءا بتونس مرورا بمصر وليبيا واليمن وانتهاء بسوريا، حرف المترجم سوريا إلى البحرين وحول مفردة "الربيع العربي" إلى "الصحوة الإسلامية". وامتد التحريف لمقاطع أخرى، أبرزها ما قاله مرسي عن حق النقض (فيتو) الذي استخدمته كل من روسيا والصين لمنع صدور أي قرار من مجلس الأمن الدولي ضد نظام الأسد، فحين قال مرسي "إن الفيتو شل يد مجلس الأمن عن حل الأزمة السورية" تُرجمت في تلفزيون إيران الرسمي إلى "الفيتو شل يد مجلس الأمن عن حل أزمات التحولات الشعبية". وحين قال مرسي "إننا نتضامن مع الشعب السوري ضد الظلم والقمع" نقلها المترجم "نحن نتضامن مع الشعب السوري ضد المؤامرة الموجهة ضد هذا البلد" وكذلك عندما قال الرئيس المصري إن "وحدة المعارضة السورية ضرورة" نقلها المترجم "نأمل ببقاء النظام السوري المتمتع بقاعدة شعبية". وقد دعا أستاذ الإعلام والخبير في تحليل الخطاب السياسي الدكتور محمد شومان مصر للتقدم باحتجاج رسمي عن هذا التشويه الذي يسيء للعلاقات بين الشعبين المصري والإيراني والشعبين المصري والبحريني. واعتبر في تصريحات للجزيرة أن ما حدث ليس خطأ بالترجمة وإنما فضيحة إعلامية وأخلاقية وسياسية، تكشف عن السلوك الممنهج من أجل تزييف وعي وإدراك الرأي العام داخل إيران، ووصف الحادثة بأنها "عملية غسيل مخ، وتذكر بالدعاية السوداء المباشرة التي كانت تمارس خلال الحرب