كنا قد كتبنا على اعمدة «التونسية» العام الفارط مقالا بعد خوض فريق النادي الرياضي الصفاقسي لمباراة الدور السادس عشر من كاس الاتحاد الافريقي لكرة القدم امام نادي ليوباردز الكونغولي وبعد المباراة التي جمعته بالنجم الرياضي الخلادي في اطار البطولة الوطنية والتي فاز فيها نادي عاصمة الجنوب بهدف نظيف حيث اشرنا الى ان اللاعب الشاب للفريق الفرجاني ساسي نجح في تعويض زميله شاكر البرقاوي الذي غاب عن اللقاءين نجاحا كبيرا وقد اعتبر البعض هذا المقال مجاملة منا لهذا اللاعب الذي لم يكن لنا معه آنذاك اي لقاء الا ان الامكانيات التي اظهرها الفرجاني في تلك الفترة كانت كفيلة بمعرفة الطينة الفريدة التي ينحدر منها هذا اللاعب المنضبط وقبل هذا الحوار استشرنا احد ملوك مركز وسط الميدان الدفاعي الذي كان الممول الاول بالكرات للساحر حمادي العقربي الا وهو المدرب المنجي عبد المولى الذي اثنى على الامكانيات الكبيرة التي يتمتع بها ساسي والتي تخول له اللعب في اي فريق نظرا لصلابته الدفاعية في افتكاك الكرة وحسن التصرف في بناء الهجمة من القواعد الخلفية للفريق... الفرجاني ساسي تحدث الينا بصدر رحب وتطرق لجل المواضيع التي كان طرفا فيها منذ بداياته الاولى في عالم الكرة المستديرة بفريق عاصمة الورود نادي اريانة مرورا بتجربته في النجم الرياضي الساحلي والخليج والملعب التونسي وصولا الى انتدابه من طرف النادي الرياضي الصفاقسي فكان الحوار التالي: أولا كيف كانت بدايتك في عالم الكرة المستديرة؟ انطلقت مسيرتي الكروية صلب نادي اريانة حيث قضيت اربعة مواسم ناجحة وعندما وصلت الى صنف الاصاغر تم انتدابي من طرف النجم الرياضي الساحلي وكنت اساسيا في الاصناف الشابة وقد تركت دائما افضل الانطباعات في كل صنف امر به حيث كنت ابذل قصارى جهدي لنيل ثقة المدربين والمسؤولين والاحباء ولكن للاسف لم أتأقلم مع الأجواء في مدينة سوسة وهو ما عجّل برحيلي عن النادي الذي ينشط في صفوفه شقيقي مصعب. لماذا كانت وجهتك الخليج بعد المغامرة مع النجم الساحلي ؟ عدم تأقلمي مع الاجواء في مدينة سوسة جعلني أقرّر الخروج وقد تحولت الى الامارات العربية المتحدة بما ان اللاعب الشاب بامكانه ان يصبح طليقا من فريقه الام اذا ما تحول الى احد الاندية خارج تونس وهو ما فعله قبلي العديد من اللاعبين المعروفين في تونس وقد قضيت هناك حوالي السنة وقد نلت الإعجاب هناك ونجحت في فرض نفسي. نعلم ان المسؤولون في ناديك كانوا حريصون على تجنيسك حتى ينتفع المنتخب الاماراتي بخدماتك ؟ هذا صحيح فقد تركت انطباعات ممتازة في فريقي في الامارات العربية المتحدة وقد كنت اساسيا منذ الوهلة الاولى وكان هناك العديد من الفنيين الذين يتابعون نشاط الفرق لمتابعة العناصر التي بامكانها ان تفيد كرة القدم الاماراتية وخاصة المنتخب وقد خضعت لمراقبة دقيقة من قبل هؤلاء الذين كانوا متأكدين من قدرتي على توفير الاضافة المرجوة مني لفائدة فريقهم الوطني وهو ما جعل المسؤولين في فريقي يحاولون بقوة تجنيسي الا أنّني كنت اعتذر إليهم دائما بكل لطف. ما سر هذا الاعتذار رغم الحوافز المالية الكبيرة التي كانت في انتظارك؟ هذا صحيح فالنخبة في دولة الامارات العربية المتحدة تتحصل على رعاية خاصة و يقع توفير حوافز مادية كبيرة لحثهم على البذل و تشريف رايتهم الا ان ذلك لم يكن كفيلا لتشجيعي على هذه المغامرة و قد لعب والدي هنا دورا كبيرا في ذلك حيث كان رافضا لمبدإ لعب ابنه صلب فريق وطني غير المنتخب التونسي وكان ايضا يحلم بأن يراني صحبة شقيقي مصعب جنبا الى جنب في المجموعة الوطنية وهو ما يحرص عليه كلانا و إن شاء الله سوف يأتي يوم نحقق فيه حلم أبي الذي مهد لنا جميع سبل النجاح من إحاطة ورعاية ونصح. كيف كانت صيغة انتقالك الى النادي الرياضي الصفاقسي خاصة و اننا نعلم انه ليس من الهين تفريط فريق كبير في احد ابنائه الى فريق كبير آخر؟ ليس من الهين ان يفرط احد الفرق الكبيرة في تونس في احد ابنائه الى فريق آخر وحتى نضع الامور في اطارها فقد كانت عملية انتقالي الى النادي الرياضي الصفاقسي متشعبة بعض الشيء فعند عودتي من الامارات العربية المتحدة وقع الاتصال بي من طرف العديد من الفرق التي كانت راغبة في كسب ودي، ثم انضممت اخيرا الى الملعب التونسي الا ان بعض الاشكاليات المالية ومنها منحة التكوين التي يجب عليّ دفعها لفريق النجم الرياضي الساحلي كانت السبب الرئيسي في خروجي من فريق البقلاوة حيث عبّر النادي الرياضي الصفاقسي عن استعداده لدفعها فكان ذلك السبب المباشر في انتقالي اليه صحبة زميلي المهاجم شهاب الزغلامي. ولماذا اخترت النادي الرياضي الصفاقسي؟ بكل صراحة لقد كنت ارغب في خوض تجربة جديدة في نادي يمكن لي ان افجر فيه طاقاتي ويمنحني فرصة اللعب كأساسي وعندما دخل النادي الرياضي الصفاقسي على الخط تشجعت على الإمضاء لفائدته لأني متيقن بأن فريق عاصمة الجنوب هو اكثر فريق يعطي فرصة للاعبين الشبان ويصبر عليهم وهو الشيء الذي تفتقده الاندية الاخرى وخاصة الكبرى التي لا تصبر جماهيرها على اللاعبين الشبان كما ان حرص المسؤولين على كسب ودي زاد من رغبتي في الامضاء ل«سي.اس.اس». كيف كانت عملية تاقلمك مع فريقك الجديد؟ في الواقع لم اجد صعوبة في الاندماج والدخول في اجواء النادي الرياضي الصفاقسي وقد وجدت العناية والاحاطة اللازمتين من زملائي الجدد الذين أعرف بعضهم من قبل كما إن زملائي الآخرين لم يبخلوا عليّ بالنصح والاحاطة والشيء الذي سهل هذا التأقلم هو الأجواء الأخوية صلب المجموعة اضافة الى الاحاطة النفسية الكبيرة من المسؤولين والمدربين الذين تمرنت تحت اشرافهم وهو ما سهل لي الانضمام سريعا الى صنف الاكابر على يدي المدرب نبيل الكوكي الذي يعود له الكثير من الفضل في ما انا عليه الآن. كيف استطعت ان تفرض نفسك في الاكابر خاصة انك كنت تزاحم لاعبين كبارا مثل صوما نابي وشادي الهمامي وشاكر البرقاوي؟ هذا صحيح اذ لم يكن من السهل ان يفرض لاعب وسط ميدان دفاعي نفسه وسط هذه الكوكبة من اللاعبين الذين اسلفت ذكرهم والذين يعتبرون من ابرز ما شاهدنا على ملاعبنا وقد كان الاحتكاك بهم بمثابة الحافز لي حتى اقدم ما هو منتظر مني من جهة وحتى احسن مستواي الكروي من جهة اخرى ولا يخفى عليك ان الارتقاء الى صنف الاكابر يخلق بعض الرهبة التي سريعا ما تجاوزتها ويعود الفضل في ذلك الى نبيل الكوكي الذي منحني الثقة اللازمة وقد كنت عند حسن الظن حيث تمكنت في اول مشاركة لي مع الاكابر في الموسم قبل الفارط من تسجيل هدف التعادل امام النادي الرياضي لحمام الانف في رادس وفي المباراة الثانية تمكنت صحبة زملائي الشبان من هزم النجم الرياضي الساحلي الذي كان يلعب على البطولة في صفاقس بأربعة اهداف لهدف واحد ومن ذلك الوقت تمكنت من الظفر بمقعد في صنف الاكابر. لنمر الآن الى الحديث عن آخر استعدادات الفريق ؟ يمكن القول ان النادي الرياضي الصفاقسي أصبح جاهزا بنسبة كبيرة جدا لبقية مراحل البطولة الوطنية لكرة القدم في شكلها الجديد و رغم بعض المتاعب التي واجهتنا في السابق وخاصة مشكلة الميادين التي تعاني من قلة الرعاية حيث أن العديد من الملاعب في تونس لا تصلح البتة لممارسة رياضة كرة القدم التي تعتبر لعبة الكرات القصيرة ونظام اللمسة الواحدة وهو الاسلوب الذي زرعه فينا الاطار الفني الحالي للفريق بقيادة الهولندي رود كرول وحمادي الدو الا ان فريقنا لم يرم المنديل بل واصلنا العمل بثبات حيث كنا رغم عدم الفوز في العديد من اللقاءات نقدم مستوى كرويا رفيعا وهو ما مكنا من جني ثمار العمل المذكور وذلك بالتربع على عرش المجموعة الثانية في البطولة ودك شباك نادي غامتال بالأربع في كأس الكنفيدرالية الإفريقية إلا ان ذلك لا يجب ان يحجب بعض النقائص والاخطاء التي ينكب الاطار الفني للفريق على معالجتها في اقرب وقت ممكن. على ذكر المدرب الهولندي ما هو رأي الفرجاني ساسي فيه؟ كلاعب لا يحتاج رود كرول الى تقديم فالرجل كان أحد أعمدة خط دفاع المنتخب الهولندي لكرة القدم ولعب في أعتى الفرق الاوروبية وخاصة نادي أجاكس امستردام الهولندي و لعب نهائيي كأس العالم سنتي 1974 و 1978 إضافة الى حصوله على لقب رابطة الأبطال الأوروبية لثلاث مرات هذا دون اعتبار العديد من الالقاب الاخرى وأما في عالم التدريب فالرجل أحرز على أعلى الشهائد اضافة الى تدريبه لاندية كبيرة سواء اوروبية او افريقية مثل نادي اورلندو بيراتس الجنوب افريقي او العربية مثل نادي الزمالك المصري و قد تدرب على يديه بعض اللاعبين التونسيين مثل اللاعب السابق للنادي الرياضي الصفاقسي وسام العابدي ايام اشراف كرول على دواليب الزمالك وحاتم الطرابلسي الذي دربه مدة خمس مواسم صحبة رونالد كومن والآن لدينا نحن الفرصة للتدرب تحت اشرافه والتعلم منه ففي كل حصة تدريبية يطلعنا الرجل على مخزون هائل من الافكار في عالم كرة القدم حيث تعتمد فلسفته اساسا على اللمسة الواحدة والانضباط التكتيكي فوق الميدان هذا اضافة الى وجوب الانضباط خارج المستطيل الاخضر الشيء الذي يعتبر مفتاح النجاح في عالم المستديرة. وماذا عن طموحات النادي الرياضي الصفاقسي الموسم الحالي خاصة وأنّ الجمهور يطالب بلقب البطولة؟ كنا دخلنا الموسم الرياضي الحالي بطموحات كبيرة فالمجموعة الحالية للفريق تعتبر ممتازة وفيها خليط من اللاعبين الشبان الممتازين وآخرين من اصحاب الخبرة والجميع عاقد العزم على نحت مسيرة طيبة هذا الموسم ان شاء الله لأن كل العوامل متوفرة من اطار فني كفء وهيئة مديرة جدية ورصيد بشري ممتاز الا انه يجب علينا التركيز على كل مباراة على حده لان ما يطالب به الجمهور امر معقول الا انه يزيد من الضغوط المسلطة على اللاعبين وبالتالي يصبح من الاولى الاهتمام بكل مقابلة بشكل معزول على باقي المقابلات حتى نخفف الضغط خاصة وان اغلب عناصر المجموعة الحالية يعتبرون شبانا وهم في بداية مشوارهم الكروي. لماذا لم تقع دعوتك للمنخب الوطني من طرف نبيل معلول؟ يوجد في تونس العديد من اللاعبين الجيدين في خطة وسط ميدان دفاعي من اصحاب الخبرة وان شاء الله سأتمكن في القريب العاجل من ضمان مقعد لي في المجموعة الوطنية وذلك لا يكون الا بالعمل والانضباط داخل الميدان وخارجه اولا واخيرا خاصة وان نبيل معلول مدرب المنتخب حريص على انتقاء الاسماء القادرة على افادة الفريق الوطني بكل عناية كما انني أعمل جاهدا على تحقيق حلم والدي بأن ارتدي الراية الوطنية مع شقيقي مصعب. بماذا تود ان تختم هذا الحوار؟ أشكرك وأشكر جريدة «التونسية» على هذا الحوار وكل ما أتمناه هو أن يعيننا الله على إعلاء راية النادي الرياضي الصفاقسي عاليا في الموسم الحالي سواء في المسابقات الوطنية او المحافل الدولية وسوف نسعى الى ارضاء جمهورنا العزيز الذي ابهرنا بانضباطه وحبه اللا متناهي لجمعيته وقد تجلى ذلك كأحسن ما يكون في المباراة الاخيرة التي خضناها في اطار تصفيات كأس الكنفيدرالية الافريقية لكرة القدم امام نادي غامتال الغمبي.