ندعم التعدّدية النقابية شريطة الابتعاد عن السياسة موقف اتحاد الشغل غير مفهوم حاوره: ناجح بن عافية على هامش مشاركته في أشغال اليوم الافتتاحي للمؤتمر الوطني الأول لاتحاد عمال تونس المنعقد بسوسة على مدى ثلاثة أيام التقت «التونسية» السيد رجب محمد معتوق الأمين العام للإتحاد الدولي لنقابات العمال العرب والذي برزت أخباره في المدة الأخيرة على ضوء ما شهدته علاقته بالاتحاد العام التونسي للشغل من ضبابية واحتقان. وقد شمل الحديث مع السيد رجب محمد معتوق العديد من المواضيع والتي من ضمنها وضع العمل النقابي العربي، واتهام الاتحاد لأطراف أجنبية بمحاولة انهائه وجره الى ما أسماه الأمين العام التبعية كما تحدث السيد رجب معتوق عن أهم التحديات المرفوعة أمام الاتحاد في ضوء التحولات التي عاشها العالم العربي إثر الثورات وبالخصوص منها إشكالية التعددية في العمل النقابي. كيف نقدم الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب لقراء «التونسية»؟ الإتحاد الدولي لنقابات العمال العرب منظمة عربية نقابية تضم في عضويتها العديد من النقابات الوطنية العربية، وهي منظمة تأسست في 24 مارس 1956 بدمشق واتخذت مقرّا لها بالقاهرة واستمرت فيها إلى غاية 1978 حين انتقلت إلى دمشق والتي مازال مقرها بها إلى غاية اليوم. أما اليوم، فيواجه الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب العديد من التحديات والرهانات ذات العلاقة بما يشهده العالم العربي من تحولات ومن ثورات ومن تغيير في وضعه العام. ومن أبرز هذه التحديات مواجهة المخططات المدعومة من الخارج لإنهاء هذه المنظمة القومية لاعتبارات أصحاب هذه المخططات، وإنهاء دورها في دعم وخلق منظمات نقابية عربية حرة بما يحقق طموحات وانتظارات العامل العربي. في أي إطار يأتي حضوركم أشغال مؤتمر اتحاد عمال تونس؟ اليوم الجميع يعرف ان من أهم أسباب قيام ثورات الربيع العربي ارتفاع نسبة البطالة والفقر وكذلك التهميش وتغييب دور المرأة وارتفاع نسبة تشغيل الأطفال الخ... وبالنسبة لنا على مستوى الاتحاد كانت مجمل هذه المشاكل من أول مشاغلنا منذ نشأة الإتحاد والتي ازداد الاهتمام بها خلال العشريتين الأخيرتين، فكل من يرجع إلى أدبيات الاتحاد وكل مشاركاتنا في كل التظاهرات والمحافل العربية والدولية ومراسلاتنا للحكام العرب وللقمم العربية ووزراء العمل العرب يرى أنها كانت تهتم بكل هذه القضايا وكل هذه الشجون وكل هذه الهموم التي تهم المواطن العربي بشكل عام والعامل العربي بشكل خاص. اليوم وبعد الثورات هناك عقد اجتماعي جديد بصدد التكوين والبلورة في المنطقة العربية وهو ما تترجمه موجة تكوين العديد من النقابات العربية الجديدة بخلاف النقابات التي كانت قائمة ونحن انسجاما مع ما جاء في اتفاقية العمل الدولية وبالخصوص منها اتفاقية سنة 1987 واتفاقية 1998 والتي تسمح بالتعددية وبحرية حق التنظّم النقابي وحرية التعبير قمنا بتحفيز كل الدول العربية بلا استثناء على الإمضاء على هذه الاتفاقيات وكنا نلوم كل الدول العربية التي تتخلف عن الإمضاء على هذه الاتفاقيات وكذلك نحن ندعم ما جاء في هذه الاتفاقيات ومن هذا المنطلق جاء حضورنا في هذا المؤتمر الذي ينظمه اتحاد عمّال تونس. يبدو أن علاقتكم بهذه المنظمة سبّبت لكم أزمة مع الاتحاد العام التونسي للشغل؟ نحن في الحقيقة نعتبر الاتحاد العام التونسي للشغل منظمة رائدة في الإتحاد وفي العمل النقابي العربي، لكننا في الآونة الأخيرة لم نعد نفهم مواقف هذه المنظمة وغيرها من المنظمات النقابية القديمة. حيث وقع اتهامنا سابقا وأرسلت فينا مكاتيب لمنظمة العمل الدولية من أجل طلب سحب عضويتنا من هذه المنظمة وكانت من ضمن التهم الموجهة لنا عدم سماحنا بالتعددية النقابية وهو ما يأتي على نقيض ما ينص عليه «دستور» المنظمة، أما اليوم وبعد ان اعترفنا بمنظمات نقابية جديدة على غرار ما قمنا به مع اتحاد عمال تونس، أصبحت المنظمات النقابية القديمة تلومنا على سماحنا بتعدد التنظم النقابي لأسباب نجهلها ولا نفهمها. فنحن في الإتحاد نرفض قطعا التشظّي داخل النقابات العمالية ونرفض الانسلاخات ولا ندعمها، ولكننا في نفس الوقت ندعم قيام منظمات نقابية عمالية جديدة بصفة تلقائية ولنا شرط وحيد هو ألاّ تكون هذه المنظمات مدعومة من طرف أحزاب سياسية وحكومات بحيث يكون العمل النقابي مستقلا عن العمل السياسي والعمل الحزبي والعمل الحكومي بصفة عامة. ومن هذا المنطلق، نعتبر أن قبول عضوية «اتحاد عمال تونس» في الإتحاد الدولي لنقابات العمال العرب خطوة ايجابية في اتجاه التعديدة النقابية وكما يقال «التعددية فيها بركة». هل هناك قنوات حوار مفتوحة مع الاتحاد العام التونسي للشغل؟ نحن من جانبنا حاولنا العديد من المرات ومددنا اليد منذ بدأ المشكل خلال مؤتمر الخرطوم سنة 2010 وأنا شخصيا دخلت في حوارات مع قيادات بارزة في هذه المنظمة العريقة لكن لم نتوصل للأسف إلى أية نتيجة حيث يبدو ان هناك قرارا قد اتخذ ولا رجعة فيه من جانب هذه المنظمة التي نشهد لها ولعراقتها في العمل النقابي والنضالي منذ مراحل تأسيسها وإلى غاية اليوم. تحدثتم عن الاستهداف الاجنبي للإتحاد... هل من توضيحات؟ الاستهداف الأجنبي أمر واضح بالوثائق وليس فيه ادعاء أو اتهام والمقصود بالأطراف الأجنبية الكنفدرالية الدولية للنقابات والتي لها سياساتها التي أصبحت معروفة حيث سبق أن استهدفت منظمة الوحدة النقابية الإفريقية من أجل انهائها ولكنها لم تفلح كما لم تفلح معنا. فغايتها ان نصبح في حالة تبعية وهو مخطط قديم ومعروف لهذه المنظمة وهناك اليوم محاولة لإعادة إحيائه من اجل إنهاء كل حركة نقابية ذات بعد قومي عربي ونحن نرفض هذا التوجه مبدئيا وقطعيا. فنحن في الإتحاد الدولي لنقابات العمّال العرب نريد ان نحافظ على استقلاليتنا ولا نريد ان نكون منظمة تابعة لأي طرف يساريا كان أم يمينيا. ونحن لا نريد أن نكون قاطرة تجرنا منظمة الكنفدرالية للنقابات ونرفض التبعية. أنتم الآن تعملون في دمشق التي تعيش ما يشبه «الحرب الأهلية» ما هو أفق بقائكم في هذا البلد؟ نحن طبعا تدارسنا هذه الوضعية في اجتماع المكتب المركزي المنعقد خلال شهر فيفري الفارط في القاهرة وقد قررنا فتح مكتب اعمال للاتحاد في القاهرة على ان يبقى المكتب الرئيسي بدمشق وعليه سيقع نقل مقر الأمانة العامة للقاهرة حيث أنني سأنتقل خلال اسبوعين إلى العمل بالقاهرة إلى غاية أن تستقر الأمور بدمشق ويعود المكتب لسائر نشاطه في العاصمة السورية. فهذا البلد دعم عملنا بكل جدية على امتداد أربعة عقود ونحن نتمنى له السلامة ونتمنى أن