لازالت قضية الطفل عبد الخالق محل استهجان من كافة أهالي منطقة حي الزهور بالقصرين خاصة بعد المخلفات النفسية والصحية التي عقبت هذا الفعل الإجرامي، فالصدمة التي تلقاها بعد أن اختطف من أحضان والدته كانت جسيمة وفوق طاقة الوصف ازدادت حدتها بعد أن تم إطلاق سراح المختطفة إذ بات يخشى هو وأسرته من تكرار العملية, ومن المزمع أن تثير أسرته مجددا القضية على مسؤوليتها الشخصية لاثبات حق ابنها المسلوب لان إنارة الحقيقة هو السبيل الوحيد لتضميد جراح الأم الملكومة. وللتذكير بتفاصيل هذه القضية التي ظلت لمدة طويلة الشغل الشاغل لأهالي المنطقة ولوالدته التي لازالت إلى حد هذه اللحظات تعيش على وقع الصدمة التي حصلت لابنها البريء الذي لايفقه شيئا من معاني الدنيا وكاد يتعرض إلى مكروه لولا العناية الإلهية وتدخل السلط الأمنية في الوقت المناسب ففي ذلك اليوم كانت محدثتنا عائدة إلى منزلها اثر قيامها بزيارة الى أهلها بارياف مدينة سبيطلة وعند بلوغها المحطة الرئيسية بقيت رفقة أبنائها ينتظرون سيارة أجرة لكي تقلهم إلى المنزل. في الأثناء قدمت نحوها امرأة لاتعرفها حدقت مليا في ابنها وبدون مقدمات استفسرتها عن حاله وسألتها عن سبب الاحمرار الذي كان على وجنتيه؟ وهل انه يعاني من حساسية؟ حينها التفتت الأم نحوها باستغراب وأجابتها أن ابنها لايعاني من أي مرض جلدي وإنما تعب من السفرة وأخذت تتجاذب معها أطراف الحديث فأعلمتها المرأة أنها تعالج جميع الأمراض المستعصية منها الجلدية كالبهاق وغيرها وان قدراتها فائقة وأنّها عالجت العديد من الحالات التي شفي أصحابها و طلبت منها مرافقتها إلى منزلها لكن والدة الطفل سارعت بإيقاف تاكسي غير أن المرأة لحقت بها وأرادت أن تركب معها لكن محدثتنا اعتذرت لها وأعلمتها أن عدد الركاب يتجاوز المسموح به قانونا ورغم ذلك أصرت المرأة على مرافقتها إلى منزلها فطلبت منها تمكينها من رقم هاتفها عندما أحست أن والدة الطفل غير راغبة في استضافتها لكنها أعلمتها أنها لاتملك هاتفا جوالا. ورغم كل هذا الصد فان المتهمة كانت مصرة على تنفيذ مخططها الإجرامي منذ أن لمحت الطفل ولم تترك الأم تغادر المكان إلا بعد أن أمدتها بعنوان شقيقتها ووصفت لها الحي الذي تقطنه وغادرت المكان رفقة أبنائها مسرعة ولم تتخيل أن المرأة جادة في عزمها وأنها ستتحول إلى شقيقتها. وقبل ذهاب محدثتنا إلى منزلها عرجت على منزل شقيقتها وأعلمتها بحكاية المرأة ثم عادت أدراجها إلى منزلها لأخذ قسط من الراحة لكن بعد ساعات حلت المرأة بالحي وبدأت تسأل عن عنوان خالة الطفل إلى أن توصلت إلى منزلها ومنه انتقلت لاحقا إلى منزل الأم التي أكرمت وفادتها وأعلمتها أنها ستقضي الليلة عندها. لم تمانع الأم في ذلك وخلال السهرة بدأت تتحادث عن انجازاتها الخارقة في معالجة المرضى وأنها تستعمل بعض الأعشاب الطبية وقد وصفت خلطة من الأعشاب لمداواة شقيقتها من احد الأمراض . الأم رغم توجسها خيفة من هذه المرأة خاصة وأنه لم يسبق لها استقبال شخص غريب لا تعرفه لم تبخل عليها بالعناية والترحاب ولكنها في نفس الوقت لم تكن مطمئنة لها لان نظراتها كانت غريبة وكانت تبدو في بعض الاحيان مريبة الى حد أنّ الأم تصورت أنها تريد سرقة شيء الى أن كانت المفاجأة في اليوم الموالي حين عزمت محدثتنا التوجه للحمام فأصرّت الضيفة على مرافقتها حيث بمجرد ولوجها رفقة ابنائها للاستحمام تظاهرت الضيفة بألم انتابها في جسدها يمنعها من الاغتسال ورغم استغراب المدعية في قضية الحال لتصرّف المرأة لم تعر الأمر اهتماما وبعد مدة قصيرة وبعد أن أتمت «حمام» ابنها الرضيع أخرجته الى حيث كانت تجلس المرأة ومرافقتها ثم عادت إلى الداخل وطلبت من ابنتها -بعد أن اتمت الاستحمام- أن تغادر المكان سريعا لتهتم بشقيقها الذي بقي في الخارج وحيدا ريثما تلتحق بهما. وما إن خرجت الطفلة حتى عادت مسرعة للداخل لتعلم أمها أن شقيقها غير موجود فهرعت الأم مسرعة إلى أين تركت ابنها فلم تعثر عليه كما لم تجد ضيفتها ومرافقتها. حينها أدركت أن زائرتها قامت بخطفه وأنها منذ الليلة المنصرمة كانت تتربص به وتخطط لجريمتها. أطلقت الأم صيحة مدوية فالتفت حولها النسوة للاستفسار عن الأمر وكلهن دهشة: كيف تمكنت هذه المرأة من الخروج بالرضيع دون أن ينتبه إليها أحد؟ وعلى الفور قامت الأم بالاتصال هاتفيا بقريبها الذي قام بنقلها على متن دراجته النارية إلى مركز الأمن أين أعلمت أعوان الأمن بما تعرض له ابنها وأدلت بأوصاف المرأة وانطلقت حملة التفتيش من اجل التوصل إلى مكان اختفاء المتهمة. وتم بالتنسيق مع الوحدات الأمنية إغلاق جميع مداخل المدينة واتصلوا بمحطة سيارات الأجرة وتم التوصل بعد مجهودات كبيرة إلى سيارة الأجرة التي كانت تقل المرأة والتي كانت متجهة إلى سوسة. وبمدخل مدينة سبيطلة تم إيقاف السيارة المذكورة وإلقاء القبض على المظنون فيها وإرجاع الطفل إلى والدته التي كانت فرحتها لا توصف لاحتضانها مجددا لطفلها الصغير. ومباشرة بعد أن القي القبض على المظنون فيها ومرافقتها انطلقت عملية الاستنطاق وبالتحري مع المتهمة الرئيسية ظهرت مرتبكة وأنكرت ما نسب إليها وعند مكافحتها بالشاكية تظاهرت بعدم إدراكها لما أقدمت عليه.