العريف أوّل بطلائع الحرس الوطني شهاب العياري أحد ضحايا الألغام التي إنفجرت بجبل الشعانبي والذي بترت ساقه اليمنى عاد مؤخرا إلى منزل عائلته بمنطقة "أولاد عيّار" من معتمدية تستور بولاية باجة بعد أن تلقّى العلاج اللازم وتجاوز مرحلة الخطر...عودة شهاب إلى أهله وأحبته إستأثرت بإهتمام أهالي منطقته وزملائه من كافة الأسلاك الأمنية لما قدمه هذا العون من تضحية في سبيل الحفاظ على أمن وعزة تونس...منزل العائلة ومنذ رجوع شهاب يعيش على وقع الحادثة بما أن الزيارات لم تنقطع من الأهل والأحباء وزملاء الواجب الوطني وصولا إلى السلط الجهوية والمسؤولين الأمنيين حيث زاره مساء الإثنين والي باجة نصر التميمي مرفوقا بقادة الأسلاك الأمنية بالجهة وممثلي النقابات الأمنية الجهوية والوطنية في حركة الغاية منها التكريم والرفع من المعنويات... التونسية كانت حاضرة لرصد أهم اللحظات فإلتقطت تصريحا من البطل شهاب العياري ومن أفراد عائلته وبعض ضيوفه... هذا ما حصل في الشعانبي... رغم هول الفاجعة وما خلفته من أضرار جسدية لشهاب الذي خسر ساقه اليمنى وتضررت ساقه اليسرى وأصابع يده اليمنى إلا أنه بدا متماسكا صامدا تدفعه بطولته وتضحيته من أجل الذود عن الوطن فتحدث بكل هدوء ويقين " أنا العريف أول شهاب العياري أبلغ من العمر 22 سنة أعمل ضمن فرقة طلائع الحرس الوطني بالعوينة إستجبت لتعليمات رؤسائي في العمل وتحوّلت صحبة مجموعة من زملائي إلى جبل الشعانبي صباح يوم الإثنين 29 جوان 2013 في مهمّة التمشيط والبحث عن المجرمين...كانت العملية تسير بشكل طبيعي وكنا نمشط الغابة بكل دقة إلى أن توغلنا في عمقها وفي حدود الساعة السابعة صباحا وقع المكروه حيث داست قدمي لغما لا أتذكر من بعده سوى أنني إرتفعت في الهواء ولم أستعد وعيي منذ تلك اللحظة إلا بعد 13 يوما...علمت بعد ذلك أنني نقلت إلى مستشفى القصرين أين تلقيت الإسعافات والخدمات الطبية الأولية قبل أن يتم نقلي على متن مروحية إلى المستشفى العسكري بالعاصمة أين وجدت كل العناية الطبية والإحاطة اللازمة...حالتي الصحية مستقرة الآن رغم أنني خسرت ساقي اليمنى إلا أنني أحمد الله على اني قدمت لهذا الوطن جزء من جسدي...ساقي اليسرى تتجه نحو الشفاء بعد أن أجريت عليها عملية جراحية مؤخرا بمستشفى القصاب وأنتظر أن تزول الآلام لأتأكد من سلامتها...أشكر كل وقف إلى جانبي في هذه المحنة من إطارات طبية بمستشفى القصرين والمستشفى العسكري كما أشكر كافة الإطارات الأمنية وعلى رأسهم وزير الداخلية الذي زارني هو ورئيس الحكومة ووضعوا على ذمة عائلتي سيارة وسائقا لتمكنهم من زيارتي والتنقل يوميا بين تستوروتونس العاصمة...أتوجه بالشكر إلى كافة زملائي والنقابات الأمنية في كافة الأسلاك على وقفتهم ودعمهم... أريد العودة للشعانبي...وهذا ما أقوله للإرهابيين واصل شهاب حديثه للتونسية وقال:" لست نادما على ما حصل وعلى خسارتي لساقي التي وهبتها مقابل الحفاظ عن أمن وسلامة تراب وشعب تونس بل أنني لن أتردد في العودة إلى جبل الشعانبي لمواصلة مهمتي بساق واحدة إلى جانب زملائي الذين أقول لهم أنا واثق من قدرتكم على السيطرة على المجرمين والإرهابيين الذين لن يقدروا على زعزعة أمننا وهم يواجهون أبطالا وأسود لا تعرف الخوف والتراجع...أقول للشعب التونسي عليك أن تثق في رجال الأمن والجيش وتدعمهم حتى تزداد ثقتهم وهم يواجهون كل من تسول له نفسه تهديد أمن وطننا...