مثلما يثمر القمر نورا ساحرا تينع الكلمات بين ثنايا الأفق من رحم المعاناة ، فتورق موسيقى وجرسا وإيقاعا في صورة رومنسيّة تنير قسرا هلالا يتشكل بدار يا نعا فتتجاوب معه الأفئدة شدوا ورقصا لأن ذلك قدر سمّار اللّيالي يتفيّؤون شهبا تتحلّى بهبة ملكات الحبّ والعشق هائمات بصدّاح يشكو حرقته: ياليل طل أولا تطل لا بدّ لي أن أسهرك لو بات عندي قمري مابتّ أرعى عمرك في هذا التشكل الفني من وحي الطبيعة حطّ شعراء الأغنية العربية راحتهم أين فاض القصيد وفاحت الكلمة لتصوغ أغنية عربية كاملة الأوصاف شكلا ومضمونا حتى توفر لعشاق الفنّ طبقا موسيقيا متكاملا من بدايته إلى نهايته ، جوهره القمر ومساره الليل في إطار كم تغنت به الكلمة في أسمى تجلّياتها لتعانق الصّورة بالمعنى سحرا وكبرياء على مرّ الليالي تحت زخّات نوء خجولة أزهرت بشذاها و تعطّرت بضوء قمر مكتمل تحلّيه الموسيقى العربية بين اللّون التونسي واللون الشرقي في أغان تقطع مع النشاز والشكل الفني الهابط لتفتح بوابة للرحلة ... من هنا مشرقها .. ومن هناك مغربها تحت عنوان يضيء فيه «قمر الليالي » سماء الأغنية العربية في أحلى لقاء مع الامتاع والإقناع والإبداع . وعلى غرار شعراء كل العصور ظلّ الليل بسحره الرومنسي محمل إلهام وإبداع لصورة شعريّة غنائية ساحرة فيها عطر القداسة و الروحانيات ... فكانت رائعة «أم كلثوم » الخالدة «أقبل الليل » من تأليف «عبد الوهاب محمّد» وألحان «محمّد عبد الوهاب» هدية متكاملة في الإبداع الموسيقي لعشاق الأغنية الثقيلة حيث التقى ثلاثي رهيب كل في مجاله... وفي نفس هذه الصورة الموسيقية تفاعل اللون الصوفي في الموسيقى التونيسة بأجمل ما غّنت فرق السلامية والحضرة «الليل زاهي» و«يا قمرة الليل اضوي علّي»... ثم انتشرت أغنية « في ضو القميرة ... ونورها »لمطرب الخضراء « علي الرياحي » لتتبعها قطعة موسيقية رومنسية بلحن ساحر رائع تحت عنوان «تحت الياسمينة في الليل » ... للفنان «الهادي الجويني» أمّا المطربة «ألفة بن رمضان ». فقد تجاوبت مع صورة الليل الساخن فأدت أغنية «كي يجيب اللّيل هواه » ... وفي اللّون الشرقي رقص جيل اليوم مع أغنية « اسأل عليّ اللّيل » لمطرب الشباب «وائل جسّار» فتجاوب معه «راغب علامة » و «آمال ماهر» في قطعة «ليلة لو باقي ليلة » .. قبل أن يشّد المطرب الهادئ «ملحم بركات» أحبّاءه برائعته «على بابي واقف قمرين » وقبله المطربة «شريفة فاضل » بأغنيتها الخفيفة « الليل... الليل» وفي نفس الجنس الموسيقي غنت السيدة «وردة» قطعتها «ليالي الغربة» ومعها « وديع الصافي » بصوته الجبلي في أحلى الأغاني العربية سحرا وإلهاما «الليل ياليلى » ليختم على هذا الشكل الإبداعي البلبل الراحل « فريد الأطرش » «نجوم الليل » قبل أن ينبهر زهّاد السّهر وهم ينتشون بصوت موغل في الإبداع والإكتمال للموسيقار «محمّد عبد الوهاب » وهو يدغدع أوتار عوده ليردّد «سجى الليل» حتّى تكتمل الصّورة شكلا ومضمونا وآداء وإيقاعا في خانة الموسيقى العربية وهي تكتب بألوان وهاجة ساطعة ظلام الليل يوحي له القمر بالسحر والضّياء.