بدأت الجدّيات في بطولة الرابطة المحترفة الأولى وبدأت من ورائها عودة الرّوح تدبّ إلى المدارج الخالية...مرور رئيس الإفريقي الجديد بجلسات التنصيب وحتى وصوله إلى صدارة الأحداث كان على غفلة من الجميع بما أن الكّل كان منشغلا حينها بالحراك السياسي المحتدم في البلاد كما أنّ حظر الويكلو المرفوع على كامل ملاعب الجمهورية جعل تدّفق الرجل بين ثنايا العناوين أسهل من خروج الشعرة من العجين... الرياحي كان معزولا عن صيحات ومطالب الجماهير لذلك وجد الفرص سانحة لتسويق وعوده وطمأنة أنصاره بين الفينة والأخرى دون المرور فعليا من مجرّد الكلام إلى حقيقة الأفعال والأقدام... اليوم ومع احتدام السباق وعودة النشاط وتسرّب الصيحات سواء داخل أسوار مركّب الفريق أو في ملاعب العاصمة عاد الحديث عن تقييمات موضوعية للعمل الذي يقوم به الرجل صلب الفريق ويبدو من خلال أولى التقييمات أنّ جماهير الإفريقي حنّت لهوايتها المفضّلة ولنواميسها الداخلية وعادت لتعلي اسم الإفريقي من جديد أعلى من الجميع مهما كانت التسميات والعناوين... جمهور الإفريقي كان وفيّا لطلباته المشروعة وجدّد رغبته في رؤية فريقه على منصات التتويج بعيدا عن مفردات المليارات والنجومية الزائفة... تعبير مشروع من جماهير لها كامل الشرعية في التعبير عن رأيها و ايصال صوتها طالما أنّ الشعب الذي طالما تغنّى به سليم الرياحي في وقت سابق يملك حقّ تقرير المصير... لكن بما أنّ الأصوات جاءت خلافا لما تشتهيه الأنفس خرج علينا سليم الرياحي هذه المرّة في ثوب مغاير متهما الجماهير التي عبّرت عن رفضها لسياسات الفريق الحالية بالابتزاز واصفا إياها بالمرتزقة المختفية وراء قطع قماش وبضعة حواسيب... كان هذا أوّل ردّ فعل طبيعي من رئيس الإفريقي الجديد على منتقديه وعلى بعض معارضيه الذين كانوا بالأمس القريب سببا مباشرا فيما وصل إليه اليوم وهذا دليل جديد على مزاجية الرجل وتأكيد جديد على افتقاده لأدبيات التسيير ولحنكة المسيّرين لأنّه ما كان ليقدم على الوقوف ندّا للندّ مع جمهور الإفريقي لو خبر جيّدا صيحاتهم قبل بزوغ فجر الويكلو... الرياحي زجّ بنفسه في معركة تبدو نتائجها محسومة والغلبة فيها ستكون حتما لأبناء الدار فهكذا علمّتنا التجارب... قد يكون سليم الرياحي غير مسؤول عمّا خطته أحرف حاسوبه بما أنّنا على يقين أنّ الرجل منشغل بما هو أهمّ من مداعبة حاسوبه أو التواصل مع جمهوره عبر صفحته الشخصية في الفايسبوك لكننا على يقين كذلك بأنّ ما عنونته صفحته الشخصية كان بدعوة منه فجيشه الإعلامي المختفي وراء الحاسوب لا ينطق على الهوى ولم يفقد أعصابه إلاّ بفعل فاعل... قد يكون من باب التجنّي أيضا أن تطالب الجماهير أكثر ممّا تحقّق إلى حدّ الآن بالنظر إلى ضيق الوقت وحداثة عهد الرجل بالفريق لكن في المقابل كان حريّا بالرئيس التزام الصمت والانتظار الى حين تنصفه الكرة ولا ان يجادل كأنّه صاحب الفضل في ديمومة الافريقي... سليم الرياحي دخل هذا العالم والناس نيام ونسي أن دوام الحال من المحال وأن كرة القدم تلعب على الميدان ولا على لافتات الحملات الانتخابية وأنّ الجماهير لا تعنيها البنية التحتيّة ولا الإدارة العصرية ولا فلسفة التجربة الفرنسية أو الإنقليزية كما يزعم البعض لأنّ كلّ ما يشغل البال هو الفوز والتتويجات أمّا ما تلا ذلك فهو مجرّد ثانويات... مشروع الإفريقي الكبير عنوان مثير لكنّه مجرّد حلم لا يسمن ولا يغني من جوع وجمهور الإفريقي الذي عانى الظمأ طيلة هذه السنين يريد استعادة بريقه المسلوب «توّة» وهذا من حقّه...أو ليست هذه شعاراتك يا «سي» سليم...؟؟؟