الأزمة تشتد بين المحامين والداخلية .. إيقاف المحامي المهدي زقروبة    دعا رئيس الجمهورية الى التدخّل العاجل ...عميد المحامين : لسنا ضد المحاسبة... لكن    ماذا في لقاء وزير السياحة بوفد من المستثمرين من الكويت؟    القيروان: حجز حوالي 08 طن من السميد المدعم    الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات ترفع عقوباتها عن تونس    حالة الطقس ليوم الأربعاء 15 ماي 2024    6 علامات تشير إلى الشخص الغبي    يوميات المقاومة .. قتلت 7 جنود للاحتلال بعملية نوعية في جباليا .. المقاومة تكبّد الاحتلال خسائر جديدة    هام/ مجلس وزاري مضيّق حول مشروع قانون يتعلق بعطل الأمومة والأبوة    البرمجة الفنية للدورة 58 من مهرجان قرطاج الدولي محور جلسة عمل    ذبح المواشي خارج المسالخ البلدية ممنوع منعًا باتًا بهذه الولاية    بن غفير يطالب باعادة الاستيطان في غزّة وطرد الفلسطينيين    اختفى منذ 1996: العثور على كهل داخل حفرة في منزل جاره!!    شوقي الطبيب يُعلّق اعتصامه بدار المحامي    وزير الفلاحة يفتتح واجهة ترويجية لزيت الزيتون    للسنة الثانية على التوالي..إدراج جامعة قابس ضمن تصنيف "تايمز" للجامعات الشابة في العالم    عاجل : مطار القاهرة يمنع هذه الفنانة من السفر الى دبي    دراسة : المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    هل الوزن الزائد لدى الأطفال مرتبط بالهاتف و التلفزيون ؟    عاجل/ إصابة تلميذتين في حادث دهس بقفصة    عاجل/ فرنسا: قتلى وجرحى في كمين مسلّح لتحرير سجين    سليانة: القبض على عنصر تكفيري    تونس تصنع أكثر من 3 آلاف دواء جنيس و46 دواء من البدائل الحيوية    قابس : اختتام الدورة الثانية لمهرجان ريم الحمروني    بن عروس: جلسة عمل بالولاية لمعالجة التداعيات الناتجة عن توقف أشغال إحداث المركب الثقافي برادس    العجز التجاري يتقلص بنسبة 23,5 بالمائة    تعرّف على أكبر حاجّة تونسية لهذا الموسم    نبيل عمار يشارك في الاجتماع التحضيري للقمة العربية بالبحرين    عاجل/ السيطرة على حريق بمصنع طماطم في هذه الجهة    الإعداد لتركيز نقاط بيع نموذجية للمواد الاستهلاكية المدعمة بكافة معتمديات ولاية تونس    تأجيل النظر في قضية ''انستالينغو''    منطقة سدّ نبهانة تلقت 17 ملميترا من الامطار خلال 24 ساعة الماضية    سوسة: تفكيك شبكة مختصّة في ترويج المخدّرات والاحتفاظ ب 03 أشخاص    كل التفاصيل عن تذاكر الترجي و الاهلي المصري في مباراة السبت القادم    بعد تغيير موعد دربي العاصمة.. الكشف عن التعيينات الكاملة للجولة الثالثة إياب من مرحلة التتويج    الرابطة الأولى: الكشف عن الموعد الجديد لدربي العاصمة    منحة استثنائية ب ''ثلاثة ملاين'' للنواب مجلس الشعب ...ما القصة ؟    كأس تونس: تحديد عدد تذاكر مواجهة نادي محيط قرقنة ومستقبل المرسى    فتح تحقيق ضد خلية تنشط في تهريب المخدرات على الحدود الغربية مالقصة ؟    أول امرأة تقاضي ''أسترازينيكا''...لقاحها جعلني معاقة    باجة: خلال مشادة كلامية يطعنه بسكين ويرديه قتيلا    في إطار تظاهرة ثقافية كبيرة ..«عاد الفينيقيون» فعادت الحياة للموقع الأثري بأوتيك    تونس: 570 مليون دينار قيمة الطعام الذي يتم اهداره سنويّا    مدنين: انقطاع في توزيع الماء الصالح للشرب بهذه المناطق    بادرة فريدة من نوعها في الإعدادية النموذجية علي طراد ... 