أستاذ القانون الجنائي والقانون الاسلامي المقارن بكلية الحقوق والعلوم السياسية بالجامعة التونسية، الدكتور محمد رضا الأجهوري، هو من أولئك الأكاديميين الذين هجروا مبكرا برجهم العاجي، وقرروا أن يكونوا حاضرين في صلب مشهد الحراك السياسي والاجتماعي الوطني، وعيا منه بدور النخبة وواجبها التاريخي في صدّ هجمة التغريب الثقافي على المجتمع التونسي من جهة ودورها في التأسيس لحصانة فكرية مجتمعية ذاتية، تقي التونسيين كل أشكال التطرف، سواء باسم الدين أو باسم الحداثة من جهة أخرى. فقد رأيناه في تسعينات القرن المنقضي مثلا يحاجج بمنطق الأكاديمي والمتخلق الوزير الراحل محمد الشرفي حول منطلقاته الثقافية والسياسية التي أرادها أن تكون أداته في مشروعه «التحديثي» الشخصي في «اصلاح التعليم» وتجفيف منابع التدين لدى الأجيال. كما رأيناه يحبر خلال الأسابيع القليلة الماضية دراسة فكرية قيّمة حول «ظاهرة النقاب» جعلها تحت عنوان «وقرن في بيوتكن أيتها المنقبات» حمل فيها بالدليل الشرعي والعقلي على هذه الظاهرة باعتبارها ليست من الاسلام في شيء.. الدكتور الأجهوري عاد هذه الأيام وأصدر طبعة ثانية جديدة محيّنة ومنقحة من كتابه «الجذور التاريخية لمجلة الأحوال الشخصية» الصادر سنة 1999. الطبعة الجديدة من هذا الكتاب جاءت تحت عنوان «الخلفية الإسلامية لمجلة الأحوال الشخصية» وهي صادرة عن «دار المعالي للنشر» وضمّت بابين كبيرين هما: الأول تحت عنوان «الرافد التحديثي» والثاني «الموروث التقليدي»، فضلا عن الخاتمة وقائمة المراجع. الباب الأول من الكتاب أكد فيه حضور ما أسماه «الرافد التحديثي» ضمن المجلة، ممثلا بالخصوص في اجتهاد كل من محمد عبده والطاهر الحداد.. «ذلك أن ما جاءت به هذه المجلة من أحكام متعلقة بمنع تعدد الزوجات وتنظيم الطلاق لدى المحكمة، وإلغاء حق الجبر على الزواج واستبداله بحرية التعبير الشخصي عن الرضى، لا يمكن أن نجد لها تفسيرا خارج إطار هذا الرافد التحديثي الذي يمثل أرقى ما أبدعه العقل الاجتهادي المستنير في التعامل مع النصوص واستنباط الحلول الفقهية والاصلاحية...». أما الباب الثاني فقد أبرز فيه طبيعة ذلك الحضور القوي للموروث الفقهي التقليدي ضمن فصول مجلة الأحوال الشخصية.. وهو حضور «يدحض ادعاء البعض بأن هذه المجلة مجلة لائكية علمانية، وأن علاقتها مقطوعة مع التراث...». على أن ما هو لافت للانتباه في هذه الطبعة الجديدة من الكتاب، هو مقدمتها التي وضعها المؤلف بنفسه، والتي حاول من خلالها ابراز بعض ملامح التجاذب بين أنصار القديم والجديد بشأن «مجلة الأحوال الشخصية» تحديدا، وذلك على أساس الجدل المثار على الدوام حول مدى التأقلم بين الحداثة والاسلام، متوسلا في ذلك الاجابة عن ثلاثة أسئلة مركزية هي على التوالي: ٭ هل لعلمانية بورقيبة بصمة في المجلة؟ ٭ أية علاقة بين المجلة والاسلام والحداثة؟ ٭ أي مستقبل للمجلة في إطار التجاذب الحالي؟ عن سؤال: هل لعلمانية بورقيبة بصمة في المجلة، وتحت عنوان فرعي «مجلة بورقيبة السياسي العلماني» يجيب الدكتور الأجهوري بالقول: «لا أحد ممن عرفوا، من قريب أن بعيد، الراحل الحبيب بورقيبة، الزعيم السياسي ورئيس الدولة، يمكنه أو يستطيع أن يشكك في توجهه العلماني الواضح المعلن، باعتبار ذلك أحد مكونات ثقافته الواسعة والعميقة فكريا وسياسيا، فهو حامل مشروع منحاز للعلمانية، لا يكاد يختلف في جوهره عن المشروع العلماني الذي أنجزه مصطفى كمال أتاتورك في تركيا الجمهورية، غير أن انجاز هذا المشروع العلماني القائم على الفصل بين الديني والمدني، وعلى تطويق الديني