في تونس الآن يتحدثون عن قانون تحصين الثورة... وعن الدستور... وعن الخلافات القائمة في التأسيسي... ويتحدثون عن شهر رمضان وغلاء الأسعار... لكن الحديث المحوري فيدور حول مستقبل البلاد... وهناك متابعة دقيقة لما يقع في مصر. فالوضع مشابه... ومصر التي أخذت منا عصا التناوب في الربيع العربي تعيش الآن وضعا صعبا للغاية وانقساما لم يحدث منذ آلاف السنين... الآن مصر انقسمت فعلا... والجيش أكد ذلك وآلى على نفسه انقاذ البلاد والمحافظة على وحدتها مهما كانت التكلفة والخسائر. والسيناريو المصري يتابعه الجميع في تونس باهتمام كبير... وهناك من يرى أن ما يحدث في بلد الكنانة ما هو الا «بروفة» قد تعاد في أرض افريقية... «التونسية» حاولت قراءة ما يقع وهل يمكن أن تتأثر بلادنا بذلك خصوصا وأن حكامنا وحكامهم حاليا من نفس الاتجاه. انتهى عهد الجنرال في مصر هناك قيادة ثابتة في الجيش... لكن في تونس لنا شبه فراغ... فالجنرال رشيد عمار طلب إحالته على التقاعد... ومصدر من رئاسة الجمهورية أكد لنا أن مطلبه حظي بالقبول ولكنه مطالب بالبقاء الى حد تعيين خليفة له... مصدرنا أكد أن خليفة رشيد عمار لم يقع تحديده فعليا رغم وجود عدة تسريبات. ويمكن القول إن عهد الفريق أول رشيد عمار قد انتهى فعلا في انتظار الحسم النهائي في المرشح لهذه الوظيفة الخطيرة. تأثيرات حاولنا النبش في هذا الملف الشائك فلم نظفر بشيء... وكل الذين حاولنا أخذ انطباعاتهم وجدناهم متخوفين من المستقبل... ولا أحد يبدو مستوعبا لما يحدث... فالسيناريو المصري من المفروض أن يكون محلّ متابعة دقيقة من قبل كل الأطراف وخصوصا من المؤسسة العسكرية لأن الدنيا تجارب... وثورة تونس انتقلت الى مصر وليبيا... كما أن ما يحدث الآن في مصر قد يحيلنا الى استقراء مشهد مشابه. أنا مستقل اتصلنا بوزير الدفاع السابق الدكتور عبد الكريم الزبيدي الا أنه بدا متكتما وقال: «يبدو أني أصبحت المستقل الوحيد في تونس» ومن خلال هذه العبارة نفهم الكثير... فالموجودون حاليا ليسوا مستقلين حتى وان أكدوا على ذلك. وما فهمناه أيضا: أن خروج الجنرال رشيد عمار كان بفعل فاعل وليس طلبا للراحة والتقاعد فقط... فالوضع الآن لايسمح بخروج رجل مؤثر يحمل كل أسرار الثورة، كما يفهم أيضا من كلام الزبيدي أن الجنرال قد يكون أيضا ترك الاستقلالية واختار الأسلوب السياسي بعد نزع البزّة العسكرية. وهذا يمكن قراءته حتى من خلال كلام رشيد عمار الذي رفض الكلام عن مستقبله السياسي عندما قال بالحرف الواحد: «من يريد ممارسة السياسة عليه أن يتخلّى عن البدلة العسكرية». الوضع غامض كما اتصلنا أيضا بالعقيد المتقاعد بوبكر بن كريم الذي أفادنا بأن تونس صدّرت الثورة الى مصر وأن ما يحدث الآن في القاهرة قد يتسلل الينا أيضا لذلك علينا أن نكون حذرين وأن نحسن التعامل مع الأوضاع. وأضاف بن كريم إن الوضع غامض في تونس وحتى بالنسبة لقيادة الجيش فخليفة رشيد عمار يجب أن يكون معروفا قبل سنوات فهناك استمرارية وهناك استعداد لتسليم المشعل حتى لايقع أي تأويل. وحول امكانية لعب رشيد عمار لدور سياسي أفادنا بوبكر بن كريم أن كل راغب في الترشح للرئاسة يجب أن يكون مسنودا من حزب سياسي كبير... وهذا لم نلاحظه الآن ولو أن هناك أحزابا قد تكون اتصلت بالجنرال لاستمالته. وأضاف بوبكر بن كريم أن ما نعيشه اليوم مازال غامضا ولابد أن تتوضح الأمور حتى لانصل الى سيناريوهات لا نريدها. «ربي يقدر الخير» «التونسية» اتصلت بمصدر رفيع في وزارة الدفاع الوطني الا أنه لم يدْل بشيء قائلا: بالحرف الواحد... «ربي يقدر الخير» و «ربي يستر تونس» كما أفادنا المصدر ذاته أنه الى حد الآن لم يتم تسمية خليفة لرشيد عمار رغم تأكيده أن الجنرال قد تنتهي مهامه هذه الأيام... وفي كلام المسؤول الكبير في الوزارة نفهم أيضا أن هناك حالة من الترقب وأن هناك استعدادات لكل السينوريوهات كما هناك تخوف من المجهول. تونس اليوم في تونس اليوم يتوجب على كل طرف نزع جلباب الانتماء الحزبي الضيق ويجب على الجميع الالتحاف بالراية الوطنية مع تقديم أكثر ما يمكن من التنازلات وإلا فان شبح الخوف قد يخيّم على الأجواء في البلاد ونجد أنفسنا في مأزق يصعب الخروج منه.