افتتاحية الأوتار عن أي مهرجان يتحدثون؟ صيف عربي حافل بالإبداع الثقافي.... هل تصح هذه المقولة عن واقعنا الثقافي العربي..؟ الأكيد أن ما يميز الساحة الثقافية في عديد البلدان العربية في كل صائفة هي المهرجانات وبالتحديد المهرجانات الموسيقية ومن أبرزها على سبيل الذكر لا الحصر، مهرجان قرطاج في تونس وجرش في الأردن.... لكن هل نحن ندرك معنى المهرجان وهل خلقنا فعلا أجواء مهرجانية لهذه الشعوب التي صارت تبحث عن أصول ثقافية وفكرية تقدم لها هوية ما... أصول المهرجان أيها السادة كما رسخها الرواد هي أصول فكرية وفرجوية وفنية مبتكرة ومتجاوبة مع الشارع وليس كما نراه في أيامنا هذه وقد طغت عليها أصول السمسرة الاقتصادية وعديد الاعتبارات المجاملاتية وبطبيعة الحال السياسية من خلال منطق البيع والشراء وإرضاء هذا الفنان أو ذاك.. وهذا أفقدنا المعنى الحقيقي للابتكار والانتاج الفني الجماهيري الخلاق وصارت مهرجاناتنا أشبه بقاعات الأفراح المغلقة وجعلت المجتمع العربي يبحث عن شارعه الثقافي الرحب فلا يجده في أيامه ولياليه، لأن الفعل الثقافي انحصر في الأماكن المغلقة الأثرية منها أو العصرية....انظروا إلى مهرجانات ريو دي جانيرو في البرازيل ومهرجان الثيران في اسبانيا وغيرها في أنحاء العالم التي تخلق نوعا من الالتحام بين وجدان الشارع وفكره وتراثه, في مهرجان من الشعب وإليه.. أما اذا اقتصرت المسألة على عملية التعاقد مع فنان لإحياء سهرة في مسرح أو فضاء مخصص للعروض فهنا يسقط مفهوم المهرجان وتصبح المسألة مجرد سهرات فنية قابلة لاحتمالي الفشل والنجاح الجماهيري الضيق.... ولكن شعوبنا هي محتاجة ومتعطشة في الأصل إلى مهرجانات حقيقية، تخلق فعلا وحركة ثقافية للجمهور الواسع.. وجمهورنا العربي يبحث عن هذه الحركة التى قد تنسيه شيئا من نكده اليومي وتخلصه من كبته الثقافي وتنمي فيه وجدانه المجتمعي وكل عام وسهراتنا الثقافية الصيفية بألف خير عسى نسماتها تخفف عنا وهج حرارة بعض العقول المتشنجة.