خبر اغتيال المناضل محمد براهمي أحد ممثلي جهة سيدي بوزيد في المجلس الوطني التأسيسي نزل على كافة متساكني الولاية والمعتمديات المجاورة لها وخاصة منها معتمدية سوق جديد موطن الفقيد الشهيد نزول الصاعقة حيث بادرت بالتحركات الاحتجاجية بعد فترة وجيزة من الحيرة والذهول وتحولت جموع غفيرة من المتساكنين الى مستوى محطة النقل البري بالمعتمدية المحاذية للطريق الرئيسية وهناك تم حرق العجلات المطاطية وغلق الطريق الرابطة بين معتمدية المكناسي وسيدي بوزيد في الاتجاهين في بداية الأمر في الوقت الذي توجه فيه العشرات من أهل الفقيد والقيادات الحزبية بالجهة الى مقر سكناه ومكان اغتياله بحي الغزالة بالعاصمة تونس. وتوجه أيضا العديد من الشباب من جهة سيدي بوزيد وخارجها الى مقر الولاية للتظاهر والاحتجاج وهناك توحدت كل الألوان الايديولوجية وتعالت أصوات الباكين مرددين شعارات مناهضة للأداء الحكومي داعين الى اسقاط النظام. «التونسية» في بيت والد الشهيد في طريقنا الى مسقط رأس محمد براهمي بمنطقة أولاد براهيم اعترضتنا جحافل من السيارات الخفيفة والفلاحية مقلة أعدادا غفيرة من أبناء المنطقة والمناطق المجاورة لها متجهة نحو ولاية سيدي بوزيد. في بيت والد الشهيد تجمع الأهالي والمعزون أمام وداخل وبجانب المنزل تحد جدران السياج وتحت الأشجار وطوابي الصبار وهم في ذهول واعياء من هول الصدمة وحر الهاجرة... هناك طلبنا مقابلة شقيقاته ونفر من أقاربه للحديث معهم حول فاجعة الاغتيال. فأتاح لنا بعض المقربين فرصة الحديث مع شقيقته شهيبة التي بدت مصدومة الى أبعد حال ولكنها كانت تردد: «حمة ها، حمة الأزرق تجينا سراي وقت الظلمة حفيان بلا بلغة»... «خويا عين تونس ما سيتاهلش، خويا محترم خويا قتلوه على خاطر الشعب التونسي خويا قتلوه الخونة والرجعيون.... خويا ما ت على الحرية اللي ما شفناهاش على حق تونس... على حق سيدي بوزيد... خويا خلّى دارو خالية في سقدال وتونس... خلّى أمو في حالة ضنكة... خويا عرصة رومان... خويا قابل الحكام فوق الكرسي... يضرب البيبان ويكسرها» ثم ذكرت في حديثها ل «التونسية» أنها كانت دائما ما تحذر شقيقها من الارهابيين بعد اغتيال الشهيد شكري بلعيد، وأضافت أن آخر مرة رأت فيها شقيقها بمناسبة الاعلان عن نتائج الباكالوريا. وبعد ذلك تحولنا الى والدته حليمة التي امتلأت تجاعيد وجهها بالدموع والعرق وهي تردد: «إني رأيت ابني أول أمس على شاشة التلفاز وآخر مرة تقابلنا فيها مباشرة منذ خمسة أشهر... ولدي مات وما عندي حدّ... أشكون يداويني ويغطيني ويرد علي السلام...». حرق مقرات «النهضة» وغلق المراكز الأمنية اقتحم المتظاهرون جميع مقرات حركة «النهضة» بكل من منزل بوزيان والمكناسي والمزونة وأتلفوا ما بداخلها وأحرقوها وأغلقوا المقرات الأمنية والطريق الوطنية رقم 13 على مستوى منزل بوزيان والمكناسي فضلا عن الخط الحديدي بمدينة المكناسي. كما اقتحموا مقر الولاية وأحرقوا المكاتب الأمامية فيها وأتلفوا ما توفر فيها من وثائق وبصفة عامة شهدت ولاية سيدي بوزيد ومعتمدياتها حالة من الاحتقان الكبير لهول الفاجعة.