15 تلميذا يكتبون رواية جماعية تصدرها دار خريّف    برشلونة يهزم ريال سوسيداد ويصعد للمركز الثاني في البطولة الإسبانية    أخبار المال والأعمال    مع الشروق ..صفعة جديدة لنتنياهو    مبابي يحرز جائزة أفضل لاعب في البطولة الفرنسية    الاحتفاظ بنفرين من أجل مساعدة في «الحرقة»    عشرات القتلى والجرحى جراء سقوط لوحة إعلانية ضخمة    نابل..تردي الوضعية البيئية بالبرج الأثري بقليبية ودعوات إلى تدخل السلط لتنظيفه وحمايته من الاعتداءات المتكرّرة    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عدوانكم علينا شرف لنا
نشر في كلمة تونس يوم 16 - 06 - 2010


إلى رئيس المخابرات ووزيره للبروباقندا
لقد غمرني بالفرحة خبر صدور قانون يعاقب على "الإضرار بالأمن الإقتصادي لتونس". وامتلكتني الأوهام للحظات، أن الدولة ستشرع أخيرا في حماية اقتصادنا الوطني من جشع اللصوص الذين خربوه ونسفوا حظوظ الأجيال القادمة. وظننت أن دولتنا قررت أخيرا وضع حد لسوء استخدام السلطة والقضاء على الإثراء الفاحش لذوي النفوذ والمقربين منهم.
فجاء شرح أسباب هذا القانون في شكل حملة هستيرية متأججة سرعان ما أعادتني إلى الواقع المرّ. فتبين أن التعديلات المقترحة لا تهدف سوى إلى إسكات الأصوات المنادية بوضع حد لنهب الثروات الوطنية، ولحماية رؤوس الفساد.
كما أن اللجوء لمثل هذه القوانين الجائرة - التي لا يوجد لها نظير إلا في كوريا الشمالية - لدليل على فشل جهاز دعايتكم المهترئ. ولم يبق إلا اللجوء إلى سلاح الجبناء وتحريك جحافل محترفي القذف. لقد قررت اليوم أن أواجهكم بالحقيقة الأكثر إيلاما من الافتراءا وسيكون هذا ردّي الأول والأخير على دجلكم.
إنكم جعلتم من إشاعة القذارة أسلوبا للحكم
"سأفسد كل شيء" هكذا كان "هتلر" يلخص طريقته في بسط سيطرته على الشعوب التي أخضعها عسكريا. يبدو أنكم تبنيتم نفس الشّعار.
قد عادت أجهزتكم الأمنيّة إلى ممارساتها المفضلة باستخدام تشويه المعارضين. فبعدما أنكرتم حق المواطن في الإعلان عن مخالفته لكم في اختياراتكم و فررتم من مواجهة الأفكار إلى الممارسات المهينة التي ألحقتموها بمعارضيكم، جعلتم من إشاعة القذارة وسيلة حكمكم. فنلتم من شرف معارضيكم عن طريق أشرطة الفيديو "المفبركة" والصور المركبة ونشر الكتابات الإباحيّة على صفحات جرائدكم العفنة وجعلتم منها العلامات المميزة لنظامكم.
هذه "الإبداعات" تكشف حقيقة رصيدكم الأخلاقي المقتصر على مرض الانحراف الجنسي وهو ما يكشف مدى اهتزاز ثقتكم في قدرتكم على الإقناع. إن هذا الأمر، إضافة إلى ما يمثله من استهانة بالأوساط المثقفة، فهو شاهد عن ضآلة الاحترام الذي تكنوّنه لأنفسكم.
إن كراهيتكم المتنامية للحياة والحرية تشوه رؤيتكم للأمور و تعيقكم عن تقدير جماليّة الأشياء. إن هذه الحاجة الملحة لترميم واجهة نظامكم بتلفيق انجازات زائفة تدلّ على عجزكم عن تحمّل رؤية أنفسكم في مرآة. فتلقون بمسؤولية فظاعاتكم على كل ما تزخر به تونس من مقدرات تدعو إلى الفخر بها. وتلوّثون بقذارتكم كل من كمال الجندوبي، خميس الشماري، سهير بلحسن، خديجة الشريف، منصف المرزوقي، سناء بن عاشور، راضية النصراوي، نزيهة رجيبة، أحمد أنيس، محمد عبّو، توفيق بن بريك، سليم بقة، عبد الرؤوف العيادي، مختار الطريفي، حمّة الهمامي، عمر المستيري، وغيرهم كثير.
