بمناسبة إحياء الذكرى الثالثة عشرة لوفاة الزعيم الراحل الحبيب بورقية تنظم جمعية أحباء المكتبة والكتاب بسوسة وبمساهمة المندوبية الجهوية للثقافة ندوة فكرية تستضيف خلالها الدكتور عبد الجليل بوقرة مؤلف كتاب "النظام البورقيبي ... الصعود والإنحدار" وذلك مساء يوم السبت 6 أفريل بفضاء المكتبة الجهوية بسوسة. وبمناسبة هذا اللقاء حدثنا الدكتور بوقرة عن مؤلفه الذي سيتولى تقديمه بحضور مجموعة من الوجوه الثقافية والسياسية ونشطاء المجتمع المدني حيث قال: " يظلّ دائما الحديث عن الحبيب بورقيبة حيويّا ومثيرا ومستأثرا بفضول المؤرّخين وغير المؤرّخين، لعدّة أسباب، أهمّها: - بقاء بورقيبة في قلب الأحداث، صانعا لها ومؤثّرا فيها ودائم الحضور حتّى بالغياب، على امتداد ستين سنة - معاصرته لأغلب الأحداث التي عاشتها المنطقة المغاربية والعربية، غالبا من موقع التّأثير، - صعوبة الحكم على بورقيبة وما يتبع ذلك من تضارب المواقف تجاهه، فهو شخصيّة خلافيّة بامتياز، وتبقى الأسئلة موجهة لكلّ باحث في سيرته أكثر من الأجوبة، إذن «من هو بورقيبة؟»، هل هو ذلك المثقّف التّونسي العقلاني والحداثي، المستوعب لتحوّلات عصره في كلّ تجلّياتها، المتأثّر بفلسفة الغرب والدّاعيّة المخلص لها؟ أم هو ذلك «المستبد الشّرقي»، لا يختلف عن غيره من مستبدّي الشّرق، الذي لم يأخذ فكر الغرب ومن تقاليده سوى ما يعزّز به سلطانه ونفوذه؟ هل كان بورقيبة مخلصا عندما انتصر للمرأة في خطابه وممارسته ودعا إلى تحرّرها وانعتاقها أم إنّه تعامل مع قضيّة المرأة لغايات سياسيّة بهدف توظيفها في صراعه مع الزعامات التقليدية للمجتمع التونسي ولتعزيز رصيده داخل تونس وخارجها؟ في كلّ الأحوال تبقى شخصيّة بورقيبة طريفة ومثيرة ومحفّزة لمزيد البحث والاستكشاف، كما إنّ الحديث عنه يتجاوز شخصه، ليصبح حديثا عن نظام سياسي وعن مجتمع وأكاد أقول عن منطقة كاملة. رغم المفارقات التي كانت تحملها شخصيّة بورقيبة وتضارب المواقف منه فإن الإجماع يكاد يكون حاصلا حول تمسّكه بالحكم الفردي ورفضه للتعدّديّة خارج حدود منطقه، ولكن في هذا السّياق أيضا تختلف مرّة أخرى القراءات لحكم بورقيبة الفردي وتتراوح بين التّبرير والتفهّم من جهة، وبين الإدانة من أخرى. لذا وجبت القراءة التاريخيّة المتأنّية والهادئة لهذه «الظّاهرة»، لأنّها وحدها القادرة على ضمان توفير قراءة جدليّة، أي فهم منطق الظّاهرة الدّاخلي، دون إسقاط، ورصد حركتها الذّاتية وتحوّلاتها دون اللّهث وراء موقف متسرّع وانفعالي ودون التعسّف على حركة التّاريخ".