رغم ما يحظى به الأستاذ محمد نجيب بن يوسف رئيس فرع تونس من احترام في صفوف المحامين فإن صعود الاستاذ محمد الفاضل محفوظ إلى سدة العمادة بفارق 300 صوت تقريبا لم يشكل مفاجأة بقدر ما ترجم إصرار أهل المهنة على النأي بالمحاماة التونسية عن التجاذبات السياسية بعيدا عن استنساخ التجربة السابقة بسيطرة الحزب الحاكم على مفاصل المهنة. العميد الجديد محمد الفاضل محفوظ هو أصغر المترشحين الخمسة وهو من مواليد مدينة قفصة سنة 1965 وقد انتخب في الدورة السابقة رئيسا لفرع صفاقس ويعتبر محفوظ قريبا من القوميين ولقي مساندة كبيرة من شباب المحامين خلال الحملة الانتخابية وكذلك في الانتخابات التي اجتازها في الدورين الأول والثاني بفارق كبير عن منافسه بن يوسف معولا في الدور الأول على أصوات المحامين الشبّان والشق المهني والقوميين أو ما يعرف داخل أوساط المحامين بمجموعة البشير الصيد وجزء من اليسار والديمقراطيين ثم حظي في الدور الثاني بدعم الأصوات التي انتخبت في الدور الأول الاستاذ مختار الطريفي الذي سبق أن أعلن على صفحات «التونسية» أنه سيدعم محفوظ في حال مروره للدور الثاني مما جعل حجم الكتلة التي صوتت له تتباعد عدديا عن الكتلة التي صوتت للأستاذ بن يوسف رغم ما يعرف عن كتلة الاسلاميين من انضباط في التصويت وإيمان بحظوظ مرشحهم حتى آخر لحظة. بماذا وعد العميد الجديد المحامين؟ فاضل محفوظ الذي يعتبر العديد أن دورته ستكون امتدادا لفترة العميد شوقي الطبيب لالتقاء العميدين في العديد من الأفكار والتقارب في السن وعد بالعمل على توسيع مجال عمل المحامي ورد الاعتبار اليه وتحقيق كرامته المادية والمعنوية، مؤكدا على أن رد الاعتبار لن يتم إلا عبر تحقيق الكرامة المادية للمحامي وذلك بإلغاء القوانين المعيقة لمجال عمل المحامي وبفتح آفاق جديدة متمثلة خاصة في نيابة المحامي الوجوبية لكافة الاشخاص والذوات المعنوية وإقرار مؤسسة المحامي المستشار الوجوبي على غرار مراقبي الحسابات في الشركات والتوزيع المتكافئ لقضايا الدولة والمؤسسات العمومية والذي يتجه نحو مواصلة العمل من اجله بعد ان فتحه مجلس العمادة الحالي. أما في ما يتعلق بوضعية المحامين الشبان فقد أكد العميد الجديد على ضرورة الاقرار بأن المحاماة شابة بنسبة تفوق 60 بالمائة وأن شباب المحاماة يجدون صعوبات كبيرة في بداية حياتهم المهنية وأنه يجب الاتجاه نحو تخصيصهم بنوعية من القضايا على غرار النفقات وحوادث الشغل... والأعمال الولائية ثم اعفاؤهم من الضريبة في مرحلة أولى وإقرار حوافز جبائية واجتماعية مع تمكينهم من قروض يصرفها صندوق الهيئة بفوائض معقولة وفي حدود معينة بما يمكن من تأهيل المكاتب على المستوى المادي والمستوى المعرفي. محفوظ أفرد التكوين المهني بجزء هام من برنامجه الانتخابي حيث وعد بأن يشمل التكوين اختصاصات متعددة جديدة تمكن من مجابهة الخطر الذي يداهم المهنة في حال انتصاب شركات المحاماة الاجنبية في تونس مع المحافظة على الجانب التقليدي في المحاماة المتمثل في ما يسمى بالقضايا العادية كما دعا العميد الجديد إلى التشجيع على التخصص وذلك عبر هياكل التسيير وبإقرار شراكة فعلية مع المعهد الأعلى للمحاماة بعد تنقيح النصوص المنظمة له. وقد اعتبر محفوظ انه لا يمكن الحديث عن رد الاعتبار للمحاماة إذا لم تتحقق شروط تطوير الوضع المادي والمهني للمحامين وأن تسير هذه المطالب بالتوازي مع اقرار إجراءات تضمن مبدأ التكافل والتضامن بين المحامين وتكرس وحدة المحاماة واستقلاليتها ووقوف هياكل التسيير إلى جانب المحامين كلما تطلب الأمر ذلك ومن ذلك الدفاع عن الدفاع وعن حصانة المحامي الواردة في الفصل47 من المرسوم عدد 79 لسنة 2011.