إن هذه الوجوه البارزة من أحرار تونس قد ذاع صيتها خارج حدود الوطن، ومنهم من انتخب على رأس منظمات دولية معتبرة مثل سهير بالحسن رئيسة الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، أو كمال الجندوبي، رئيس الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، الذي منعتموه من جواز السفر وحرمتموه من تشييع جنازة والده.
حتى كبار المسؤولين السّابقين في هذه الدولة التي تتظاهرون بخدمتها لم ينجوا من هوسكم بتشويه الجميع.
لقد تماديتم في الوقاحة إلى حد مهاجمة الكاتبة "أم زياد" (نزيهة رجيبة) وهي لها من المعجبين داخل تونس وخارجها ما يفوق عدد المعجبين بكل نجومكم. إن وصفكم البائس لها "بالبشاعة" و"كبر السنّ" لا يستطيع أن يطفئ ابتسامتها الرائعة أو سحر حديثها عندما تتصدر للكلام، كلامها الصادق الذي يفضح دكتاتوريتكم البشعة، ويصل مباشرة إلى العقول والقلوب دون حاجة إلى التزويق، وهو أيضا كلام يتفوق على ذلك الخطاب المجند عن طريق الارتشاء وتبديد المال العام بعشرات الملايين من الدنانير لتجميل صورتكم.
أيّ مساكين تعساء تستعرضون؟
كنت أظن أنكم ابتكرتم أساليب جديدة في الأشهر القليلة الماضية حين استعرضتم بعض المتعاونين معنا سابقا من أجل كشف "الوجه المخفي" المزعوم. لقد أمعنتم في تشويه مناضلي "كلمة" و"المجلس الوطني للحريات بتونس" مما أفقدكم أبسط مظاهر المصداقية الضرورية لأي عمل تضليليّ، كما أنكم تفتقرون إلى مهارة الموازنة بين الكذب و الحقيقة فظهر فشلكم حتى في إحكام أدواركم السلبية، لذلك أدعوكم إلى أخذ بعض الدروس لدى خبراء التضليل في الاتحاد السفياتي السابق.
و لكن نجحتم في اختراق صفوفنا ودسّ أعوانكم بيننا لفترات متلاحقة بتوظيفكم لأجهزة الدولة. كما لاكت ألسنتكم طويلا اتهامنا باللهث وراء المصالح الشخصية بكسب المال والشهرة. وقد بدا غيظكم في كل مشاهد هذه المسرحية سيئة الإخراج. فمؤاخذاتكم تستهدف على التوالي "نجاعة تأثيرنا" و"ظهورنا على شاشات الفضائيات" و"الكتابات" و"الجوائز" الممنوحة لنا، وقدرتنا على "السفر والإقامة في الخارج" وحتى"الابتسامة" و"مظهر الشباب الدائم"...الخ.
هذه "الإدعاءات" "الصادقة" و"المؤثرة" من شأنها أن تغالط بعض السذج، كقراء "الحدث"و"لكل الناس" و"الصريح" و"الشروق" و"الملاحظ" وغيرها من خرق مموّلة من أجهزتكم. غير أن سوء إخراجكم المضحك لم ينطل على الأغلبيّة الساحقة من التونسيين القادرين على التمييز.
يتذمر هؤلاء البؤساء من استغلالهم وضعف أجورهم، (ويقسمون أنهم يغلبون المصلحة النضاليّة على المصلحة الماديّة)، في حين تراهم قائمين "بجولات الملوك" عبر البلدان ينفقون خلالها الأموال الطائلة "من أجل فضحنا" كما يقومون بطبع "أدبياتهم" بآلاف النسخ. ويظهر هؤلاء الممثلين لفئة الشباب المستضعف بربطات العنق وملابس غاية في الأناقة.
