دمشق «الشروق»: من مبعوثنا الخاص سفيان الأسود يؤكد الكثير من الملاحظين أن الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب قد يكون الهيكل غير الرسمي العربي الوحيد الذي ظلّ متماسكا وخارج معادلة الشلل التي للأسف تحكم أغلب أوكل مؤسسات العمل العربي المشترك. كما أن الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب بقي محافظا على اجتماعاته بصفة دورية رغم النقد الذي يوجه إلى آليات عمله من حين إلى آخر. وكان الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب قد تأسس في دمشق سنة 1956 وذلك في إطار المد القومي الذي كانت تعرفه المنطقة العربية وكانت أكبر تحركاته قرار الاتحاد للعمال العرب بعدم افراغ السفن الأمريكية احتجاجا على العدوان الثلاثي. ثم انتقل مقر الاتحاد من مصر إلى دمشق بعد امضاء مصر لاتفاقية كامب ديفد وتم حينها تجميد عضوية اتحاد عمال مصر إلى أن كان مؤتمر الجزائر في سنة 1989 والذي وقع فيه انتخاب حسن جمام الجزائري أمينا عاما. تغيّرات لكن ما الذي سيتغير في الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب بعد مؤتمره الأخير الذي انعقد بدمشق خلال شهر ديسمبر الجاري وتم فيه مجددا انتخاب الجزائري حسن جمام على رأس الأمانة العامة؟ إن قيادة الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب كما النقابات القطرية العربية تدرك الآن أنها حتما ستكون وسط تحوّلات جيوسياسية ونقابية تعصف بالعالم وأن الضرورة تحتم بصفة متأكدة أن ينخرط الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب في تلك التحولات رغم شهادة الجميع أن الأمين العام الحالي حسن جمام نجح في المحافظة على وحدة النقابات العربية خاصة بعد الأحداث التي عصفت بمنطقة الخليج منذ مطلع التسعينات وما رافقه من اختلاف واضح في مواقف الأنظمة العربية. ويدرك الاتحاد الدولي للنقابات العربية ان الكثير من المنظمات النقابية القطرية العربية العضوة فيه هي في نفس الوقت عضوة في منظمة «السيزل» أكبر وأهم المنظمات النقابية في العالم في حين تسعى منظمات نقابية قطرية أخرى إلى الحصول على العضوية في «السيزل» وأهمها اتحاد عمال مصر. ولا يمكن أن تمر عضوية المنظمات النقابية القطرية العربية في «السيزل» دون تعليق ذلك أن من المفاهيم المركزية التي تعتمد عليها «السيزل» هي حرية العمل النقابي واستقلالية القرار النقابي وعلاقة النقابات بالأحزاب الحاكمة. عربية ولا يخفى على أحد الآن أن المنظمات النقابية العالمية تتوجه أنظارها الآن بقوة إلى المنطقة العربية وإلى نقاباتها وعمالها وهو أمر يعكسه الحضور الدولي الكثيف في المؤتمر الأخير للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب ومتابعتها لكل أشغال وجلسات المؤتمر ويأتي هذا الاهتمام في الوقت الذي أصبحت فيه الحركة النقابية العالمية في طور إعادة التشكل بعد الاتفاق بين الاتحاد الحر للنقابات «السيزل» والاتحاد الدولي للعمل واتحاد النقابات الأوروبية حول الاندماج في منطقة نقابية كونية جديدة وهو أمر قد يهمّش دور المنظمات الاقليمية التي من الواضح أنها ترفض هذه المعادلة. غير ان الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب يبدو أنه واع تماما بالمعادلة الجديدة لكنه وعي يحتاج إلى تركيز أكثر فالمعلومات تشير إلى أن الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب سيكون جزءا من الحوار والنقاش الذي سيقود إلى بعث المنظمة الكونية الجديدة مما يعني أن الاتحاد قد ينجح في أن يكون طرفا مهما في التحولات التي تعرفها الحركة النقابية في العالم إذ أن اندماج المنظمات الاقليمية النقابية يأتي كمحاولة لتوحيد موقف العمال في العالم تجاه سلبيات ومضار العولمة كما أن «الوحدة» أصبحت شرطا للتوازن في العالم والمحافظة على المثل التي دافعت عنها الحركة النقابية ومن أهمها مساندة حركات التحرر في العالم. قاطرة وتقول المصادر أن الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب يعتمد في حواره مع «التكتل» النقابي العالمي الجديد على الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يعد قاطرة المنظمات النقابية العربية في «السيزل» باعتبار علاقته المتميزة مع المنظمات العالمية وموقفه المتميز فيها. إن الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب مطالب اليوم بضرورة التأقلم مع الخطاب النقابي الجديد ومواكبة التحولات الدولية على الساحة النقابية والعمل على تفعيل دور المنظمات النقابية القطرية ودعم استقلالية قرارها وتعزيز حضورها في الساحة الدولية وتوحيد مواقفها في ما يتعلق بالقضايا العمالية والقومية.