شهدت معتمدية «الجريصة» من ولاية الكاف خلال الليلة الفاصلة بين الاثنين والثلاثاء مواجهات عنيفة ودامية بين قوات الأمن ومجموعات من الشباب الغاضبين، تواصلت الى ساعات متأخرة من الليل وتم خلالها التراشق بالحجارة، كما قام الأمن باستعمال مكثف للغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين وفضّ الاشتباكات. وأكد بعض أهالي الجريصة ل «التونسية» أن ما عاشته المدينة ليلة الثلاثاء يعود الى حالة الاحتقان والغليان التي تعيشها المنطقة منذ وفاة الشاب «عبد الرؤوف الخماسي» اثر ايقافه في مقر فرقة الشرطة العدلية للتحقيق معه في قضية سرقة. وقال «ربيع. خ» ان المدينة عاشت ليلة رعب مضيفا: إثر جنازة المرحوم عبد الرؤوف الخماسي، تجمع الأهالي في تحرك سلمي تعبيرا عن سخطهم تجاه ممارسات وزارة الداخلية، ونادى الجميع بضرورة القطع مع أشكال القمع والظلم، حتى أن البعض منهم حمل شعارات مناهضة للتعذيب. وقد حضرت معنا مجموعة من مكونات المجتمع المدني وممثلون عن الأحزاب مثل «وحيد الهنودي» من حركة البعث و«رضا مسعودي» عن «حركة الشعب» إلا أننا فوجئنا وسط المدينة باطلاق الأمن للغاز المسيل للدموع، دون سابق انذار وبطريقة مكثفة، وانطلقت منذ تلك اللحظة موجة الاعتقالات والاعتداءات من طرف الأمن ضد الجميع». وأضاف محدثنا: «لقد كانت التعزيزات الأمنية كثيقة وطالت الاعتداءات المسنين والنساء والأطفال حيث كان الأمن يطلق الرصاص المطاطي على أرجل المتظاهرين وأصابت القنابل المسيلة للدموع أجسادهم مما خلف عدة اصابات، علاوة على ذلك فقد عمد بعض أعوان الأمن الى التصعيد وقاموا بالقاء الغاز على عدة أحياء سكنية، مثل حي «حشاد الجنوبي» وحي علي بن خليفة، مما تسبب في حالات اختناق في صفوف الأطفال الصغار والنساء والرضع.. صراحة لم نتخيل «سيناريو مماثل». من جهته أكد «وحيد الهنودي»، عضو حركة «البعث» أنه كان حاضرا في الجنازة ثم بالصفوف الأمامية للمسيرة التي انطلقت اثر دفن «عبد الرؤوف الخماسي» قائلا: «لقد سبق أن اتفقنا مع الشباب على أن يكون التحرك سلميا وأن نحافظ على مؤسساتنا وكان شعارنا «لا للحرق ولا للتكسير» وقد كان الأمر كذلك، الا أننا فوجئنا بالأمن الذي بادر باطلاق القنابل المسيلة للدموع، كما استعملوا العنف الشديد لتفريقنا وأغرقوا المدينة في ظلام دامس حتى أن الاعتقالات كانت عشوائية وطالت الجميع. وأضاف وحيد: «إن تواجد الأمن شكل استفزازا لأهالي المنطقة وقد اجتمعنا بالمعتمد ورڈئيس منطقة الأمن ووعدانا باطلاق سراح الموقوفين وبسحب قوات الأمن من وسط المدينة نظرا لما يشكله حضورها من استفزاز للأهالي». معتمد المنطقة على الخط أما معتمد المنطقة فقد بيّن أن المحتجين تحرّكوا تنديدا بالتعذيب الذي تعرض له المرحوم «عبد الرؤوف الخماسي»، وقد كانوا في حدود ال 200 شخص دخلوا في مناوشات مع الأمن، قائلا: «نحن بصدد متابعة الوضعية وحاولنا تشريك مجموعة هامة من مكونات المجتمع المدني وممثلين عن الأحزاب ليتدخلوا لتهدئة الوضع وبقطع النظر عن الحزب الحاكم أو غيره، نحن نقول إن ما صدر من أعوان الأمن بالعدلية هو تصرف أحادي لا تتحمل وزارة الداخلية مسؤوليته، وان اللذين تجاوزوا القانون وقاموا بالاعتداء على «عبد الرؤوف الخماسي» هم اليوم رهن الايقاف في السجن». وأضاف محدثنا: «لقد سبق أن التقيت بأهالي المتوفي وأخبروني انهم لا يريدون تسيسس المسألة وأنهم ملتزمون بالقانون، يريدون حق ابنهم ورافضون ل«الشوشرة».. صراحة لم يقع تكسير ولا اعتداء على المؤسسات من قبل المحتجين، هم شباب لم يتجاوز سنهم ال18 سنة ينقصهم التأطير قد يكون تحركهم تعاطفا مع ابن الجهة، أو ان مندسين بحثوا عن تسييس القضية لكننا نقول ان القانون فوق الجميع». إدارة الأمن توضح في تصريح لاحدى الاذاعات الخاصة، صرح الناطق الرسمي للادارة العامة للأمن الوطني، السيد «محمد علي العروي» ان الاحتجاجات في منطقة «الجريصة» اندلعت إثر جنازة دفن «عبد الرؤوف الخماسي» الذي توفي بعد تعرضه لارتجاح في المخ اثر ايقافه الأسبوع الماضي من قبل أعوان أمن في منطقة سيدي حسين. وذكر «العروي» ان المحتجين حاولوا الهجوم على المركز وحرقه وقاموا برمي الحجارة والزجاجات الحارقة وهو ما تطلب تدخل الأمن لفرض القانون وحماية المؤسسات. وقد حاولت «التونسية» مرارا الاتصال بوزارة الداخلية لمعرفة حيثيات ما وقع بمعتمدية «الجريصة» الا أننا لم نتحصل على ردّ. أحزاب تندد على إثر الأحداث التي شهدتها الجريصة أبدت مجموعةمن الأحزاب امتعاضها مما صدر من عنف من قبل الأمن، وأصدرت «حركة البعث» و«حركة الشعب» و«حزب العمال» و«الوطد» والاتحاد العام التونسي للشغل اضافة الى تنسيقية اتحاد اصحاب الشهائد المعطلين عن العمل بيانا مشتركا وصفت من خلاله الوضع بالكاراثي ونددت بالاستعمال المفرط للقوة من قبل اعوان الامن ضد المحتجين وترويع الاهالي وتعريض حياتهم للخطر حسب ما جاء في البيان مبدية رفضها للاعتقالات العشوائية التي تمت بالمدينة والمداهمات للمنازل والأحياء معبرة عن وقوفها مع أهالي الجهة ضد التعذيب وطالبت قوات الأمن بالانسحاب وباطلاق سراح الموقوفين اضافة الى ضرورة فتح تحقيق جدي في عملية القتل التي ذهب ضحيتها احد شباب المدينة وتحديد المسؤوليات.