من المستفيد حقيقة من التمويلات المشبوهة؟
لم يخف على الملاحظين اليقظين التناقضات التي وقعتم فيها. فكيف يمكن للمرء أن يصدق أن "المجلس الوطني للحريات بتونس" - عدوكم اللدود منذ اثتي عشرة سنة - تحول إلى "منظمة افتراضية" وفي ذات الوقت يفرض وتيرة أعمال شاقة على كاتبه القار وإلزامه بالقيام بساعات إضافية؟
و كيف نصدق أن هؤلاء الموظفين "أصحاب شهائد عليا" يهانون وتساء معاملتهم في حين يقرّرون باختيارهم عديد المرات تمثيل المؤسسة في الخارج؟
وهل يمكن لمسؤولين غائبين على البلاد أن يمارسوا ضغوطات وهرسلة يوميّة على هذا الكاتب القارّ المسكين؟
يعتبرون أن المنظمات التي نتعاون معها مشبوهة - وهي منظمات دولية لحقوق الإنسان - ويطالبونها من ناحية أخرى بالتحقيق في "سوء تصرّفنا" في المشاريع التي تموّلها. "مناضلون" يدعون أنهم انخرطوا في العمل الحقوقي في المجلس الوطني للحريات وراديو كلمة وفي نفس الوقت يستنكرون "توريطهم في نشاط غير قانوني". إنه حقا لسناريو رديء.
لقد سعيتم لإبراز "دوافعنا المصلحيّة" لكنكم سرعان ما انقلبتم تنتقدون "المبالغة والتشويه"، "بلاغاتنا العدوانية"، "نفينا للإنجازات"، "تسييس حقوق الإنسان"، "دعم المنظمات الدولية لنا"، "مواجهة السلطة"، وأكثر من ذلك تشددون على إنكار حقنا في فضح قضايا الفساد.
ان مزوريكم كانوا يظنون أن لديهم أوراق رابحة حين مدوا هؤلاء الممثلين ببعض الوثائق المدلّسة. لكن غلب عليهم الارتباك فأدخلوا مبلغ تسع وثمانين ألف دولارا في ميزانية سنوية تبلغ ثلاثين ألف دولارا، بعد أن سبق لهم الإدلاء بأن الميزانية ترتفع إلى مليون يورو سنويّا.
كما غاب عليهم أنه من غير المعقول أن تكون أجرة ثمانية عشر ألف دولارا سنويا لموظف واحد(الكاتب) تلحق بميزانية إجمالية تبلغ ثلاثين ألف دولارا، إذ يشكل ذلك خرقا فادحا للقواعد الأساسية لحسن التصرف المالي.
كما اتهمتمونا بقبض مبلغ سبع وخمسين ألف وثماني مائة وسبعين دولارا من "جهة مشبوهة"، وهي برنامج "اليونسكو" لتنمية الاتصالPIDC. وقد عرض بالفعل راديو كلمة على اليونسكو مشروعا في إطار البرنامج بمبلغ سبع وخمسين ألف وثماني مائة وسبعين دولارا. وقد حظي المشروع بالموافقة من قبل خبراء اليونسكو في قسم الاتصالات، ولكن المندوب التونسي اعترض على إعطاء المنحة لراديو كلمة عندما وصل المشروع إلى مستوى المجلس الممثل للدّول وهكذا حرم الراديو من هذا الدّعم.
قد التجأت مصالحكم المختصة إلى وثائق زوروها بعد أن اختلسوها من حواسبنا النقالة خلال اعتدائكم "الباسل" الذي قام به عشرات من أعوانكم في الثالث من مارس2008 بميناء حلق الوادي.
وحتى مع افتراض صحّة الأرقام المذكورة أعلاه فالمبلغ بعيد جدا عن المليون يورو المزعوم. إن التلاعب بهذه المعطيات يمكن أن يربك فقط غير الملمين بحيثيات الموضوع. وإن أمكن التلاعب، فلا يمكن أن نصدق اشتراك الإسرائليين في المجموعة العربية لمراقبة أداء الإعلام خلال الانتخابات.
كما لايمكن أن نصدق تمويلنا المزعوم من المجموعات الحكومية الأمريكية، "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية" و"مبادرة الشراكة الامريكية الشرق أوسطيّة" و"الصندوق الوطني للديمقراطية" (أمريكي) ونحن نتحدّاكم أن تأتوا بأبسط دليل على تمويلات من هذه المصادر.
أنتم تعلمون علم اليقين أن استقلاليتنا غير قابلة للتصرّف كما أننا لانقبل أي شراكة مع أي طرف لا يشاركنا نفس القيم.
