قدّم الرئيس منصف المرزوقي وزعيم حركة «النهضة» الشيخ راشد الغنوشي الائتلاف الثلاثي الحاكم في تونس بوصفه مثالاً جيداً لطريقة تعايش الإسلاميين مع العلمانيين في بلدان الربيع العربي. وجاء موقفهما أمام معهد «تشاتام هاوس» في لندن أمس على هامش الاحتفال بتسليمهما جائزة المعهد لعام 2012. وشدد المرزوقي على أن تجربة الحكم في تونس التي تقوم على «ترويكا» تضم حزبا إسلاميا (النهضة) وحزبين علمانيين (التكتل والمؤتمر)، تدخل في إطار استراتيجية لإقامة تحالف وسطي يحافظ على التقاليد الإسلامية للشعب التونسي وفي الوقت ذاته على معالم التمدّن التي تعرفها البلاد. وقال إن تونس اليوم بمثابة «مختبر» لطريقة الحكم في العالم العربي. وأكد أن «الترويكا» الحاكمة ستعمل على إنجاح مثال الثورة التونسية، على رغم التحديات العديدة التي تواجهها. أما الغنوشي فقال إن بريطانيا وفّرت له ولغيره الحماية خلال السنوات الطويلة التي قضاها لاجئاً على أرضها فاراً من نظام الرئيس المخلوع إلى جانب أنها أمنت له ولأنصاره فرص التعلم في أفضل الجامعات. وأشاد الغنوشي بالمرزوقي ووصفه بأنه «رفيق الدرب في الكفاح ضد الاستبداد» خلال إقامتهما معاً لاجئين في المنفى (هو في بريطانيا والمرزوقي في فرنسا). وقال إنه تم التوافق مع المرزوقي (والتكتل الذي يقوده رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر) على إقامة تحالف «يجمع الإسلاميين المعتدلين والعلمانيين المعتدلين»، معتبراً أن هذه التجربة هي الأولى من نوعها في الدول العربية وأن نجاحها سيساعد في تعزيز الديمقراطية فيها. وأضاف أن نجاح التجربة التونسية هو نجاح أيضاً للضفة الشمالية للبحر المتوسط (أوروبا) لأنه يساعد في التصدي للإرهاب وفي مكافحة الهجرة غير الشرعية. وأضاف أن قيادة الإسلاميين لحكومات في العالم العربي لم تؤد إلى التأثير سلباً في العلاقات مع أوروبا بعكس ما كان يتم الترويج له، قائلاً إن العلاقة مثلاً بين تونس وأوروبا ارتقت إلى «شراكة مميزة» رغم أن الحكومة يقودها إسلاميو «النهضة». وأشار إلى أن حركة «النهضة» قدّمت تنازلات بهدف إنجاح التجربة التونسية، لافتاً إلى أنها وافقت على عدم إدراج الشريعة في الدستور، وتنازلت عن نوع النظام السياسي (البرلماني) الذي تريده ووافقت على نظام قريب من النموذج البرتغالي. وتناول الغنوشي تنامي قوة المتشددين الإسلاميين، قائلاً إن التعامل معهم يتم على أساس محاورتهم وتشجيعهم على الانخراط في الدولة، وأن من يصرّ منهم على استخدام العنف سيجد القانون له بالمرصاد. وشدد المرزوقي، في رده على أحد الأسئلة على ضرورة الإسراع بالبتّ في الدستور وإجراء الانتخابات ملاحظا أن تحسين الوضع الاقتصادي يحتاج إلى استقرار سياسي. وقال إنه يأمل في البتّ في مسألة الدستور بحلول فيفري المقبل على أن تُجرى الانتخابات بحلول الصيف جوان. وقال إنه يعارض أن يتم إدراج مسألة تجريم التطبيع مع إسرائيل في الدستور التونسي الجديد، مشيراً إلى أنه يدعم حق الفلسطينيين في دولتهم وعاصمتها القدس. أما الغنوشي فأعلن تأييده لثورة الشعب السوري ضد نظام الرئيس بشار الأسد الذي وصفه ب«الدكتاتوري». وأيد موقفه هذا الرئيس المرزوقي الذي قال إنه أبلغ نظيره الإيراني محمود أحمدي نجاد بأنهم يرتكبون خطأ كبيراً في دعمهم نظام الأسد. وقال إن دعم الإيرانيين للنظام السوري سيؤثر على مصالحهم في العالم العربي، مؤكداً أن «الطاغية الدكتاتور سيسقط.. (الأسد) لن يفلت من مصيره، مصير الدكتاتوريين». وقال إنها لم تكن استلهاماً للثورة الإيرانية، بعكس ما يقول القادة الإيرانيون، مشيراً إلى أن الثورة التونسية كانت سلمية بعكس ما حصل في إيران، كما أنها تنادي بدولة مدنية وليس دينية.