قانون تحصين الثورة هذا الكائن الهلامي بقي يتأرجح بين أجنحة «الترويكا»، فمرّة تستفيض في تعديد محاسنه و«مفاتنه» المثيرة للأزلام، يصاحب هذا الإغراء تصريحات مؤيدة ومفسّرة لمزايا هذا المشروع في كل وسائل الإعلام، ومرات أخرى ترمي به إلى الصفوف الخلفية لتصمت الترويكا عن مُباح الكلام، مقدّمةً مشروع العدالة الانتقالية كبديل جاهز وعادل بعيدا عن التشفي والانتقام. وبين التلويح به (بالفصحى) و«تلْويحه» (بالدارجة) حارَ الدليل، فأين سيرسو بكم المقام؟. وفي هذا المجال، أقدّم للمجلس التأسيسي والحكومة والمعارضة هذا المشروع الهُمام لتحصين الثورة من الآلام قبل الأزلام: حصّنوا جيوبنا من الثقوب التي تكاثرت وتناسلت كالبكتيريا فأبكت القلوب وقضت على الأحلام. حصّنوا صيفنا من هجمات الناموس الإرهابية ووفروا الوسائل اللازمة للبلدية، حصّنوا أرضنا من السلاح الذي دخل مثل «الناس المْلاح»، حصّنوا مدارسنا من داء التجاذبات الإيديولوجية فصغارنا يذهبون للمدارس للتعليم لا للتلغيم!، حصّنوا المشاريع بالمتابعة والمبالغة في المراقبة حتى تنجح برامج التشغيل، حصّنوا عقولنا بمعقول الكلام لا بتنظير مبني للمجهول، حصّنوا ليلنا من الخوف الذي جعلنا نلازم ديارنا منذ بداية غروب الشمس، ولكم مني جزيل السلام. حين تجتهدون في مشروعي، وتسدّون جوع البسطاء وجوعي، ستكون الثورة معزَّزة محصَّنة طبيعيا من أعدائها، وحينها قدّموا ما شئتم كمشروع تحصين الثورة مع تأكّدي أنكم ستولّون الوجهة نحو المشروع الجامع والأرقى:تحسين الثورة!.