ولكن بالمقابل يمكننا الجزم أن جمعيات من التي تدور في فلككم تلقت وما تزال أموالا ليس فقط من هذه الجهات التي تصفونها بالمشبوهة بل تلقت الدعم من وزارة الدفاع الأمريكية منذ 2004، في أوج الحملة على العراق واحتلاله، مثل الاتحاد النسائي وجمعية بسمة التي تديرها ليلى بن علي التي لم تكتف بتبديد المال العام بل تبني مقر ناديها الفخم على أراضي من أملاك الدولة.
لنا شركاؤنا ولكم شركاء
ما لا تتحملونه أن هؤلاء المدافعين عن حقوق الانسان قد أفشلوا خطتكم لعزلهم ووأد مشروعهم، بل ونجحوا في تكوين مرجعيّة ذات مصداقيّة على المستوى الوطني والدولي. المجلس الوطني للحريات بتونس ذو "الوجود الافتراضي" الذي أزعجكم كثيرا نشر تقريرا حول وضعية حقوق الانسان اعتمده خبراء لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة لتوجيه انتقادات إلى لحكومة التونسية في مجال حقوق الانسان في مارس 2008 وتقريرا آخر في شهر جويلية سنة 2009.
المجلس الوطني للحريات بتونس جعل من مقاومة آفة التعذيب الذي تمارسه أجهزتكم أولى اهتماماته، فأنتج شريطا عن التعذيب وأصدر قائمة بأسماء أعوان الأمن المتورطين في أعمال التعذيب. المجلس الوطني للحريات بتونس وفّر معطيات ساهمت في إدانة عونكم خالد بن سعيد في محكمة سترازبورغ في شهر ديسمبر 2008 وحكم عليه غيابيا بثماني سنوات سجن نافذة. ونحن نعتقد أن ضحايا التعذيب أكثر وطنيّة من جلاديهم. وأن الوطنيّة تقتضي أن نحميهم حتى وإن كلفنا ذلك نعتكم لنا بالخيانة.
كما أنجز المجلس بالتعاون مع جمعيات مستقلة أخرى تقريرا عن أداء الإعلام خلال انتخابات أكتوبر2009 والذي كشف احتكاركم للفضاء الإعلامي فكانت نسبة 97% مخصّصة لحملتكم. كما فضح تجاوزاتكم لدولة القانون لدى المنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوربي. ويتعاون المجلس الوطني للحريات بتونس بشكل وثيق مع جمعيات دولية (مثل الفيديرالية الدولية لحقوق الانسان ومنظمة العفو الدولية والمنظمة العالمية لمكافحة التعذيب والشبكة الأورومتوسطية لحقوق الانسان ومنظمة الخط الأمامي والشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير ومنظمة مراسلون بلا حدود ومنظة مراقبة حقوق الانسان...و غيرها) من أجل النهوض بحقوق الإنسان في تونس معتبرة أداءكم رديء جدّا.
وهذا يغيظكم فيجعلكم تصرخون من أجل المسّ من صورة تونس. نجيبكم أنكم أنتم من يسيء إلى سمعة تونس بتزويركم للانتخابات حتى أصبحتم مثلا بحتذى به في التزوير مما يخجل كل مواطن تونسي من إساءتكم لصورة تونس. الرقابة التي تمارسونها على المجتمع تقيد الطاقات الفكرية وصحفكم الصفراء المأجورة تمثل إهانة لذكاء التو نسيين. إن فضحنا لفساد المقربين منكم هو عين الحماية لاقتصادنا الوطني.
شركاؤكم الأجانب تمدونهم بموارد تونس من العملة الصعبة عوض إنفاقها في تشغيل أصحاب الشهائد العليا العاطلين عن العمل. نحن نعلم أنكم تعاقدتم بمبالغ خيالية مع وكالات دعائية في واشنطن من أجل تلميع صورتكم. هذه الجهات تشارككم هدفكم في ابقاء شعبنا متخلفا وتحت الوصاية، وهي جهات ذات أفكار استعمارية تعتبر شعوبنا ليست جديرة بانتخابات نزيهة أوصحافة حرة أوقضاء مستقل وإنما الأنظمة المستبدة هي الوحيدة التي تليق بمجتمعاتنا.