أما المجرمون والإرهابيون فأقول لهم انه رغم بتر ساقي فإني لم أخسر شيئا بل أنتم من تخسرون ثقة الشعب وستتفاقم خسائركم ولن تجدوا مخرجا أو ملاذا وأنتم تواجهون رجالا أفذاذا من الأمن والجيش... والد شهاب: أنا فخور أحمد العياري والد البطل شهاب تحدث للتونسية عن تفاعله مع ما حصل مع ابنه فقال: " أنا في قمة الفرح والفخر رغم ما تعرض له إبني شهاب وما تسبب له فيه هذا العمل الإجرامي من إعاقة...شهاب أدى الواجب وذهب ليدافع عن وطنه وشعبه...شهاب لم يعد إبني لوحدي هو الآن إبن تونس كلّها بعد أن وقفت على حجم التعاطف والمواساة التي وجدتها أينما تنقلت...اليوم إزددت فخرا عندما أستقبل وفودا من المتضامنين مع إبني الذين أعتبرهم مهنئين جاؤوا ليشاركوا عائلتنا فرحتها ببطل تونس التي لن نبخل عليها بقطرة دم...وأنا رغم تقدمي في السن لن أتردد في حمل السلاح للدفاع عن تونس وأمن شعبها... والدة شهاب: "عن أي جهاد يتحدثون إبني "العزيز والغالي" كدت أفقد حياتي "وذقت المرّار" عندما وصلني خبر الحادثة ضننت في البداية أنه توفي ومع ذلك فأنا لست رافضة لما أقدم عليه شهاب من تضحية في سبيل الوطن في ريعان شبابه وأنا مستعدة لمواصلة التضحية من أجل حماية تونس من كل مكروه...هو أسد من أسود تونس وبات مبعث فخر وإعتزاز لكل العائلة...ما أطلبه هو أن تتكفل الدولة بمواصلة علاجه وتمكينه من مواصلة العلاج في الخارج تركيب ساق إصطناعية تخول له إستعادة نسق حياته بشكل طبيعي...أقول لزملاء شهاب عليكم بالمجرمين والإرهابيين وأنا على ثقة بأنكم ستهزمونهم...وأقول للإرهابيين أن ما تصنعونه لا علاقة له بالإسلام وبالجهاد فهل أن الجهاد يبيح لكم قتل إخوتكم المسلمين...ما تفعلونه هو إجرام بل هو كفر...كان عليكم أن تلاحقوا المخلوع بن علي لتثأروا منه لا أن تقاتلوا إخوانكم التونسيين الأبرياء... النقابات الأمنية تساند الحضور الأمني في منزل عائلة شهاب العياري كان لافتا من خلال حضور المسؤولين الجهويين عن قوات الأمن الداخلي والحرس الوطني والحماية المدنية الذين جاؤوا لتكريم البطل والرفع من معنوياته والإعتراف بقيمة تضحياته كما حرصت مختلف الهياكل النقابية لقوات الأمن الحضور ممثلة على مستوى الجهة وكذلك على المستوى الوطني حيث حرص النقابيون بإسم كافة الزملاء من مختلف الأسلاك على الوقوف إلى جانب شهاب وعائلته والتأكيد على أن رجال الأمن مستعدون لمواصلة التضحية وتكبد الخسائر من أجل الذود عن الوطن حيث أكد فتحي الفرشيشي الكاتب العام للنقابة الأساسية للحرس الوطني بباجة على أن ما قدمه شهاب لهذا الوطن هو واجب سيضل راسخا في أذهان كل زملائه الذين لن يترددوا بدورهم عن مواصلة المهمة والتصدي لكل من يسمح لنفسه بالمساس من أمن البلاد...أما لسعد اليحمدي عضو النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي فقد أكد على ضرورة أن تولي الدولة وبصفة خاصة وزارة الداخلية عناية خاصة بشهاب وعائلته الذين يعيشون ظروفا إجتماعية قاسية على مستوى السكن ومستوى العيش مؤكدا على أنه لا يجب أن ننسى أبطال تونس بسرعة مع نهاية الزيارات الرسمية بل الواجب يفرض الإحاطة بهم وتوفير العيش الكريم لهم ولعائلاتهم ... الوالي: باجة قدمت بطلا "رغم هول الفاجعة وحجم الخسارة فإن باجة من حقها أن تفتخر بهذا البطل الذي ضحى بجسده ليدافع عن تراب تونس...أقول للإرهابيين أنكم عندما تقتلون وتقتلون لن يذكركم التاريخ ولن تصنعوا بطولات بل أنكم صنعتم لنا من شهاب العياري بطلا زاد في ثقة التونسيين وتلاحمهم وعمّق الفجوة التي بينكم وبين الشعب الذي بات على يقين بأنكم لن تنجحوا في زعزعة أمنه والنيل من إستقراره في ظل وجود عديد الأبطال في باجة وفي تونس بأكملها مستعدون لمواصلة المهمة والحفاظ على أمن الشعب والبلاد..."