ضيف عزيز لا يزورنا إلا غبّا لنزداد إليه في كل مرة أكثر شوقا وأكثر حبا...ضيف رفع الله قدره في القرآن وأوصى رسوله الأكرم صلى الله عليه وسلم المؤمنين بحسن استقباله وإكرامه والتحذير من مغبة السهو عنه أو إهماله..انه نزر قليل من فيض الكلام الذي قيل في شهر رمضان الكريم هذا الضيف المبارك الذي يعرفه المؤمنون حق المعرفة باعتبارهم أكثر الذين يؤدون حقه ويقدرونه قدره ويكرمون وفادته..كيف لا وصيام هذا الشهر ركن من أركان الإسلام الخمسة؟ كيف لا وهو الذي تفتح فيه أبواب الجنّة وتغلق فيه أبواب جهنّم؟؟... لكن ورغم كل الفضائل والمزايا التي خصّ بها الله هذا الشهر دون غيره من الأشهر، يبدو انه لم ولن يخل هو الآخر من مظاهر عدم الالتزام والاحترام وحتى التوظيف والإقحام.. حيث أن إفطار رمضان لم يعد حكرا على المسافر أو المريض أو العجوز أو الحامل أو المرضعة..بل تعداه إلى من يقوى على الصيام ولا يأتيه لسبب أو لدونه ليصل إلى حدود التجاهر بالإفطار والتباهي والتفاخر به وتنزيل المفطرين لصورهم حد التطابق مع المثل القائل «قالوا للقرودة اتبرقعوا..قالوا وجوهنا متعودة على الفضيحة». إفطار رمضان عمدا خرج في الآونة الأخيرة من حدود السرية والخلوات الفردية او الجماعية إلى العلنية وبحور الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعية..حيث عمد خلال الآونة الاخيرة عدد لا باس به من الشبان التونسيين إلى نشر صورهم الشخصية وهم إما يتناولون الفطور او يدخنون السجائر او يحتسون القهوة وحتى الخمرة والكحول في شهر كتب فيه الصيام، مرفقين صورهم بجملة من الرسائل الموجهة الى الشيخ عادل العلمي رئيس الجمعية الوسطية للتوعية والاصلاح الذي كان قد اعلن أيّاما قليلة قبل شهر رمضان عن نيته التصدي للمفطرين هذه السنة من خلال تصويرهم والتشهير بهم عن طريق نشر صورهم بصفة واضحة وعلنية قبل ان يفتي بأن السباحة في رمضان محرمة على الرجل والمرأة على حد السواء،داعيا وزير الداخلية «لطفي بن جدو» الى الوقوف بحزم في وجه المفطرين والتصدي لهم ،و من الرسائل والعبارات الواردة في بعض الصور نذكر: «كرشي ملكي وليست ملك احد ،عادل العلمي ارقد واتمد» و«ياشيخ اتقيتم الله في قهوتي ولم تتقوه في خبزة الملايين من التوانسة الجائعين» و«ماكش ربي باش تحاسبني يا عادل العلمي»... حملة وطنية للتجاهر بالإفطار؟ ! و لم يقف الامر عند حد التجاهر الفردي بالافطار بل تطوّر الى حد سعي البعض الى تنظيم حملة وطنية للمجاهرة بالافطار من خلال تكوين صفحة على الفايسبوك باسم «صور ملتقطة في شهر رمضان شماتة في عادل العلمي» او «Photos prises durant Ramadan chmata fi Adel Almi» انضم إليها في غضون ايام قليلة عشرات آلاف الشبان والكهول وتهاطلت عليها طلبات الصداقة بالاضافة الى الكم الهائل من الصور التي نزلها اصحابها «المفطرين» على هذه الصفحة حد الوصول الى التجاهر بالإفطار والمجاهرة بالالحاد واعتناق ديانات اخرى لا يفرض فيها الصيام.. وهو ما الامر الذي رد عليه الشيخ «العلمي» بأن المجاهرين بإفطار رمضان تعدوا على الله قبل ان يعتدوا على عادل العلمي كاشفا الى توجهه نحو توثيق صور المفطرين والتوجه بها الى العدالة لمقاضاتهم. غلق المقاهي والمطاعم في نهار «رمضان» بين الرفض والتأييد ومن الحلول التي كان قد ارتاها وزير الشؤون الدينية «نور الدين الخادمي» انه دعا في وقت سابق الى اغلاق المقاهي نهارا طيلة شهر رمضان على الا يشمل هذا القرار المقاهي الموجودة بالمناطق السياحية بعد ان اثار هذا القرار حفيظة وزير السياحة «جمال قمرة» الذي رد على هذه الدعوة بالقول ان دعوة «الخادمي» لن تشمل المناطق السياحية التي سيمارس فيها النشاط بشكل عادي لضمان سير الموسم السياحي . من جهته وصف «عزيز كريشان» المستشار السياسي لرئيس الجمهورية المنصف المرزوقي دعوة «الخادمي» بالمثيرة للجدل واللامستغربة حيث ان منطلقها –برأيه-موقعه كواعظ ولكنها تعتبر مفاجأة اذا ما صدرت عن عضو من اعضاء الحكومة المطالبين بتطبيق القانون قبل ان ينشر كريشان في تعليق له على الفايسبوك قولة: «ان كل التونسيين من المسلمين وغير المسلمين غير الملتزمين يحق لهم ارتياد المقاهي والمطاعم من دون عراقيل». رئيس الحكومة يدلي بدلوه في الموضوع من جانبه قال «علي العريض» رئيس الحكومة أن مسائل التدين مسائل طوعية وأول شرط لها هو الإخلاص والاقتناع الحقيقي بها، مضيفا: «نحن لا نريد ان نساهم في ايجاد نفاق، نريد ان يكون المواطن كما يجب ان يكون في حياته الدنيا اما في علاقته مع الخالق من قبيل ان يفطر او يصوم او غير ذلك من المسائل الدينية الاخرى فتبقى مسائل شخصية لا يحق لاحد التدخل فيها».