وحصره في المجال الضيق والمحدد والمراد حصره فيه، جعل هذا المشروع العلماني يصطدم بواقع ثقافي اجتماعي لايزال فيه حضور قوي للثقافة التقليدية وللتدين الموروث، ولايزال في مقدوره التصدي ورد الفعل. ولا شك أن بورقيبة الماسك الجديد آنذاك بزمام السلطة، كان له دور سياسي حاسم في توجيه صياغة بعض نصوص المجلة، وفي انجاز بعض التوجهات والأهداف المحددة والمعبّرة عن نزعة بورقيبة العلمانية والمستجيبة لها في الظاهر، طالما أنها في تناقض مع الفهم الفقهي التقليدي الموروث، وفي تعارض مع الممارسة الاجتماعية السائدة والمتأثرة بلا شك بالمفاهيم الدينية المورورثة كذلك. ويمكن في هذا السياق يضيف المؤلف التأكيد بان المجلة التونسية للاحوال الشخصية هي مجلة بورقيبة ذي التوجه العلماني، ارتباطا بدوره السياسي الحاسم كرئيس للحكومة انذاك في التعجيل باصدار المجلة في اجل قياسي لا يكاد يتجاوز الاربعة اشهر منذ 17 افريل 1956 تاريخ تكليف الاستاذ احمد المستيري بوزارة العدل الى 13 اوت 1956 تاريخ الاصدار الرسمي للمجلة، يبرر البعض هذا الاستعجال وربما التسرع، على حد تعبير استاذنا ساسي بن حليمة، بحرص بورقيبة على ارضاء وتطمين فرنسا باصدار مجلة عصرية للاحوال الشخصية مختلفة عن تلك اللائحة الشرعية التي سبق لوزير العدل محمد العزيز جعيط ان اعدها سنة 1948 لتكون مجلة فقهية تقليدية، وبقيت حسب تعبير الشيخ المنصف المشري في بعض مقالاته الصحفية العنيفة غداة اصدار المجلة محفوظة او حبيسة في مكتب المستشار الفرنسي للحكومة الذي ابدى ملحوظاته النقدية بشأن مشروع لائحة الوزير الشيخ جعيط، واعتبر الشيخ المنصف المشري ان تلك الملحوظات اعتمدت فيما اعتمدت لصياغة نصوص المجلة الجديدة للاحوال الشخصية. ولا شك ايضا ان هذه المجلة ذات ارتباط بجانب من نظرة بورقيبة الفكرية والثقافية من خلال تضمين المجلة بعض المواقف المبدئية المنسجمة مع قناعات بورقيبة والتي تاخذ شكل توجه علماني، وقد يكون في اخذ لجنة صياغة المجلة بمقترحات او تعليمات بورقيبة التي كان ينقلها وزير العدل الاستاذ احمد المشري شكلا من اشكال التعبير عن هذا التوجه العلماني الذي لا يتردد بورقيبة في اعلانه، وخاصة فيما يتعلق بمنع تعدد الزوجات وتنظيم الطلاق لدى المحكمة، علاوة لاحقا على مسألة التبني، علما بان مسالة التبني ليست، مثلما يعتقد الكثيرون خطأ، مدرجة في المجلة ولم تكن إبان اصدارها جزءا منها، وليست الى الآن جزءا من المجلة، وانما وقع تنظيم التبني بنص قانون خاص صدر بصفة مستقلة في تاريخ لاحق لصدور المجلة، وهو قانون 1958، ومثل هذا القانون الخاص بتنظيم التبني واقرار العمل به، وان يكن في جوهره منسجما مع حقيقة التوجه العلماني للرئيس بورقيبة، لعلمه يقينا بان التبني يتعارض صراحة مع نص قرآني "أدعوهم لآبائهم"، فإن هذا الموقف الخاص بقانون التبني لا يمكن اخراجه من سياقه الاجتماعي، كما لا يمكن استغلاله لاعتبار المجلة التونسية للاحوال الشخصية مجلة علمانية مناقضة للفقه الاسلامي، واستبعاد مثل هذا التبرير في ادعاء علمانية المجلة التونسية، هو ان التبني ليس قانونا إلزاميا يفرض وجوب العمل به وحده دون سواه، لأن التبني كممارسة اجتماعية في شكل تشريعي جديد، يبقى مجرد اختيار متاح أمام من يرغب في ممارسته من التونسيين والتونسيات، تماما مثل بقاء واستمرار العمل بمؤسسة الكفالة الموروثة عن أحكام الفقه الاسلامي، والتي لم يصدر قانون التبني ليلغيها، وانما جاء قانون التبني ليفتح امكانية الخيار بين المؤسستين، مؤسسة الكفالة ومؤسسة التبني، بما يحقق هذا التعايش القانوني