لأوّل مرّة تقريبا منذ تولّيه الإشراف على حظوظ المنتخب الوطني لكرة القدم يحتجب اسم «نبيل معلول» عن الواجهة وينسحب الحديث قسرا على المنتخب دون سواه بعد أن استحوذ «الكوتش» في وقت سابق على كلّ الحبر المسكوب بسبب طلعاته المريبة التي حجبت كلّ العناوين الرئيسية وجعلت من أحوال المنتخب وأخباره أمورا ثانوية... سيكون المجال مفتوحا من جديد أمام منتخب تونس للعودة إلى صدارة الأحداث من جديد في مباراة عنوانها البارز هو العبور إلى المحطة الختامية من التصفيات الإفريقية المؤهلة إلى مونديال البرازيل ضدّ منتخب الرأس الأخضر الطامح بدوره إلى كتابة التاريخ من بابه الكبير... الفرصة تبدو مواتية أمام منتخبنا لمحو صفحات من الخيبات تتالت منذ «نكسة» الموزمبيق وما خلّفته من رجّات عكسيّة حادت بنا عن مصاف الكبار خاصة وانّ المنافس ليس من الوزن الثقيل رغم محاولات التهويل اليائسة والنفخ في صورته الباهتة... العيون والقلوب ستكون مساء اليوم حتما صوب ملعب رادس والعقول المتحسّسة لطريق المستقبل تترقّب عن كثب ما ستحمله هذه المواجهة المصيرية التي قد تقبر بين ردهاتها جيلا بأكمله من اللاعبين قد يعرف النهاية مع خطّ أولى حروف البداية...الفوز في مباراة اليوم لا يعني بالضرورة العبور إلى أرض البرازيل لكنه يبقي حلم المونديال مشروعا ويرمي بنا في زمرة العشرة الكبار وإلى ذلك الحين سيرتفع سقف الطموحات وتبارح غيمة الشك مكانها ويعود لمنتخبنا بريقه المفقود...وهذا ما يجب أن يعيه المدرّب الوطني نبيل معلول الذي سيكون هو الآخر أمام فرصة تاريخية لمحو زلّاته وكتابة صفحة جديدة مع كلّ المحيطين به وبسرب النسور... نبيل معلول الذي انشغل مؤّخرا باختلاق المشاكل وافتعال الأزمات مع القريب قبل البعيد وهو المتمرّس قديما في حرب التصريحات يدرك جيّدا أن ما عليه أكثر ممّا لديه وهو يلعب اليوم ليس فقط من أجل إعلاء راية تونس ولكن للحفاظ كذلك على مسيرته التدريبية التي قد تعرف نهاية تراجيدية مع سقوط مذلّ على أعتاب «الكاب فار» لا قدّر الله... وهو من حسن حظّه ينال شرفا يتمناه كلّ مدرّب وهو تدريب المنتخب وحلم المونديال إن تحقّق سيكتب في سجله قبل غيره وسيعيده حتما إلى قلوب كلّ التونسيين المتعطّشين إلى فرحة تنسيهم ولو لحين غمّة التطاحن السياسي وحرب الفرقاء... «الحاج» معلول مطالب في مباراة اليوم باستغلال الفرصة واستثمارها جيّدا وذلك بتحقيق الانتصار خدمة لمسيرته التدريبية أوّلا وثانيا للتكفير عن سيّئاته التي ملأت الدنيا وشغلت الناس...التائب من الذنب كما لا ذنب له وهذا ما يجب أن يعيه معلول الذي صنع لنفسه متعمّدا أعداء من ورق وصار يجابه مع كلّ حرف يلفظه موجة عارمة من الانتقادات عزلته عن محبّيه قبل معارضيه... الكرة في ملعب نبيل معلول وهو أدرى بما اقترفت يداه على امتداد مشواره الرياضي الحافل بالانجازات والتتويجات وكذلك بالانحرافات وهو مطالب اليوم قبل الغد بتعديل توجهاته وميولاته والحدّ من نبرة تصريحاته المستفزّة والانفتاح أكثر على مسالك النقد بشتّى تحولاتها وتصنيفاتها وهو المتعوّد على ذلك في بلاتوهات الجزيرة... على «الكوتش» أن يفهم الآن قبل فوات الأوان أنّه مدرّب المنتخب وأنّه جامع لكلّ التونسيين بعيدا عن لغة الانتماءات والألوان وأنّ سياسة التصعيد والوعيد لا تنفع فالمجال لا يسنح لأننّا شركاء في الانجاز تماما كما في الفشل... مباراة اليوم لا تعني معلول ومجموعته فقط فالحلم يعنينا جميعا لذلك لم يعد من اللائق الحديث عن أدوار البطولة المزعومة والمسؤولية المشبوهة وما خلفته التجارب السابقة أكبر دليل على ذلك. فسقوط معلول لم يعد شأنا يخصّه والمسألة اليوم مسألة حياة أو موت...إقلاع من جديد أو سقوط متجدّد... هي فرصة لتعبيد الطريق لقادم المواعيد ومسرح رادس قد يزفّ اليوم فرحة الإخوة الأعداء بعد طول جفاء لذلك هي نصيحة خاصة إلى «الحاج» عساه يتّعض من الدروس السابقة فالسير عكس التيّار يهلك صاحبه ومهما ارتفعت هامة الرجل فالعزلة تقسم ظهره وهذا ما لا نتمناه لمدرّب الوطن... تونس الرأس الأخضر عقبة أخيرة قبل «الباراج» الحاسم فهل يرتفع «رأس معلول» على حساب «الرأس الأخضر» ونترّفع سويّا عن مثل هذه التفاهات والمهاترات...؟؟؟