أكد الموقع الالكتروني (ArgusImmo.tn) المتخصص في متابعة السوق العقارية بتونس أن أسعار العقارات شهدت خلال شهر أوت الماضي ارتفاعا بنسبة 0,29 بالمائة في كامل أنحاء الجمهورية. كما شهدت الأسعار حسب نفس المصدر منذ بداية العام الجاري ارتفاعا ب1,11 بالمائة عموما ، وهي نسب تختلف من منطقة إلى أخرى حيث تحتل عقارات الضواحي الشمالية للعاصمة وبعض المدن الساحلية المرتبة الأولى في قائمة العقارات التي تشهد أسعارها ارتفاعا متواصلا ذلك أن نسبة الزيادة بلغت في بعض المناطق 20 بالمائة في ظرف وجيز. ويرجع المحللون الاقتصاديون الارتفاع الصاروخي لأسعار العقارات في السنتين الأخيرتين إلى عدة أسباب أهمها هجرة رؤوس الأموال من القطاعات الصناعية المحفوفة بالمخاطر نحو الاستثمار في هذه النوعية من الأنشطة الاقتصادية المصنفة ضمن الاستثمار الآمن مقارنة بأنشطة أخرى تأثرت بالأحداث التي تلت الثورة إلى جانب سهولة الانتصاب في القطاع باعتبار أن القوانين المنظمة للنشاط العقاري لا تشترط إلا مبلغ 150 ألف دينار لتأسيس شركة عقارية. كما يرجع ارتفاع الأسعار في سوق العقارات إلى تزايد الإقبال على الشقق الجاهزة، والبناء العمودي بمختلف أصنافه، وهوما جعل سعر المتر مربع يمر في ظرف وجيز من 900 دينار إلى حدود ال1200 دينار في معظم المدن ليرتفع إلى حدود 3000 دينار في بعض مناطق الضاحية الشمالية للعاصمة. ويعلل الخبراء المهتمون بالشأن العقاري ارتفاع أسعار الشقق أيضا بدخول الأجانب على الخط وذلك إثر تدفق آلاف العائلات الليبية بعد الثورة التي استقر أغلبها في مدن تونس الكبرى وضواحيها وأعرب عدد كبير منها على نيتهم امتلاك مسكن في تونس. وقد أكدت مصادر «التونسية» أن ولاية تونس أسندت 48 ترخيصا لامتلاك عقارات من قبل رؤوس أموال أجنبية، وأن 66 ملفا لا تزال قيد الدرس، وذلك منذ بداية سنة 2012 ، وقد شهد العام الجاري إقبالا كبيرا على المضاربة في عقارات الضاحية الشمالية للعاصمة وضفاف البحر، ويحتل الليبيون المرتبة الأولى في طلبات امتلاك العقارات والاستقرار في تونس، ويأتي بعدهم الجزائريون ثم يأتي الفرنسيون في مرتبة ثالثة إلى جانب احتلال بعض الشركات السعودية المهتمة بسوق العقارات التونسية مرتبة مهمة في هذا المجال. ويرى الخبراء في القطاع أن هذا الأخير ورغم الارتفاع الكبير للأسعار يعيش فترة انتعاشة كبرى مما جعل السمسرة العقارية في أحسن أحوالها، حيث تصنف سوق العقارات حاليا من أهم الأنشطة المشغلة في تونس، خاصة من أصحاب الكفاءات المهنية والمهارات المختلفة من حدادة ونجارة وبناء وغيرها، كما تصنف من أكثر القطاعات المنشطة للاقتصاد الوطني، غير أن سلطة الإشراف باتت مدعوة إلى الحفاظ على الرصيد العقاري من الأراضي الصالحة للبناء في ظل السماح القانوني للأجانب بحرية امتلاك العقارات، حتى لا يضر التفويت بمصلحة التونسيين العاديين، سواء على مستوى الأسعار أو على مستوى العرض، باعتبار أن المضاربة يمكن أن تنعكس سلبا في مرحلة متقدمة على أسعار العقارات البيضاء، وهوما قد يلحق أضرارا بالعائلات المتوسطة الأحوال. وتجدر الإشارة إلى أن الاقتصاد الوطني يعوّل على قطاع العقارات لاستعادة جزء مهم من النمو خلال الفترة المقبلة؛ فقد قدم المجال العقاري استثمارات في حدود 14 في المائة من مجموع الاستثمارات التونسية، كما مكن سنة 2010 من توفير ما لا يقل عن 12.6 في المائة من القيمة المضافة الجملية وهو ما جعل القطاع ذا وزن اقتصادي من غير المقبول التخلي عنه خلال مرحلة موسومة بالتذبذب في اتخاذ القرار بالاستثمار في مجالات استثمارية أخرى.