قال «فيصل الشريف» المؤرّخ والمحلّل العسكري ل«التونسية» ان تحرك المجموعات المسلحة في هذا الظرف ليس إعتباطيا بل هو مدروس، وأضاف أنه مباشرة بعد أحداث «سليانة» وبعد الإعلان عن الإضراب العام تحركت هذه المجموعات حيث تم مؤخرا في جهة فرنانة من ولاية جندوبة اكتشاف شاحنة محملة بالأسلحة والقنابل اليدوية والخرائط ثم جاءت أحداث منطقة «بوشبكة» الحدودية التابعة لمعتمدية فريانة من ولاية القصرين، ممّا ينمّ عن وجود متابعة دقيقة للوضع العام في البلاد ومحاولة استغلال للظرفية الأمنية لأن اغلب التحركات مدروسة وهناك تنسيق بين هذه المجموعات وتلك المتواجدة في الجزائر. وأضاف الشريف: «عادة ما يتواجد المسلّحون على «التّخوم» فتونس تبقى منطقة عبور لأن الحيّز الجغرافي محصور وتتكون البلاد من مجموعة من المدن وبالتالي هناك صعوبة في المرور من مدينة إلى أخرى والتراب التونسي ضيق ولا يسمح بتواجد هذه المجموعات لفترة طويلة». وقال: «نتذكر جيدا أحداث «سليمان» وكيف تم التفطن لتواجد المجموعات المسلحة بسهولة» وأضاف: «عادة ما تتخذ هذه المجموعات من تونس نقطة عبور إلى الجزائر لأن هناك يسهل التخفي تمهيدا للوصول إلى «مالي» التي تعتبر في الوقت الراهن «وكرا» للمجموعات المسلّحة». وأكدّ «الشريف» أنّه بعد الحرب في ليبيا، كان هناك فائض كبير من الأسلحة حيث تشير بعض المعلومات إلى ترويج أكثر من مليون قطعة سلاح، وأضاف أنّ الجهات المعنية باقتناء الأسلحة هي الجماعات الإرهابية المنتمية إلى تنظيم «القاعدة» وهي عادة ما تقتني الأسلحة الخفيفة من نوع «كلاشنكوف» وقاذفات من نوع «روكات» لأنه يسهل حملها وبالإمكان نقل ما بين 30 و40 قطعة وتسريبها عبر الحدود من ليبيا مرورا إلى تونس حيث تبقى مدة قصيرة قبل تهريبها إلى الجزائر. وقال «يتّم العبور عبر الحدود التونسيةالجزائرية لأنها أطول حدود في المنطقة الشمالية ب950 كلم وبالأخص عبر «جبال خمير» لأنّها أقل وعورة وعادة يتعذر دخول العناصر الأمنية إليها، وبالتالي تتّخذ المجموعات المسلّحة من «الجبال» مركزا للتدريب أو مكانا وقتيا في انتظار الفرصة المناسبة لعبور الحدود قبل الدخول إلى الجزائر». وأضاف: «لا يمكن في الوقت الراهن معرفة طبيعة المجموعات المسلّحة التي تم التفطن إليها في منطقة «بوشبكة» من معتمدية «فريانة»بالقصرين والتساؤل المطروح اليوم هو هل تتبع هذه المجموعات تنظيم «القاعدة» أو ما يعرف ب«الخلايا النائمة» أو هي مجموعات سلفية وقد تكون مجرد «جماعات حرّة» كانت تخطط للذهاب إلى مالي» وأضاف: «أنّ الحصول على معلومة دقيقة يكون بعد القبض على أحد العناصر المنتمية لهذه المجموعة». وردا على سؤال «التونسية» حول وسائل التفطن لمثل هذه المجموعات قال الشريف: «المسألة ليست قوة «عتاد» بل قوة معلومات استخباراتية والتساؤل المطروح اليوم: لماذا لا تصل المعلومات إلى رجال الأمن؟ فلو تم التفطن لهذه المجموعات المسلحة قبل دخولها التراب الوطني لما تكبّدنا خسائر بشرية وبالتالي قد يكون هناك خلل ربما بين الإستخبارات ورجال الأمن المتواجدين على الميدان». وأضاف: «لا بدّ من إعادة رسكلة القطاع الأمني وتحسين ظروف العمل بالأخص على الحدود فهل يعقل أن نفقد شابا لغياب واقيات الحماية؟». وقال «يجب العمل أكثر على توفير التجهيزات الضرورية والإحاطة بالأمنيين لأن ظروف العمل في المناطق الحدودية صعبة للغاية».