أخفق أمس نواب المجلس الوطني التأسيسي رغم خمس دورات انتخابية متتاليةفي حسم التركيبة النهائية لمجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وذلك خلال جلسة عامة سادها جو من التوتر والاحتقان وفي عمليات انتخابية غلبت فيها المحاصصة الحزبية على شرط الاستقلالية. ففي كل مرة تمّ فيها الإعلان عن نتائج الانتخابات شهد المجلس حالة من الفوضى والاحتقان، كل طرف يتهم الطرف الآخر بعدم الالتزام بوعوده وعدم احترام الاتفاق الذي حصل بين الطرفين، حيث شهدت كواليس المجلس اجتماعات بين كتلة «النهضة» والمعارضة قصد ايجاد توافقات قبل الدخول إلى الجلسة لانتخاب أعضاء الهيئة وفي كل اجتماع من هذه الاجتماعات اشترط كل طرف على الطرف الآخر التصويت لمرشح مقابل تنازله عن مرشح آخر. حالة الاحتقان الأولى حدثت عندما لم تصوت المعارضة لصالح مرشح حركة «النهضة» كمال بن مسعود بعد أن تم الاتفاق بين الطرفين على أن تصوت «النهضة» لصالح مرشح المعارضة عن سلك الأساتذة الجامعيين محمد شفيق صرصار في حين تصوت المعارضة لصالح مرشح «النهضة» عن سلك المحاماة كمال بن مسعود. غير أن نواب كتلة «النهضة» فوجئوا بنتائج الدورة الأولى حيث تم انتخاب خمسة أعضاء من مجموع الأعضاء التسعة للهيئة العليا المستقلة للانتخابات وهم الأعضاء الممثلين عن الأسلاك التالية: محمد شفيق صرصار عن سلك الأساتذة الجامعيين، نبيل بفون عن سلك عدول الإشهاد، مراد بن مولى عن سلك القضاء الإداري، رياض بوحوش مختص في السلامة المعلوماتية، وخمائل بوحوش مختص في الاتصال، ليتم تدارك المسألة في دورة ثانية حيث تم خلال هذه الدورة انتخاب كمال بن مسعود عن سلك المحاماة. وقد تكرر نفس السيناريو عند استكمال الاختصاصات الثلاثة الباقية خلال الجلسة العامة المنعقدة أمس، وسادت حالة من احتقان في صفوف النواب اثر الإعلان عن نتائج الدورة الثالثة لانتخاب أعضاء هيئة الانتخابات، بلغت حد تهديد النائب عن حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد منجي الرحوي بحل المجلس التأسيسي ناعتا نواب كتلة «النهضة» ب«الخونة». إذ لم يتمكن أي مرشح من المرور لعضوية هيئة الانتخابات خلال الدورة الثالثة سوى مرشحة حركة «النهضة» فوزية الدريسي عن التونسيين بالخارج التي أحرزت على 153 صوتا في حين لم تفض النتائج إلى انتخاب أيّة شخصية بالنسية لصنف مختص في المالية وصنف قاض عدلي. وقد أثارت نتائج التصويت في الدورة الثالثة غضب المعارضة وأحدثت حالة احتقان كبيرة تحت قبة المجلس حيث اتهم النائب عن حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد منجي الرحوي نواب كتلة «النهضة» ب«الخونة» مشيرا إلى أنه «ليس لديهم لا عهد ولا ميثاق» ذلك أن نواب كتلة «النهضة» خالفوا العهد ولم يتم احترام الاتفاق الحاصل الذي قطعوه مع المعارضة والمتمثل في أن «النهضة» ستصوت لصالح مرشح المعارضة بالنسبة لصنف مختص في المالية العمومية وهي وفاء خواجة مقابل تصويت المعارضة لصالح المرشحة فوزية الدريسي عن التونسيين بالخارج، فكانت نتائج التصويت مخالفة لما اتفق عليه حيث صوتت حركة «النهضة» لمرشحها في صنف المالية العمومية ب 93 صوت في حين لم تتحصل المرشحة المتفق عليها سوى على 59 صوت. وقد هدّد الرحوي باسقاط المجلس الوطني التأسيسي قائلا « وشرفي وشرفي ورحمة شكري بلعيد سيسقط هذا المجلس لأن «النهضة» ليس لها عهد ولا ميثاق». وخلال الدورة الرابعة لاستكمال انتخاب أعضاء هيئة الانتخابات حازت مرشحة «النهضة» لمياء الزرقوني حرم الأسود على 156 صوتا عن سلك القضاة في حين لم تحرز مرشحة المعارضة المختصة في المالية العمومية وفاء خواجة إلا على 122 صوتا، ليتم بذلك الانتقال إلى دورة خامسة لاستكمال اختصاص المتبقي وهو المرشح المختص في المالية العمومية، غير أن نتائج الدورة الخامسة لم تفض لاختيار العضو التاسع لهيئة الانتخابات حيث لم يتمكن المرشحون من الحصول على نسبة الأصوات الكافية وقد تمكنت المرشحة وفاء خواجة من الحصول على 133 صوتا فقط وهي غير كافية. وبذلك أعلن رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر أن استكمال انتخاب أعضاء مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات سيتم يوم غد الأثنين كما سيتم اختيار رئيس الهيئة من ضمن الأعضاء التاسعة المنتخبين. وحسب تسريبات من المجلس الوطني التأسيسي فإنه من المنتظر أن يقع انتخاب مراد بن مولي رئيسا للهيئة العليا المستقلة للانتخابات.