على خلفية ما تشهده معتمدية الجريصة منذ فترة من تحركات احتجاجية زارت جريدة "التونسية" هذه المنطقة لتنقل اصوات ابنائها وترصد حقيقة ما تعاني منه الجهة من تهميش واقصاء.رحلتنا كانت مساءا في اتجاه الجنوب الغربي لولاية الكاف وتحديدا في اتجاه الجريصةالمدينة المنجمية التي تقع على بعد 35 كلم من مدينة الكاف... اهالي الجريصة يطالبون بالتشغيل والتنمية: في زيارتنا الخاطفة لمعتمدية الجريصة وقفنا على ما تعاني منه الجهة من نسيان وتهميش فالمتجول في المنطقة يلاحظ تاكل البنية التحتية وركود الحركة التجارية والاقتصادية بالجهة الى جانب تفشي ظاهرتي الفقر والبطالة نظرا لغياب مؤسسات مشغلة متمركزة بالمنطقة باستثناء منجم الحديد ومصنع الاسمنت.وامام محدودية الاستثمارات العمومية وانعدام الاستثمارات الخاصة تفاقمت نسبة البطالة خاصة في صفوف حاملي الشهادات العليا وهو مازاد الوضع بهذه المعتمدية تازما وتعقيدا . المسالك الفلاحية هي الاخرى حالتها جد سيئة وفي حاجة ماسة الى تدخل عاجل لفك عزلة عدة مناطق ريفية تعاني من غياب ابسط مقومات الحياة الكريمة وتنعدم في جلها الخدمات والمرافق الحيوية... منجم الحديد ومصنع الاسمنت المتنفس الوحيد للجهة: تعتبر هاتان المؤسستان المتنفس الوحيد لابناء المنطقة فجل الباحثين عن شغل يمنون النفس بالعمل صلب احدى هاتين المؤسستين.وهذا الطلب المتزايد للشغل جعل منجم الحديد ومصنع الاسمنت ينتدبون اعدادا اضافية من العمال تجاوزت احيانا حاجتهما من اليد العاملة وذلك في محاولة للتخفيف من درجة الاحتقان التي تعيشها الجهة اعتصامات متتالية: امام عدم قدرة المنشآت العمومية والخاصة المنتصبة بالجهة على استيعاب الاعداد المتزايدة من طالبي الشغل كثرت الاعتصامات وتنوعت في اشكالها وطرق تنظيمها وذلك في محاولة من اصحبها من اجل لفت انتباه السلطات المسؤولة الى ما تعاني منه الجهة من فقر وتهميش وما يعاني منه ابناؤها من اقصاء ونسيان منذ سنين وتواصل بعد الثورة... اعتصام مفتوح لعدد من المعطلين: لعل من ابرز الاعتصامات التي شهدتها معتمدية الجريصة الاعتصام الذي ينفذه مجموعة من المعطلين عن العمل منذ حوالي الشهرين امام مصنع الاسمنت .ففي خطوة تصعيدية اقدم 17 شابا معطلا عن العمل من اصحاب الشهادات العليا على الدخول في اعتصام مفتوح امام المقطع الرئيسي لاستخراج الحجارة الراجع بالنظر لمعمل اسمنت ام الاكليل احتجاجا على عدم انتدابهم من قبل ادارة المصنع رغم تلقيهم لوعود بذلك على حد قولهم.المعتصمون اغلبهم من حاملي الشهادات العليا ظلوا . ادارة المعمل توضح: اعتبرت ادارة المعمل ان مطالب المعتصمين في الشغل مشروعة واكدت ان عملية الانتداب للعمل صلب هذه المنشاة يخضع الى معايير موضوعية تراعي الحاجيات الحقيقية للمصنع وتوفر مجموعة من الشروط المطلوبة وان العملية تخضع برمتها الى القانون وفق مبدا التناظر على الخطط الشاغرة.وتامل ادارة شركة اسمنت ام الاكليل الشركة المستغلة للمصنع في ان يتفهم المعتصمون واهاليهم موقف الشركة التي تشغل عددا كبيرا من العملة اغلبها من ابناء المنطقة وعددهم يفوق حاجيات المصنع بكثير.. المصنع يغلق ابوابه والامن يتدخل: امام تعطل لغة الحوار بين المعتصمين وادارة المصنع وتوقف نشاط هذا الاخير يوم امس نتيجة نفاذ مدخراته من المواد الاولية وتواصل اعتصام مجموعة من الشبان امام المقطع الرئيسي للحجارة ومنعهم لعمال لشركة اسمنت ام الاكليل من نقل المادة الخام لصنع الاسمنت الى المصنع تدخلت صباح اليوم وحدات من الامن وحاولت فك الاعتصام سلميا الا ان تمسك المحتجين بمطالبهم واصرارهم على مواصلة اعتصامهم جعل اعوان الامن يتدخلون بالقوة لفض الاعتصام مستعملين الغاز المسيل للدموع... وبعد ساعات من المناوشاة امكن تفريق المعتصمين وعاد الهدوء مؤقتا الى محيط المصنع... وكان ل"التونسية " لقاء بعدد من المعتصمين: مهران: "اعتصامنا سلمي ومطلبنا الوحيد هو الشغل.نحن من اصحاب الشهادات العليا وبطالتنا طالت اكثر من اللزوم .مللنا الوعود الواهية من ادارة المعمل ومن والي الجهة ونحن نرغب الان في ايجاد حل جذري وعاجل لمشكلة البطالة.اعتصابنا قارب الشهرين ولم نجد اذانا صاغية لمطالبنا .ولهذا سنواصل اعتصامنا رغم الظروف الطبيعية القاسية والتدخل الامني حتى تتحقق مطالبنا ." رمزي: "نرجو لفتة عاجلة وسريعة من اهل الذكر فصحة بعض زملائي المعتصمين تدهورت وهناك من تم نقله الى المستشفى للعلاج .نحن ليس بقطاع طرق او منحرفين نحن مجموعة من المعطلين عن العمل ندافع على حقنا في الوجود والشغل والكرامة... نرجو كذلك لفتة عاجلة لمعتمدية الجريصة التي عانت طويلا من التهميش والنسيان حتى اصبحت منطقة مفقرة تفتقد الى ابسط مقومات العيش الكريم..."