قال حسين العباسي الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل، خلال الندوة التحضيرية للتنسيق بين النقابات المشاركة في المنتدى الاجتماعي العالمي، أن الهدف من اللقاء التحضيري التنسيق فيما بيننا لتصويب نشاطنا ومشاركتنا كمكوّن أساسي للمنتدى الاجتماعي العالمي اليوم، تأمينا لنجاعة تفاعلنا مع بقية مكوّنات المنتدى لبلورة موقفنا كحركة نقابية عالمية حول سبل مواجهة المدّ النيو ليبرالي المتوحش، وحول متطلبات التصدي لنزعة رأس المال المتنفّذ والمتغوّل على العالم. وأضاف العباسي أن هذا المنتدى الهدف منه تعميق النظر حول مستلزمات التفاعل والتضامن مع الحركات الاجتماعية، وشبكات المنظمات غير الحكومية القطرية والإقليمية والدولية، وغيرها من مكونات المجتمع المدني التي تحضر معنا فعاليات هذا المنتدى، والتي تشاطرنا نفس القيم والمبادئ الإنسانية والكونية، بغاية صياغة بديل ديمقراطي يقوم على مفهومية جديدة، ومنظور جديد لما يمكن أن يكون عليه عالم اليوم وغدا. مفهومية تجعل من حقوق الإنسان ومن الانتماء المشترك لكوكب الأرض ومن حتمية القبول بالتعايش عليه، مرجعية أساسية لمقاربة العلاقات والمبادلات والموضوعات ذات الصلة بالحياة البشرية وبمحيطها الطبيعي والمجتمعي. وأكد العباسي أن القدرة على استنباط مثل هذه المشاريع والتصورات البديلة أمر ضروري وحياتي لتحديث العمل النقابي، ولتأمين ديمومته، والمحافظة على نفوذه وقدرته على المشاركة بجدارة ونديّة في صنع القرار، معتبرا أن النجاح في توفير هذه القدرة الاستراتيجية كمصدر للنفوذ النقابي، سوف يبقى رهين نظرة المجتمع إلى النقابات أولا، ومهارة هذه الأخيرة في مقايضة التحولات الهيكلية داخل أماكن العمل بما يخدم مصالح الأجراء والشغالين عموما وفي إمكانية انخراطها في أعمال استراتيجية لتنمية قدراتها. وأضاف العباسي قائلا " اننا في الاتحاد العام التونسي للشغل نؤمن بأن تأثير منظمتنا الشغيلة، لا يكمن فقط في الالتزام بالنشاط النقابي في مفهومه التقليدي، بما يعني الدفاع عن الشغالين في أماكن العمل، كتحسين الأجور، وظروف العمل، وتوفير الحماية الاجتماعية، والعدل الاجتماعي، ولا في عدد منظوريها، وإنما في مدى تضامنها مع المجتمع ومكوناته، وفي مدى قدرتها على الإقناع بدورها كحليف للمحرومين والمستضعفين، وكنصير لقيم الحرية والديمقراطية، ولمبادئ حقوق الإنسان الكونية، وفي مدى أخذها بعين الاعتبار، منذ اتخاذها لقراراتها وعند مباشرتها لأنشطتها، مصالح ومشاغل وانتظارات الأطراف المعنيّة من مكوّنات المجتمع المدني والحركات الاجتماعية والسلط العمومية والجماعات المحلية، وهو ما يفسّر الاعتراف بوجود هذه المكوّنات ومدّ جسور التواصل والتعاون معها. إنّ مسائل محورية مثل حقوق الإنسان والحقوق الاجتماعية والمديونية والعدالة الجبائية واستقلال الاعلام والقضاء والحوار الاجتماعي وحقوق المرأة واستحقاقات الشباب وخاصة المعطّلين منهم، وكلّ ما يتعلّق بحقوق المستهلك وبحقوق التجمّعات المحلية، وما يتعلّق بالحوكمة الرشيدة من تقيّد بمبادئ الشفافية والمساءلة والتزاما بالقانون وبمقتضيات المعايير الدولية وحسن السلوك في مجال المعاملات بمفهومها الشامل والواسع." ونوه العباسي بالهبّة التضامنية في الداخل والخارج، لمّا تعرّضت مقرات الاتحاد ومناضليه إلى الهجومات الجبانة من طرف ما يسمى برابطات حماية الثورة والقوى التي تقف وراءها. وتجلى أيضا في التجاوب الإيجابي مع مبادرته الداعية إلى حوار وطني يجمع الفرقاء السياسيين من أجل التوافق حول خارطة طريق لإدارة المرحلة الانتقالية. كما تجلى في النجاح منقطع النضير للإضراب العام الذي خاضه الاتحاد تنديدا بالاغتيال السياسي وتشهيرا بالعنف والإرهاب. وأضاف " ونحن نستعدّ للمشاركة في فعاليات المنتدى الاجتماعي العالمي، في وقت تعيش فيه بلادنا أطوار الإعداد لدستور جديد يضعها على سكّة الإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، فإننا نريد من خلال مشاركتنا في هذا الحدث، إبلاغ رسالة إلى دعاة الاستبداد والاستغلال، أعداء الحرية والديمقراطية، وحقوق الإنسان أنّنا لن نركع لمشيئة النيوليبرالية، ولا ولن نركع للقوى المضادة للثورة التي تسعى إلى إعادتنا لمربع الاستبداد، ولا ولن ننساق وراء دوامة العنف التي تريد إلهائنا عن استكمال استحقاقات ثورتنا." ودعا العباسي النقابيين الى ان يكونوا، خلال هذه المناسبة، صوتا واحدا، وصفا واحدا، من أجل الحوار ومن أجل حقّ المشاركة، ومن أجل حرية التنظم، ومن أجل المساواة وحرية التعبير وحرية المعتقد، ومن أجل العمل اللائق لكلّ الشغالين من أجل حرية التنقّل وحماية العمّال المهاجرين وعائلاتهم. ولنسعى مع بقية المكونات لحشد التضامن ضدّ أعداء الحرية وقوى الاستغلال ودعاة التطرف وإلغاء الرأي الآخر.