بعد تاخير لبعض الوقت في انتظار وصول المتهم الرائد بوحدات التدخل مراد الجويني من مقر ايقافه بالعاصمة انطلقت صباح اليوم الاثنين بالمحكمة الابتدائية العسكرية الدائمة بصفاقس اشغال الجلسة الحاسمة بالنسبة للقضية عدد 7394 والمتعلقة بشهداء وجرحى الرقاب في أحداث يوم 9 جانفي 2011 والشهداء الخمسة هم منال بوعلاقي ومعاذ الخليفي ورؤوف بوكدوس ونزار السليمي ومحمد جابلي و الجرحى وعددهم 11 هم زياد قراوي ونبيل القادري ونسيم الجلالي وبسام السليمي وسيف الله السليمي ومنصف زيني وعامر التقوقي وعادل الشابي وعاطف الخليفي وشادي العبيدي ومختار العكروتي وتواجد لسان القائمين بالحق الشخصي ولسان الدفاع عن المتهم مراد الجويني والمكلف العام بنزاعات الدولة الى جانب عدد من اهالي الشهداء والجرحى مقابل تواصل تحصن المتهم الثاني وهو الملازم اول بوحدات التدخل بسام العكرمي بالفرار . ولئن انكر المتهم الموقوف الرائد مراد الجويني التهم الموجهة اليه بالتسبب في القتل العمد ومحاولة القتل العمد مع اعترافه باطلاق النار في الهواء فان لسان القائمين بالحق الشخصي شدد في مرافعاته على ان ادلة ادانة المتهمين الاثنين قائمة من خلال الشهادات المتوفرة والقرائن المثبتة بمحاضر البحث وخاصة منها شهادات اعوان من وحدات التدخل تشير الى ثبوت استعمال الرائد مراد الجويني والملازم اول بسام العكرمي بمعية عون امن ثالث بزي مدني لسلاح جماعي من نوع " شتاير " وتصويبه بشكل مباشر نحو المتظاهرين واصابة عدد منهم في مقتل واصابة عدد اخر بجروج جراء الرصاص الحي واثار لسان القائمين بالحق الشخصي ايضا ما بدا لهم من تناقض واضح في تصريحات المتهم الموقوف مراد الجويني وتعمده ذكر روايات وهمية لتضليل العدالة ومحاولة توريط غيره وتبرئة نفسه وقام محامو الحق الشخصي بدحض هذه الروايات واعلنوا تمسكهم بطلباتهم المدنية مع التعليق على مشروع تنقيح القانون 97 واعتباره محاولة للالتفاف على حقوق الشهداء والجرحى . النيابة العسكرية تطالب بتسليط اشد العقوبات مرافعة وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية العسكرية الدائمة بصفاقس العقيد احمد الجبال ذهبت هي الاخرى في اتجاه تحميل مسؤولية جريمتي القتل العمد ومحاولة القتل العمد الى المتهم بحالة ايقاف مراد الجويني والمتهم بحالة فرار بسام العكرمي وقد لقيت ارتياحا لدى اهالي الشهداء والجرحى ومما جاء في مرافعة العقيد قاضي احمد الجبال ان مدينة الرقاب كانت قلعة ناضل ابناؤها ضد الاستعمار الفرنسي وصعدوا الجبال وناضلوا من اجل طرد المستعمر وتحرير الارض ثم ها هي الرقاب تساهم مرة اخرى بشكل فعال في ثورة الحرية والكرامة واسقاط نظام الفساد والاستبداد . وجاء في المرافعة ايضا ان الشهداء والجرحى رووا بدمائهم الزكية تراب الوطن وكانوا كالبركان الذي فجر الثورة ولا يمكن لاي حكم مهما كانت درجته او مدته او قيمته المالية ان يعوض لاهاليهم حرقة الفراق وذكر وكيل الجمهورية احمد الجبال في مرافعته بوقائع قضية الرقاب. وتجدر الاشارة الى ان الملازم اول بسام العكرمي كان بحالة سكر وقد اعتدى على احد ابناء الرقاب مما اثار حفيظة الاهالي لتتصاعد الاحتجاجات والتظاهر امام مركز الشرطة وتم لاحقا اطلاق النار على المتظاهرين قرب المعتمدية ليكون من تبعاتها سقوط الشهيد رؤوف بوكدوس وبحمل جثته من جانب ابناء المنطقة تعرض هؤلاء قرب الجامع الى اطلاق النار من اعوان الامن فسقط الشهيد الثاني محمد الجابلي واصيب زياد قراوي ومنصف زيني وعامر طقوقي وعادل شابي بجروح ثم توغل الملام اول بسام العكرمي بسريته 32 في حي الانطلاقة واطلقوا النار على المتظاهرين ليسقط من الشهداء منال بوعلاقي ومعاذ الخليفي ونزار السليمي مع اصابة عاطف الخليفي وشادي العبيدي ونبيل قادري وعدد اخر واستعرض وكيل الجمهورية العقيد قاضي احمد الجبال في مرافعته عدة شهادات منها شهادة ناظر امن بوحدات التدخل عثمان الجويني