كل الكلمات التي لم أكتب حتى الآن هي عشقي المؤجل إلى حين ,,عشقي الذي أمشي إليه في طريق وعرة ضيقة مرتفعة ,,يصيبني الدوار كثيرا وأنا في طريقي إلى هذا العشق ,,اللغة. بيني وبين اللغة لغة حب , والحب درجات كما يقول ابن حزم. لغة عشق يحضر فيها الجسد بكل حواسه ويستحضر حواس آخرى لم تخلق بعد حتى يتشبع أكثر بمعاني الكلمة رنتها رسمها الأول فوق شفاه مرتعشة كأنها تهذي بالعربية لأول مرة ,,شيئ ساحر بل مغري يرسم فوق الشفاه حين تتباعدان قليلا ويطل اللسان قليلا بين الأسنان ويطلق حرف الضاد في مخارج عصية عسيرة ,,إنه أعسر الحروف نطقا على الإطلاق ولشدة عسر النطق به سميت كل اللغة العربية باسمه ,,اختصرت في حرف واحد ,,لغة الضاد. كياني هو لغتي ,حرف ضاد غير مشكول ,صعب ,مغري بين الشفاه حين ينطق,عسير المخارج كثيرا ,طليق اللسان أحيانا , ساكن ربما اذا ما كثرت علاته وحرف العلة ساكن بطبعه كما يقول النحاة,,وقد يتحول فجأة إلى حرف مد والمد هو إطالة الصوت بحرف عند ملاقاة همزة أو سكون سكوني كثير وهمزاتي قليلة ,,وأنا بينهما عصية على المد قد أطيل في لغتي , قد أسهب فيها حين أكتبها أنطق بها أغنيها , أحتفي بها احتفاء العاشقة بعاشقها ,,عاشقها أم عشيقها ؟ حرف واحد يصنع الفرق ويغير القصة ,,وقصتي تشبه حرف ياء تأخر وحرف ضاد عسير على غير الناطقين بالعربية ,, كياني هو لغتي وما أنا غير لغة متعددة الحروف كثيرة الشكل.همزاتها : رسومها صعبة,إن حفظت أتقنت وإن أهملت نسيت بيني وبين اللغة قصة عشق لا أدري متى بدأت ,من أي حرف صنعت القصة تحديدا لا أذكر , كل ما أعرفه أني أحب لغة الضاد وأحبها أكثر حين أكون عاشقة ,,تفضحني اللغة في حالات الحب على اختلافها ,قد أكتب بنهم وقد أدخل في حمية كتابة قاسية الحب قرين الكتابة قرين اللغة واللغة إن كتبت حفظت ,,وربما لذلك كتبت كثيرا عن الحب ربما لأراه مرسوما أمامي لأتأكد من أني فعلا أحب ,لألامس الحب كأني أصنع منه تمثالا أعبده على الورق أراه في رسم الكلمات في الواو الساكنة المضموم ما قبلها أقف مشدوهة ,لا زيادة ولا نقصان ,,كل بميزان بإيقاع برنات لا نشاز فيها ,, يا لروعة اللغة الحب قرين الكتابة والانوثة قرينة اللغة واللغة مغرية شديدة الرغبة لا تشبع حين تكتشف الأنوثة من خلالها الواحدة منا ترى نفسها في ما تكتب ,أو الأصح تمعن النظر في نفسها من خلال ما تكتب أرى كل الوجع على الورق وإن أخفيته وأرى كل الفرح على الورق وإن خبأته ..حتى في قصص لا تعنيني أرى نفسي من خلال ما أكتب قد أحضر وقد أغيب , قد أختفي خلف النهاية بقليل وقد أطل في المقدمة الغامضة أسهب ,أختصر , أكرر , أمحي , أعيد دون تكرار ثم أمضي . لعبة هي اللغة ؟ اللغة ليست لعبة ولا الكتابة لعبة ,إنها نوع من الحياة ,حياة تسير معنا وقد تتوقف حين يتوقف النبض فينا ,حين تداس المشاهد بداخلنا ,حين تنقطع الطرقات الكثيرة الممتدة فينا , حين نرى الجسر المعلق لما نعيشه ونحياه قد انهار أو أوشك على الانهيار وحين نمشي فوقه ولا نعلم هل نعود أدراجنا أم نواصل , هل نجازف أم نستسلم ,, اللغة كذلك ,نبضها مخارج الحروف فيها يحتاج إلى اوكسيجين ,,حتى في الكتابة عن الموت تحتاج اللغة إلى أوكسيجين اللغة كائن أنثوي بالضرورة يجيد لغة الجسد مثلما يجيد لغة العقل ,والروح بينهما تحلق في إنتشاء ,كلما توازن الاثنان ,صارت اللغة سلسة ,أنيقة ,غير متكلفة ,غامضة بما يكفي , واضحة بما يكفي , ميزان ذهب وصمت اللغة ذهب عيار أربع وعشرين قيل إن المرأة لا تحسن الصمت , فإن أحسنت لا تقاطعها إن كتبت بتدفق ولم تتوقف فلتت اللغة منهاواختلطت ..باب المد يحب السكون كل إمرأة تجيد اللغة لكن بعضهن يحسن التصرف فيها ويعتنين بها وأخريات يمارسنها كثيرا دون إحسان شيئ فيها هنا يكمن الفرق اللغة مثل الجنس ,,اللغة قرينة الجنس أحيانا الكثير من اللغة يقتلها يجعلها سوقية والكتابة كذلك لا تحب الإسراف مثلما الجنس لا يحب الإسراف في الكتابة شيئ من السحر لا يشبه المتعة ,يؤجل المتعة إلى حين إتقان اللعبة مثل درس في الغواية , في الإغراء في استدراج الآخر إليك دون أن تشعر ودون أن يشعر ستعرف السر وسط القصة ,في قلب الغواية وانت تمارسها. في ارتعاشة الروح صدفة وأنت تسترسل دون إطالة في الحديث مع الآخر ,هذا الغريب الذي يتحول بعد قليل إلى آسر لا تختار كلماتك بل تسيطر على صمتك الصمت يصنع الفارق وسط اللغة وربما يغير القصة ,تلك التي تكتبها وتعيشها الصمت يعيدك إلى اللغة مثلما ينبهك إلى الحب , الصمت تلك اللغة الآخرى التي قد نجيدها وقد لا نجيدها الصمت ذلك الفصل الذي يغير كل القصة مثلما يعيد إنتاج كل اللغة بشكل آخر ..أجمل ربما نعم اللغة مثل الجنس وقد تكون قرينته كم من كاتب يركض إلى أوراقه بعد ليلة الحب الأولى كأنه يكتشف روحه لأول مرة كأنه يتأمل في جسده في المرآة لأول مرة فلا يرى عيوبه الخلقية ولا يرى ندوبه الصغيرة ولا الكبيرة ,,يرى فقط تلك الارتعاشة الأولى والمرأة هي ذلك الآخر المنتظر تحت الشراشف البيضاء ,,بعد ليلة الحب الأولى ,,تصبح مسالمة مع عيوبها الصغيرة مع الندبة الصغيرة في الردف الأيمن أو الأيسر ,حيث توقفت أنامله قبل قليل , ما عادت الندبة ندبة بل صارت وشما يحمل بصمته ويختزن رائحته كل تلك المشاهد تحتاج إلى كتابة , قد تصلح للكتابة وقد لا تصلح ,الفرق يكمن في المسافة الفاصلة بين المشهد والكتابة قد تموت اللغة في الوسط , قد تنتحر , قد تغيب تماما يتحول كل ما سبق إذن إلى مجرد حوادث ,,وبعدها بقليل لن تكون سوى وقائع غير مهمة إلا إذا استحضرتها الذاكرة كل الفرق يكمن في اللغة إن سيطرت على اللغة إكتشفت كل الكيان ,,كيانك