الجميلات هنّ.. الكادحات (مع الاعتذار لمحمود درويش) والضحايا أيضا هنّ الكادحات!. وفاة امرأة وجرْح أخريات البارحة وإنْ يدخل في باب القضاء والقدر فإنه أيضا عيّنة واقعيّة لغياب العدالة الاجتماعية والقانون وحضور الاستغلال متى سيطر الفقر على الناس. ينهضن قبل رحيل سواد الليل ويركبن كالماشية بالعشرات في مؤخرة شاحنة ليشتغلن في خدمة الأرض طوال اليوم في البرد المفترس أو في الحرّ الشديد مقابل دنانير تغنيهنّ عن مذلّة السؤال. بعض الجالسين على ربوة الأرائك الفخمة والتنظيرات المجرَّدة لحقوق الإنسان قد يتساءلون، لماذا لا يرفضن الركوب بتلك الطريقة؟ مع أنّ الحقيقة واضحة. مَنْ لم تجد خبزا لإسكات بكاء ابنها، مَنْ لم تجد حليبا لرضيعها، مَنْ لم تملك ثمن الدواء لمعالجة مرضها، كلّهنّ بلا استثناء هل لديهنّ الوقت للتفكير في حقوق الانسان والدستور والحريات الفردية؟. هنّ يرضين مع الأسف باستغلالهنّ على أن يشحذْن الرغيف، هذا التّرف الحقوقي الساذج المخيف لا يريد أن يفهم: العدالة الاجتماعية هي المنفذ الوحيد لاحترام القوانين والوعي المُواطني بالحقوق. في انتظار ذلك اليوم السعيد، سيبقين ضحايا، هنّ الكادحات دائما مع كل فجر جديد..