وناظر امن مساعد عز الدين اليحياوي وناظر امن مساعد محمد الحبيبي والنقيب بحفظ النظام العام حسام الذوادي وناظر امن مساعد رابح الحميدي والعميد بالنظام العام جلال بودريقة مدير عام وحدات التدخل العميد المتقاعد بالنظام العام التومي الصغير المرغني وناظر الامن المساعد عاصم فرادي وحافظ الامن اشرف الجربي الى جانب شهادة بعض الشهود من المواطنين ومنهم منصف الصمودي وصلاح الدين العبيدي وبدر الدين الجلالي وفيصل احمدي وفراس السليمي وكل هذه الشهادات تشير الى ثبوت قيام الرائد مراد الجويني والملازم اول بسام العكرمي باطلاق النار تجاه المتظاهرين سواء بجانب الجامع حين مرور الجنازة الى جانب احد الاعوان بلباس مدني وملثم يحمل سترة لباس الطلائع والتاكيد ان اطلاق النار كان من سلاح ' شتاير ' واشارت احدى الشهادات لعون امن الى ان المتهم مراد الجويني اعطى الامر للاعوان لاطلاق النار وانه توسط الطريق واتخذ وضعية ركبة ونصف ووجه سلاحه نحو المتظاهرين واطلق النار كما اشارت شهادات اخرى الى ان الملازم اول بسام العكرمي كان مسلحا ببندقية ' شتاير ' ويرتدي بدلة قتال سوداء خاصة بوحدات التدخل ويتخذ وضعية ركبة ونصف ويطلق النار على المتظاهرين . واعتبر وكيل الجمهورية في مرافعته انه الى جانب هذه الشهادات فان الملف يحتوي عدة حجج وقرائن اخرى من وثائق طبية للشهداء تفيد باصابتهم بطلقات نارية وهو ما يعني انه يتاكد بما لا يدع مجالا للشك ان المتهمين الجويني والعكرمي ارتكبا جريمة القتل العمد وجريمة محاولة القتل العمد وان اصابة الشهداء في اماكن قاتلة تبين ان نية المتهمين هي ازهاق الارواح البشرية وهو ما حصل واضاف العقيد احمد الجبال انه ثبتت جريمتا القتل العمد ومحاولة القتل العمد ضد الجويني والعكرمي وانه لولا العناية الالهية والتدخلات الطبية لكانت قائمة الشهداء ارفع من 5 كما اشار الى ان المتهمين لم يلجأ اي منهما الى التدرج في التعاطي مع المتظاهرين وفق ما ينص عليه قانون 1969 من ضرورة الاشعار على المتظاهرين بالتفرق بالوسائل الصوتية او الاشارات اليدوية ثم الرش بالماء او المطاردة بالعصي وان لم ينجح ذلك يتم الرمي بالقنابل المسيلة للدموع ثم اطلاق النار عموديا في الفضاء لاخافة المتظاهرين ثم اطلاق النار فوق الرؤوس ثم في اقصى الحالات اطلاق النار صوب الارجل وما يقيم الدليل على نية اضمار القتل ان هذه المراحل لم تتم كما ان المتهمين لم يكونا في وضعية دفاع شرعي عن النفس ثم ان الرصاص المنهمر كان صوب اماكن قاتلة ولم يكن هناك توازن في ردة الفعل مع الفعل الصادر عن المتظاهرين المحتجين . وقال العقيد قاضي احمد الجبال ان الادعاء بعدم وجود رصاص مطاطي او ماء ساخن او نقص في كمية الغاز المسيل للدموع لا يعفي من المسؤولية . ومن هنا طلبت النيابة العسكرية تطبيق القانون وفق ما جاء بقرار الاحالة وتسليط اقصى العقوبات على المتهم المتحصن بالفرار الذي ثبت انه كان بحالة سكر واساء لاهالي الرقاب وزاد الطين بلة وفوضت النيابة العسكرية النظر الى هيئة المحكمة بخصوص الدعوى المدنية . الدفاع يعتبر مرافعات النيابة والحق الشخصي انتقائية اثر ذلك رفعت الهيئة القضائية اشغال الجلسة لنصف ساعة للاستراحة ثم عادت لتنعقد مجددا بمرافعات لسان الدفاع الذي شدد هناك شهادات من داخل ملف القضية نفسها تشير الى انه لم يكن للمتهم الرائد مراد الجويني علم بسقوط ضحايا وانه تساءل عن مصادر اطلاق النار وقال الاستاذ حسن الغضباني ان شهادات اهالي الشهداء والجرحى والتي كانت متقاربة زمنيا من زمن الواقعة اشارت الى ان العمل عمل قناصة وان منوبه الجويني لم يكن على علم بسقوط شهداء ولا بوجود قناصة واضاف ان لسان القائمين بالحق الشخصي والنيابة قاموا بعملية انتقاء في ملف القضية حيث انتقاء ما يريدون به اثبات ادانة يوجد في بقية اوراق الملف ما يدحضها وفي حدود الساعة الخامسة تم رفع الجلسة للمفاوضة والتصريح بالحكم .