من المنتظر أن ترفع الحكومة هذه الأيام طلبا لصندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمته 2.7 مليار دينار ( 1.7 مليار دولار) وذلك بعد جولة من المفاوضات بين عدد من أعضاء الحكومة وممثلين عن الصندوق ،.وبالتوازي مع المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي أعلن البنك الدولي عن موافقته على منح تونس قرضا إضافيا بقيمة حوالي 750 مليون دينار لدعم ميزانية 2013، غير أن رئيس البنك الدولي «جيم يونغ كيم» الذي زار تونس في الأيام الماضية اشترط إدخال العديد من الإصلاحات حتى تتمكن الدولة من الإيفاء بتعهداتها المالية تجاه مؤسسات القرض الدولية ، ووصف «جيم يونغ كيم» الإصلاحات المطلوبة بالمؤلمة. وقد يكون إصلاح منظومة الدعم في إتجاه إلغائها التدريجي أو حصرها في الفئات الإجتماعية الضعيفة دون سواها من أكثر الإصلاحات إيلاما لجل الطبقات الإجتماعية ،على أن تكون البداية بالترفيع في أسعار المحروقات التي تستأثر بحوالي 50 بالمائة من ميزانية الدعم مرورا ببقية المجالات الأخرى على غرار التشغيل والجباية و إرساء جو من الثقة بين جميع الأطراف الاجتماعية وتنقية مناخ الأعمال وتسهيل جلب الاستثمارات وتخفيف الضغوطات على رجال الأعمال. ويفسر إلحاح مؤسسات القرض الدولية على ضرورة الإسراع بإصلاح منظومة الدعم بثقلها على ميزانية الدولة باعتبار أن هذه النفقات مرّت من 1500 مليون دينار في 2010 إلى 2800 مليون دينار في سنة 2011 لترتفع الى 3200 مليون دينار سنة 2012 ثم 4200 مليون دينار خلال العام الجاري. ولعل ما يؤكد فرضية قبول الحكومة بشروط البنك الدولي والتخلي تدريجيا عن الدعم هو البيان الأخير الذي أصدره المعهد الوطني للإحصاء والذي أكّد أن الفقراء الذين يمثلون 15.5 بالمائة من مجموع السكان في تونس لا يستفيدون إلا من 12 بالمائة فقط من جملة النفقات المرصودة للدعم كما أكد المعهد الوطني للإحصاء أن النتائج الأولية لدراسة يعكف على إعدادها بالتعاون مع البنك الإفريقي للتنمية حول أداء منظومة الدعم في تونس أثبتت أن الطابع الشمولي لدعم الموارد الغذائية يحدّ من نجاعة هذه الأداة باعتبارها آلية لمكافحة الفقر مشيرا إلى أن كل تعديل لمنظومة التحويلات الاجتماعية يجب أن يأخذ في الاعتبار تعقد آلية الدعم باعتبار الضعف المسجل على مستوى نجاعة هذه المنظومة والتوجه للطبقة الفقيرة دون التغافل عن الدور الهام الذي يلعبه هذا الدعم في تحسين القدرة الشرائية للسكان الأكثر فقرا. لكن رغم تخوف النخب السياسية وحتى العامة من مخاطر ارتهان الدولة لدى مؤسسات القرض الدولية التي تقايض الحكومة بإصلاحات تكرّس السياسة الرأسمالية المتوحشة التي تزيد من تفقير الطبقات الفقيرة يبدو أن الإقتراض يبقى السبيل الوحيد لدفع عجلة الاقتصاد الوطني في الظرف الحالي وهو ما أكده محافظ البنك المركزي الشاذلي العياري مؤخرا والذي اعتبر أن نسبة التداين الحالية التي تبلغ 47 بالمائة من الناتج المحلي الإجمال لا تزال في حدود المعقول ويمكن التحكم فيها .