هل يخيفكم حكمنا عليكم؟
ليس لنا أمام جبروتكم سوى سلطتنا المعنوية فأنتم من يمسك بمراكز القرار وتتصرفون دون رقابة في المال العام فأنتم من يمنح الرخص والصفقات، وتوقعون العقود وتخصخصون المؤسسات العامة للدولة. أنتم من يسمح بمرور البضائع الممنوعة عبر الجمارك دون رقابة. أنتم من يرهن أملاك الدولة وتقترضون من السوق الدولية. أنتم من ينصاع إلى أوامر المؤسسات المالية الدولية. فهل يخيفكم حكمنا عليكم؟
وفيما يخص عائلتي فقد أمعنتم في قطع أرزاقنا منذ ما يزيد عن عشرين سنة في محاولة فاشلة أن تثنونا عن التزامنا بقضيتنا. وخلصتم في الأخير إلى أننا وإيّاكم لسنا من نفس الطينة. وفي سنة 2006 عندما كتبنا عن فضيحة "اليخوت المسروقة" من أوروبا، تلك "المفخرة الوطنية" التي تورّط فيها أقاربكم، فكان رد فعلكم علينا تسليط عقوبات جبائية ضدنا. ولما جاء مبعوثكم الجبائي لجرد ممتلكاتنا لم يجد شيئا مما كان يبحث عنه من أملاك، فلا بيت ولا سيارة، ولا حساب بنكي، فتعجب من ذلك وتساءل كيف تستطيعون العيش إذن؟
نعم نعيش بفضل الله وتضامن من يؤمن بقضيتنا، ولم نصبح من الأثرياء لأن ذلك ليس من أولوياتنا وليس لنا ما نخفي. ونحن مستعدون للوقوف أمام هيئة مستقلة ونزيهة للرد على اتهاماتكم الباطلة رغم أنه ليس لنا صلة قريبة كانت أم بعيدة بالمال العام.
أما من جهتكم فقد أعلنتم منذ 22 سنة عن التزامكم بنشر قائمة ممتلكات كل من يضطلع بمسؤولية عمومية وبما أنكم من "الموفين بوعودهم" فأطالبكم بنشر قائمة ممتلكاتكم وممتلكات المقربين منكم الحالية والتي كانت قبل 22 سنة.
بما أن الشفافية هي همكم الأساسي فهل تتجرأون على نشر حسابات صندوق 26/26 والتقرير المالي للتجمع الدستوري الديمقراطي أو لجمعية "بسمة" الخيرية، أو شروط التفويت في المؤسسات العمومية. كما أنكم لن تمانعوا في نشر تقارير دائرة المحاسبات. أنا متأكدة أنكم لا ترون مانعا من أن تكشفوا للعموم ظروف امتلاك أقربائكم للبناية الضّخمة في سيدي بوسعيد القريبة من خزان شركة توزيع المياه.
كما لا تترددون في كشف حيثيات خصخصة شركة النقل وظروف التفويت في أسهم الدولة بشركة "نستلي تونس"، أو ظروف منح رخصة "أورانج تليكوم" كما لا يضيركم أن تبرهنوا على أن المقربين منكم يدفعون أداءاتهم الجبائية بشكل كامل وشفّاف!
الإخلاص لتونس وليس لنظامكم
خيانة تونس التي ترمينا بها الأقلام المأجورة هي حقا ما نعيبه عليكم. ولما نستنكر الحيف الاجتماعي ونفعية الحزب الحاكم والرشوة والفساد والتعذيب وسرقة المال العام والاعتداء على حقوق المواطن، والمساومة على منح جواز السفر فذلك لأن مفهومنا للجمهورية مخالف لمفهومكم ولا نقبل أن تدمّروا بلادنا ويفلت المجرمون من العقاب.
ان أجل حبّ تونس يقاومكم كل هؤلاء المدافعين عن حقوق الإنسان، ومن أجل أن تستعيد تونس مكاسبها وقيمها عرّض هولاء حياتهم وأمنهم وممتلكاتهم لسطوة أجهزتكم الأمنيّة المفترسة.
إخلاصنا لتونس التي نحبّها وندافع عنها دون حسابات ضيقة، لا لنظامكم الذي ارتهنها ونهب خيراتها. وأخيرا اعلموا أن عدوانكم علينا شرف لنا، وغضبكم يحفزنا ويؤكد لنا صواب اختياراتنا.
تستطيعون أن تصدروا القوانين الجائرة وتنصّبوا محاكم التفتيش وتعلقوا المشانق ولكننا سنواصل طريقنا بثبات وإيمان بعدالة قضيتنا. وأما كلابكم النابحة وافتراءاتها فهي أقل من أن ترتقي إلى مستوى الاحتقار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.