التونسية (سوسة) احتلت قضية الخلاف القائم بين نائبة المجلس الوطني التأسيسي نجلاء بوريال ووزيرة المرأة سهام بادي صدارة الأحداث على الساحة الوطنية بسبب تمشي إمضاء عريضة سحب الثقة من الوزيرة تزامنا مع وقائع تعرض فتاة الثلاث سنوات للإغتصاب في أحد رياض الأطفال بجهة المرسى. «التونسية» التقت السيدة نجلاء بوريال وكان الحديث التالي. يبدو ان العلاقة بينك وبين وزيرة المرأة وصلت إلى نقطة اللاعودة؟ على المستوى الإنساني ليس بيني وبين وزيرة المرأة أي مشكل، كل ما في الأمر أنني مارست صلاحياتي كنائبة للشعب في المجلس الوطني التأسيسي، حيث وعلى إثر بروز مشكلة الفتاة ذات الثلاث سنوات، التي تعرضت للاغتصاب في أحد رياض الأطفال وكل ما حف بهذه الحادثة من ملابسات، قمت رفقة جمع من الزملاء والزميلات بتمرير لائحة لوم ضد الوزيرة وفقا لما يخوله القانون ووفق ما يمليه الدور الرقابي الواجب القيام به من طرف نواب المجلس على آداء الحكومة. ولكن يبدو أن السيدة الوزيرة لم تدرك هذه المسألة حيث بادرت بطلب رفع الحصانة عن شخصي من أجل عرضي على المحاكمة وهذا التمشي يعتبر بمثابة الضوء الأحمر والإشارة السلبية للغاية لما يمكن أن يحدث في تونس بعد أكثر من سنتين على ثورة الكرامة. هل من توضيح؟ المعلوم أن الثورة قامت ضد الظلم والاستبداد وقامت ضد سياسة تكميم الأفواه التي انتهجها النظام السابق ضد العام والخاص إلى أن جاءت الثورة، ثورة الحرية والكرامة لتكسر هذه القيود وتعتبر انتخابات 23 أكتوبر 2011 منطلقا حقيقيا لعملية الإنتقال الديمقراطي من أجل بناء دولة بمفاهيم جديدة وكتابة دستور يؤسس للحقوق والحريات ويحصن التونسيين، كل التونسيين ضد الظلم والاستبداد والقمع ولا مجال فيه لأن يستقوي أي طرف كان على القانون. لكن يبدو وللأسف أن البعض مازال لم يدرك هذا التوجه حيث يبدو أن وزيرة المرأة نسيت أو تناست أن المجلس الوطني التأسيسي هو اليوم أعلى سلطة في البلاد وهو السلطة الأصلية التي تستمد منها بقية أجهزة الدولة ومن ضمنها الحكومة شرعيتها. وأكثر ما أثار إندهاشي في تصرف الوزيرة هو عدم إدراكها أن ما قمت به إنما يتنزل في صلب ممارسة صلاحياتي كنائبة وما أثار مخاوفي هو ما يمكن تصوره من تصرفات لهذه الوزيرة مع مواطن عادي. فماذا لو قام مواطن بانتقاد الوزيرة أو بالمطالبة بحقوقه فماذا سيكون مصيره؟ هل سيقع الزج به في السجن كما كان يفعل بن علي مع كل من يعارضه؟... إن كان الجواب بنعم فما الذي حققته الثورة ولماذا قدم الشعب الشهداء لينعم السياسيون وغيرهم بالحرية؟... لنعد لعريضة سحب الثقة، هل تتصورين أنها ستمر خلال التصويت عليها في المجلس؟ تمر أو لا تمر هذا أمر متروك لتقدير النواب للمصلحة الوطنية وتحصيل 109 أصوات ليس من الهين في المجلس التأسيسي في ظل التكتلات السياسية القائمة والتي وللأسف تحولت لتكتلات على أساس الولاء وليس تكتلات حول برامج ومصالح هذا الوطن بقدر ما هي مصالح حزبية ضيقة. لكن هذا المعطى لن يثني نواب المعارضة عن القيام بدورهم وفق ما تمليه المصلحة الوطنية ووفق ما يتماشى مع وجهات نظرهم ورؤاهم ووفق ما وعدوا به ناخبيهم من أبناء الشعب ولدينا دائما أمل في أن تستفيق بعض الضمائر من أجل ترجيح منطق العقلانية والحياد عن المصالح الذاتية الضيقة. وأود بهذه المناسبة أن أشكر كل زملائي وزميلاتي داخل المجلس الذين ساندوني ضد الموقف غير القانوني الذي اتخذته الوزيرة حيث أنه ليس من صلاحياتها طلب رفع الحصانة عنّي أو عن غيري من النواب. بعيدا عن هذا الموضوع وبصفتك عضو في لجنة التشريع العام، في أي ظروف صارت المداولات حول قانون «التحصين السياسي» للثورة؟ أولا هذا القانون وبعد ان بقي لمدة في رفوف المجلس لم نفهم كيف وقع الدفع به هكذا فجأة من أجل مناقشته دون سواه من القوانين ورغما عن الاستحقاقات العديدة التي هي على لائحة أشغال واولويات المجلس. ثانيا نحن كنواب بالكتلة الديمقراطية، وكموقف واضح لحزب التحالف الديمقراطي وبالنسبة لي شخصيا كنائبة، نحن مع محاسبة المفسدين مهما كان انتماؤهم ومهما كانت مراكزهم ولكن نؤمن ان هذا لايمكن ان يتم بعيدا عن القضاء وعن قانون العدالة الانتقالية وعليه فإن ما سمي بقانون تحصين الثورة هو تمش لا يمت للثورة بصلة ولا لأهدافها فهو بصراحة استعمال للقانون من اجل تحقيق أهداف سياسية وانتخابية. فلا احد له الحق في إقصاء الآخر بهذه الطريقة بل الشعب وحده هو من له القدرة على إقصاء من يريد والقضاء وحده هو المخول بأن يحدد من هم الفاسدون ومن هم الشرفاء ومن هم المذنبون ومن هم الأبرياء. وبالتالي أرى أن مسألة العدالة الانتقالية في تونس وقع إخراجها من سياقها وأهدافها بهذا التمشي. تحتفل تونس يوم غد بذكرى عيد الشهداء، والمعلوم ان 9 أفريل من السنة الفارطة اقترن بجملة من الأحداث أوكلت لكم رفقة أطراف اخرين التحقيق فيها لكن عوض أن يقع الكشف عن الحقيقية فوجئ الرأي العام باستقالة 9 من زملائك في الكتلة الديمقراطية من هذه اللجنة؟ في الحقيقة زملائي لهم الحق كل الحق في الانسحاب من هذه اللجنة التي بقيت صورية وحبرا على ورق بسبب الضبابية الكبيرة التي ميزت أشغالها وكذلك طريقة عملها ومشاركة الزملاء في أشغالها. كل ما أعلمه حول الموضوع هو أن زملائي كلما سألوا وزير الداخلية الأسبق عن تقدم التحقيقات في هذا الملف إلا وأجابهم بانه ليس لهم الحق في الإطلاع على الأبحاث احتراما لسرّيتها. فهل يعقل ان لا يقع إطلاع أعضاء اللجنة عن فحوى هذه الأبحاث إن وجدت واي جدوى لمشاركتهم في اللجنة والحال عما هو عليه؟ والأمر ليس مقتصرا على عمل هذه اللجنة بل يشمل بقية اللجان التاسيسية فأنا مثلا عضو في لجنة الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد لكنني لم أر يوما نشاطا لهذه اللجنة منذ تاسيسها مما يجعلها مجرد شعار داخل المجلس لاغير.