تعبنا... نعم تعبنا... من كثرة ما سمعنا الى حدّ التخمة ولم تعد لنا رغبة في المزيد على اعتبار أن الشيء إذا بلغ الحدّ انقلب الى الضد... أو هي صورة يعبّر عنها ما قاله بعض حكمائنا: «كثّر من العسل... يمساط» أو هي في خاتمة المطاف جملة بسيطة قالها كبير حومتنا... «تعارك حسن وحسين... حطّوا عبد الصمد في الحبس». ولما أحسسنا بالضيق والاختناق والتوتر والقلق ولم نعد قادرين على الخروج الى الريف خوفا من سوء يطالنا دلفنا الى عالم الأطفال نتعطر بنسائم براءتهم ووداعتهم لعلّنا ننسى همومنا... «وحتى لا نخرج من العرس بلا زبيب» طرحنا عليهم سؤالا وانتظرنا منهم أجوبة على قدر أحلامهم فلعلّ الكبير يتعّظ من حكمة الصغار... وللّه في خلقه شؤون... سألناهم: «وأنت تتابع أخبار الوطن وتشاهد رجالا من ميدان السياسة يناقشون الوضع بالبلاد... ما رأيك في محتوى أقوالهم؟ وبماذا تطالبهم لتنعم بحياة سعيدة؟ حسام رفايفي: أشاهد على التلفاز قسرا لأن أبي يتابع أخبار البلاد فأشاهد رجالا متحمّسين أحيانا لا أفهم منهم شيئا... أطلب منهم أن يكونوا متحدين لنعيش في سعادة مثلما طالعنا في كثير من القصص التي يكون أبطالها الملك وزوجة الملك والأميرة والساحرة وابن الحطاب والشعب المسكين. أريج سعيّد: أنا لا أفهم ما يقوله «الحكّام» كل ليلة على شاشة التلفاز... أطلب منهم أن يغرسوا لنا حديقة جميلة في مدرستنا ننعم فيها بالجمال لأن ساحتنا جرداء حتى يعم الجمال والسلام في كل مكان من وطننا. آمنة السعيدي: من كثرة البرامج الحوارية التي شاهدها أفراد عائلتي وأنا ساهرة معهم حفظت من أبي ما يفيد أن البعض يجرون من أجل الكراسي والمناصب ليصيروا «ملوكا» وأنا أطلب منهم أن يتريثوا حتى تعود تونس جميلة ويعمّ الأمن والأمان وطننا العزيز مثلما نغني كل يوم «حماة الحمى يا حماة الحمى» لمّا نرفع علم تونس في ساحة المدرسة كل صباح. مالك فراد: نريد أن نواصل دراستنا في هدوء لننجح ونكسب رهان المستقبل وهذا مرتبط بتجنب الاختلاف بين الحكام حتى لا يفسدوا علينا العيش الرغيد. رؤى الوسلاتي: لم أفهم بعد ما جدوى هذه الحوارات لأن نهايتها دوما غامضة مما جعلنا نخاف على مستقبلنا ولم نعد نلعب ونتمتع بالتجوال والرحلات لأن الخطر في كل مكان... الصغار يحبون تونس أما هؤلاء الكبار فم يبعثون فينا الحيرة والشك. أميمة البولاهمي: أطلب من اللّه تعالى أن يساعد تونس على الخروج من وضعها وذلك بأن يتفق الحكام على رأي واحد خدمة للوطن لأننا نحن الصغار متعاونون ومتّحدون ومازلنا ننتظر الكبار... ربي يهديهم حتى يعودوا الى الصواب. رنيم بومنيجل: أطلب من سادتي الحكام أن يهتموا بحقوق الطفل وخاصة بمستقبله وتعليمه... أنا أريد الأمن حتى أواصل دراستي وأنجح بامتياز لأشرّف وطني. نغم لملوم: أقول لمن يطلون علينا كل ليلة على الشاشة منذ سنتين أن يفكروا في بناء مدارس بالأرياف وأن يعبدّوا فيها الطرقات حتى يعيش أطفالها في هناء وسعادة. عزيز لرياني: أقول لسيدي الوزير بأنك مرتاح على كرسيك الوثير ونحن نكاد نسقط بسبب ثقل المحفظة وكثرة الأدوات والمواد ولم نجد في مدرستنا فضاء أو ساحة ننعم فيها بالترفيه والراحة بعد تعب الدروس. غادة الخميسي: تعلّمنا في «ميثاق القسم» مبادئ رائعة لا أعرف لماذا لا يطبقها حكام بلدي... لهذا علينا بانشاء يوم وطني للصمت وبعده يوم وطني للتسامح لأننا نراهم دوما يتخاصمون ويتشاجرون في تشنّج.. أطلب منهم أن يعودوا ليدرسوا معنا في أقسامنا وخاصة في حصة «الحوار المنظّم» ويتعلمون منا الكثير. هيفاء الجربي: دعوني سادتي الكبار أنعم بحقي في برامج الأطفال لأننا حرمنا منها بسببكم وصرنا ننام وننهض علي خصوماتكم في البرامج التلفزية دون أن نفهم شيئا... أعيدوا لنا تلفزتنا. شيماء بومنيجل: سادتي الكرام نحن يدرّسنا معلم واحد يقود القسم... وأسرتنا يقودها أب واحد... لهذا اختاروا واحدا فقط يحكم البلاد ويرعانا لنعيش في سعادة... أنتم كل ليلة تتشاجرون ومدارسنا حالها «يبكّي». ملاك عيفاوي : عندما أتفرج على البرامج الحوارية أراها تبدأ بهدوء وتنتهي بصياح ومشادات... أنا لا يهمّني حديثكم وإنما تهمني مصلحة تونس لأننا نحن الأطفال زهرة الوطن ومستقبله الوضاء... لهذا فكروا فينا وفي المستقبل حتى لا نندم جميعا.