تعود الأمور هناك إلى سائر استقرارها وسكينتها ونحن بهذا الإجراء باقون على وفائنا لهذا البلد وما انتقالنا الظرفي إلى القاهرة إلا سعي لتأدية رسالتنا النقابية على المستويين العربي والدولي في ظروف أحسن. فنحن لنا خطة عمل وبرنامج طموح وأنشطة وقد حظينا مؤخرا بعضوية المراقبة في لجنة التنسيق العليا بجامعة الدول العربية التي يترأسها نبيل العربي الأمين العام للجامعة ونحن كذلك عضو في المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي ونحن عضو في مجلس المنظمات العربية الغير حكومية إلى جانب عضويتنا في منظمة العمل العربية وكل هذه المحافل تفتح فرص الحضور في الملتقيات والاجتماعات الخاصة بهذه المنظمات ولقاء المسؤولين العرب من أجل التدارس والتشاور في خصوص ما يهم العمل النقابي في الدول العربية وبالخصوص التحاور حول كل هموم وشجون العامل العربي وأيضا القضايا العربية بشكل عام. ونعتقد أن المجلس المنعقد مؤخرا خلال شهر فيفري بالقاهرة حقق العديد من المكاسب التي أبطلت كل الرهانات والمحاولات التي كانت ترمي إلى انهيار المنظمة وإلى إبطال عملها في توحيد العمل النقابي العربي وتحقيق أهداف منشودة للعامل العربي. على ذكر العمل النقابي العربي، الكثير من المنظمات العربية تشتكي من مشكلة التمويل فمن أين يمول الإتحاد نشاطاته؟ الإتحاد العالمي لنقابات العمال العرب لا يشكو اشكالا من حيث التمويلات وذلك بفضل مساهمات الدول الأعضاء فكل الدول المساهمة تدفع اشتراكاتها وتدعم عمل الاتحاد بكل الوسائل المادية والأدبية وليس لنا مشكل على هذا المستوى والحمد لله. ماذا عن البعد الجغرافي المحدود للعمل النقابي العربي، فمعظم الدول العربية وخاصة الغنية منها، ليس لها تقريبا تقاليد في العمل النقابي بل ولا تؤمن بالعمل النقابي؟ أنا لا أتفق معك في هذا الطرح، فجل الدول العربية منخرطة في العمل النقابي من خلال وجود منظمات نقابية معترف بها، ولعلك تقصد دول الخليج العربي، فهذا كان صحيحا في ما مضى حين لم تكن توجد نقابات عمالية إلا في الكويت. أما اليوم فجل الدول العربية انخرطت في دعم العمل النقابي من خلال الاعتراف بالمنظمات العمالية وقد سجلنا مؤخرا انضمام البحرين باتحادين واتحادا في عمان وهذا تحقق بفضل المجهودات الحصرية للاتحاد دون غيره من المراكز النقابية الدولية وأقول هذا على مسؤوليتي. أما بقية الدول مثل السعودية فقد أصدر مجلس الوزراء السعودي قرارا بتنظيم ما قمنا بتشكيله من لجان عمالية تشارك فيها حتى المرأة السعودية في مراكز قيادية وسيتم إثر الانتهاء من المؤتمر العام العربي القادم في الجزائر بعد أسبوعين أو ثلاثة انتخاب اللجنة العليا لعمّال السعودية وهي بمثابة الإتحاد العام، الإخوان في السعودية لهم احتراز على التسميات ونحن قبلنا بمدإ تكوين إتحاد عمال في السعودية بقطع النظر عن التسميات. أما بقية الدول مثل قطر والإمارات فالمشكل هيكلي، حيث أن اليد العاملة الوطنية في هذين البلدين محدودة حيث لا تتجاوز نسبتها في الإمارات 13 بالمائة وهو ما شكل عائقا امام تكوين نقابات عمالية وطنية ومع ذلك نحن نسعى من أجل تكوين نقابات في هذه البلدان ولو بصيغ مختلفة ونحن جادون في تعميم العمل النقابي على مجمل الدول العربية فحتى الصومال وجيبوتي بها اتحادات.