هربت من أهوال الحرب بسوريا لتنجو بعائلتها من الموت حيث لم تعد قادرة أن تحتمل القصف والنيران وجثث الموتى التي ملأت شوارع دمشق – زهرة البلدان - وأحوازها لتسقط في فخ جديد لم تتصور أن في انتظارها. كانت سعيدة أن أبناءها يحملون الجنسية التونسية لان محدثتنا متزوجة من التونسي «ناصر عبد اللاوي» منذ 19سنة عاشت معه في سوريا اسعد اللحظات وكان ثمرة زواجها ثلاثة أبناء راني ورهف ولجين وقد كانت وضعيتها المادية طيبة. لم تشك يوما من الفقر حيث كان الزوج يعمل ويتقاضى أجرا محترما ولم تعرف طعم الألم معه أبدا بل كانت تحسد على زيجتها لما عرف به التونسيون من تطور فكري وتقدير للمرأة واعترافهم بها ككائن كامل الحقوق يستحق التقدير. لكن منذ اندلاع الحرب بسوريا انطلقت سلسلة المآسي حيث توقفت الحركة وتعطلت الأعمال. صبرت في البداية على ذلك آملة أن تتوقف الحرب في أقرب الآجال لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن حيث أصبح القصف خبز المواطن السوري وتواصل رحى الأزمة ... المواطنة السورية السيدة «مريم جريدة» أكدت لنا أن قرار مغادرة سوريا لم يكن من باب الجبن لكن حبها لأبنائها جعلها تقرر «الهروب» الى الأراضي التونسية -خاصة مع قصف كامل الحي الذي كانت تسكنه حيث مات العديد من الأطفال أمام عينيها وفقدت اعز أحبابها- والأمر لم يكن هينا رغم أن زوجها يحمل الجنسية التونسية وأصيل أولاد حفوز التابعة لسيدي بوزيد حيث انتهت صلوحية جوازات السفر ولم يكن من الممكن تجديدها في ظل قطع العلاقات الديبلوماسية وما يروج عن دخول العديد من الشباب التونسي الأراضي السورية من اجل المشاركة في الحرب والطريقة الوحيدة التي كانت أمامها هي دخول لبنان حيث توجد سفارة تونسية وهو آخر عهدها بزوجها الذي طلب منها القيام بهذه الرحلة التي كانت في حقيقة الأمر وفي ظل الظروف الصعبة مقامرة يصعب فيها التكهن بالنتيجة لكنها استجابت لرغبة زوجها الذي كان من المنتظر أن يلتحق بها بعد أيام بنفس الطريقة . هربت من قصف النار إلى مرارة الجوع رغم المرارات التي لاقتها هذه المواطنة السورية فإنها سعدت كثيرا بعد أن سهلت السفارة التونسية بلبنان ورتبت إجراءات دخولها إلى التراب التونسي. لكن الأقدار رسمت لها معاناة جديدة تصورتها زائلة لأنها انتظرت زوجها كثيرا لكن لا حياة لمن تنادي. اتصلت بعديد الجهات الرسمية لكن دون جدوى وفي ظل غياب المعلومات انفتح الباب أمام وساوس لم تعرف نهاية مع تزايد الإشاعات من هنا وهناك ... ما يثير فزع هذه المرأة اليوم وهي مستقرة بأولاد حفوز انها وجدت نفسها بلا بيت ولا زوج ولا سند ....تعيش في بيت تقطنه حماتها على وجه الفضل وهي خائفة من أن تجد نفسها يوما صحبة أبنائها الثلاثة في الشارع وتضيف انها جاعت كثيرا ولم ترحمها السلطات المحلية بالمنطقة وأنه لولا كرم البعض لهلكت هي وفلذات أكبادها ... هذه الأم الملكومة تطلب من السلطات التونسية ومن الجمعيات التي أوكلت لنفسها مهمة محاربة الجوع والفقر أن تمد لها يد المساعدة وأن تحاول أن تمدها بالخبر اليقين عن زوجها المفقود الناصر عبد اللاوي وهي تعتبر نفسها تونسية بالانتماء وتونسية لان زوجها وأبناءها تونسيين وحسب بعض المصادر فان السوريين الذين غادروا سوريا يعيشون أوضاعا صعبة وان هناك بعض النساء اضطررن للتسول قرب المساجد بعدما كن من ميسورات الحال في سوريا ....