والاجتماعي بين هذين النظامين، تعايشا سلميا مشاهدا وهادئا، ومثل هذا التعايش يؤكد في كل المستويات الايديولوجية والقانونية والاجتماعية، ان مسألة التبني تبقى مسألة ثانوية ضمن مجموع مسائل الاحوال الشخصية، ولا يمكن باي حال من الأحوال استغلالها في اتجاه الانحراف بها عن حقيقتها السياسية والفكرية والتشريعية، لاعطائها دلالة اخرى غير دلالتها الحقيقية، التي لا ترتقي ابدا الى مستوى الدلالة الجوهرية والاساسية في تاكيد ما يزعم من انتهاج المشرع التونسي نهجا علمانيا في رسم توجهات السياسة التشريعية الخاصة بالمرأة والاسرة والاحوال الشخصية عموما، بما يصح معه القول في نظرنا بأن هذه المجلة هي من جهة اخرى مجلة بورقيبة الفقيه المحافظ".. بورقيبة الفقيه المحافظ! تحت هذا العنوان الفرعي ضمن المقدمة كتب الاستاذ الأجهوري يقول في سياق الاجابة عن نفس السؤال: هل لعلمانية بورقيبة بصمة في المجلة؟ لا غرابة في أن المجلة التونسية للأحوال الشخصية بقدر ما هي مجلة بورقيبة السياسي العلماني الذي مرر بعض مواقفه التي يرى البعض أن فيها توجها علمانيا، مثل منع تعدد الزوجات وتنظيم الطلاق لدى المحكمة، تم لاحقا في نص خارج عن المجلة، تنظيم التبني بصفة موازية لمؤسسة الكفالة، وهذه المواقف مثلما يمكن أن تحتسب لفائدة بورقيبة العلماني، هي أيضا من صميم وجوهر الاجتهاد العقلاني في الفقه الاسلامي المعاصر على النحو الذي سلف بسطه في الباب الأول من هذا الكتاب، فمجلتنا بقدر ما هي مجلة بورقيبة العلماني من هذا الجانب، وخاصة من جانب الدور السياسي الحاسم لبورقيبة في اصدارها، على النحو الذي جاءت واستمرت عليه الى الآن، بقدر ما هي أيضا مجلة بورقيبة الفقيه المحافظ. قد يبدو غريبا وصف بورقيبة بالفقيه، ومن المؤكد أن يبدو أغرب وصفه بالمحافظ، فعندما نطلق هذا الوصف على هذا السياسي والمثقف فإننا نلفت، من ناحية أولى، النظر الى جانب غير يسير في تكوينه العلمي العام والذي كان جزءا أساسيا منه بعض معلوماته عن الفقه الاسلامي سنوات دراسته بالصادقية على يد شيوخ الزيتونة، بما وفر له حصيلة فقهية تسمح له إلى حد كبير، بالتعاطي مع بعض المسائل استخداما لما يحفظ من آيات قرآنية لا يتردد إبان نشاطه السياسي وفي خطبه ولقاءاته وحتى مراسلاته أن يستشهد بالكثير منها، وتواصل ذلك على حد سواء قبل الاستقلال وبعده. أما كيف يكون بورقيبة فقيها محافظا رغم جرأته السياسية في اصدار المجلة، فإن ذلك نستشفه من عدة نواح أهمها قناعة بورقيبة بتمرير رؤيته ومواقفه بخصوص مسألتين على الأقل، وتضمينهما بنصوص المجلة الجديدة، الأولى التنصيص صراحة على منع تعدد الزوجات، والثانية وجوب تنظيم اجراءات الطلاق لدى المحكمة، ونزع حق الطلاق من الزوج حتى لا يستمر في العبث باستعماله اضرار بالزوجة والعائلة، وهاتان المسألتان هما جوهر اجتهادات الطاهر الحداد ومن قبله الأستاذ الامام محمد عبده، وقد أضاف إليهما الاستاذ أحمد المستيري مسألة مساهمة الزوجة في الانفاق، وهي مسألة في تقديرنا ليست في مستوى أهمية المسألتين السابقتين.. وأما الناحية الثانية في تأكيد اضفاء صفة الفقيه المحافظ على بورقيبة، فهي متابعته عن كثب عمل لجنة صياغة المجلة، وهي لجنة ذات ارتباط وثيق بعلماء جامع الزيتونة، يكفي أن أقتبس في هذا السياق بعض ما أورده الاستاذ أحمد المستيري في كتابه "شهادة للتاريخ" عند حديثه عن "إلغاء المحاكم الشرعية والدينية، واصدار مجلة الأحوال الشخصية"، نظرا لأهميته الكبيرة في تسليط بعض الاضواء الكاشفة على بعض الملابسات التي رافقت اعداد وصياغة المجلة: "هذا ودون دخول في التفاصيل، أتعرض فيما يلي الى ثلاث مسائل اثارت الجدل والنقاش، وأحيانا "التفاوض" بين بورقيبة وأنا، من جهة، والمشائخ الطاهر بن عاشور وابنه الفاضل وعبد العزيز جعيط من جهة أخرى، وكان الشيخ الفاضل بن عاشور، في الغالب، يقوم بدور الوسيط والموفّق، والمسائل الثلاث التي عناها الأستاذ أحمد المستيري في هذا الاستشهاد، تتعلق بمنع تعدد الزوجات ووجوب عرض الطلاق على القاضي، ومساهمة الزوجة في النفقة على العائلة إن كان لها مال. والمهم في نظرنا هو أن هذا الاستشهاد يؤكد أن بورقيبة لم يكن يستطيع رغم موقعه على رأس الحكومة أن يمرّر موافقة إلا عبر النقاش الذي اسماه الاستاذ المستيري "التفاوض"، بل لقد بلغ الأمر ببورقيبة الى حد الالتقاء مباشرة بكل من الشيخ محمد الطاهر بن عاشور والشيخ محمد العزيز جعيط للتحاور معهما ومناقشتهما في بعض المسائل المتعلقة بصياغة المجلة.. ولم يقع تمرير هذه المواقف المتعلقة بالمسائل الثلاث المذكورة آنفا دون أن يدفع بورقيبة العلماني الثمن المقابل لذلك، وهو افساح المجال سواء بصفة مباشرة أو غير مباشرة للجنة صياغة المجلة وهي لجنة يغلب على أعضائها منحى تقليدي محافظ لتصوغ أغلب فصول المجلة اعتمادا على أحكام الفقه الاسلامي التقليدي، من خلال مشروع لائحة الشيخ جعيط للأحكام الشرعية، بما يضفي، في تقديرنا صفة الفقيه المحافظ على بورقيبة شاء ذلك أو لم يشأه، وإنما يسجل التاريخ أن بورقيبة الذي أصدر المجلة، جمع في شخصه طوعا صفة السياسي العلماني جنبا الى جنب صفة الفقيه المحافظ كرها. وأما من الناحية الثالثة التي يمكن اعتمادها لتأكيد صفة الفقيه المحافظ في بورقيبة، فهي مرتبطة بواقعة لاحقة أمكن من خلالها تسجيل موقف لبورقيبة العلماني، يحسب في خانة بورقيبة الفقيه المحافظ، وهذا الموقف ارتبط بالخصوص بما وقع اقتراحه من طرف لجنة ضمت كبار القضاة وأساتذة بكلية الحقوق، وكان من ضمنهم أستاذنا ساسي بن حليمة وأستاذنا المرحوم محمد الشرفي، مكلفة بإعداد تعديلات مزمع ادخالها على المجلة، ثم الأخذ بأهمها كمسألة اختيار الجراية العمرية من طرف المطلقة كشكل جديد للتعويض عن ضررها المادي، وكان ذلك سنة 1981. والمعلوم أن الرئيس بورقيبة استقبل اعضاء هذه اللجنة لتلقي مقترحاتها بخصوص التعديلات المزمع ادخالها على المجلة، وكان من ضمن هذه التعديلات المقترحة اقتراح تعديل خاص بإقرار المساواة الكاملة في الميراث بين الذكر والأنثى، غير أن رد بورقيبة آنذاك جاء حاسما حينما ذكر للجنة، فيما نقله لنا أستاذنا بن حليمة كيفما ورد حرفيا على لسان بورقيبة: «هذه فيها آية»، أي أن هذه المسألة فيها آية صريحة لا يجوز المساس بها، وبذلك يسترجع بورقيبة نبضه أو رد فعله كفقيه محافظ، أليس كذلك؟ ولا شك أن لموقف بورقيبة هذا تأويلات ليس هنا مجال الخوض فيها.. والمهم هو أن بصمة بورقيبة في «مجلتنا» واضحة لا لبس فيها، عندما يساعدنا التاريخ على التعامل مع بورقيبة كسياسي علماني، وفي نفس الوقت كفقيه مجدد ومحافظ، بما سيبقي التساؤل مطروحا بخصوص علاقة المجلة بالاسلام والحداثة. هذه «ورقات» من كتاب «الخلفية الإسلامية لمجلة الأحوال الشخصية» للأستاذ رضا الأجهوري الصادر حديثا عن «دار المعالي» للنشر.. وهي ورقات تفتح «الشهية» بالتأكيد للاقبال على هذا المؤلف و«التهام» ما جاء فيه من معلومات وشهادات حول مجلة تونسية للأحوال الشخصية، هي بكل المقاييس اجتهاد رائد وغير مسبوق في دنيا الفقه والسياسة والشريعة.. اجتهاد كانت وراءه وأمامه شخصية بورقيبة السياسي العلماني من جهة، وبورقيبة الفقيه المحافظ من جهة أخرى.