جندوبة: انطلاق بناء مدرسة اعدادية بجاء بالله طبرقة    يساهم ب 16% في الناتج المحلي: الاقتصاد الأزرق رافد حيوي للتنمية    عاجل/ إضراب مرتقب في قطاع المحروقات.. وهذا موعده    كيف سيكون طقس اليوم ؟    قفصة : الاعدادية النموذجية تتحصل على أفضل عمل متكامل    "حراك 25" يناشدرئيس الدولة الترشّح لانتخابات 2024    جبنيانة: حجز 72 طنا من الأمونيتر    شملت شخصيات من تونس..انتهاء المرافعات في قضية "أوراق بنما"    عاجل/ إتحاد الفلاحة: "تدهور منظومات الإنتاج في كامل البلاد"    هيئة الدّفاع عن المعتقلين السّياسيّين: خيّام التركي محتجز قسريا وهذه خطواتنا القادمة    غارة جوية تستهدف موقعا عسكريا لقوات الحشد الشعبي في العراق    يستقطب قرابة نصف اليد العاملة.. مساع مكثفة لإدماج القطاع الموازي    أميركا توافق على سحب قواتها من النيجر    الصين تعلن تشكيل قوة عسكرية سيبرانية جديدة    منظمة الصحة العالمية تعتمد لقاحا جديدا عن طريق الفم ضد الكوليرا    المنصف باي.. الكشف عن عملية سرقة باستعمال النطر والإحتفاظ بشخصين    كرة اليد.. الترجي يحقق فوزه الاول في بطولة إفريقيا للأندية الفائزة بالكأس    المنستير للجاز" في دورته الثانية"    استكمال تركيبة لجنة إعداد النظام الداخلي بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم    بنزرت: القبض على تكفيري مفتش عنه ومحكوم ب8 سنوات سجنا    فشل مجلس الأمن في إقرار العضوية الكاملة لفلسطين: هذا موقف تونس    منوبة: حجز طُنّيْن من الفواكه الجافة غير صالحة للاستهلاك    عبد الكريم قطاطة يفرّك رُمانة السي آس آس المريضة    جندوبة: حجز أطنان من القمح والشعير العلفي ومواد أخرى غذائية في مخزن عشوائي    أخبار الترجي الرياضي .. أفضلية ترجية وخطة متوازنة    رئيس الجمهورية يشرف على افتتاح الدورة 38 لمعرض تونس الدولي للكتاب    وزير الشباب والرياضة: نحو منح الشباب المُتطوع 'بطاقة المتطوع'    القصرين..سيتخصّص في أدوية «السرطان» والأمراض المستعصية.. نحو إحداث مركز لتوزيع الأدوية الخصوصيّة    هزيمة تؤكّد المشاكل الفنيّة والنفسيّة التي يعيشها النادي الصفاقسي    تعاون تونسي أمريكي في قطاع النسيج والملابس    معرض تونس الدولي للكتاب يعلن عن المتوجين    النادي البنزرتي وقوافل قفصة يتأهلان إلى الدور الثمن النهائي لكاس تونس    حالة الطقس خلال نهاية الأسبوع    لجنة التشريع العام تستمع الى ممثلين عن وزارة الصحة    مضاعفا سيولته مرتين: البنك العربي لتونس يطور ناتجه البنكي الى 357 مليون دينار    تخصيص 12 مليون م3 من المياه للري التكميلي ل38 ألف هكتار من مساحات الزراعات الكبرى    سيدي بوزيد: وفاة شخص وإصابة 5 آخرين في اصطدام بين سيارتين    الصالون الدولي للفلاحة البيولوجية: 100 عارض وورشات عمل حول واقع الفلاحة البيولوجية في تونس والعالم    انطلاق معرض نابل الدولي في دورته 61    القصرين: تلميذ يطعن زميليْه في حافلة للنقل المدرسي    انزلاق حافلة سياحية في برج السدرية: التفاصيل    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    كلوب : الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    توزر: ضبط مروج مخدرات من ذوي السوابق العدلية    بطولة برشلونة للتنس: اليوناني تسيتسيباس يتأهل للدور ربع النهائي    عاجل/ بعد تأكيد اسرائيل استهدافها أصفهان: هكذا ردت لايران..    تفاصيل القبض على 3 إرهابيين خطيرين بجبال القصرين    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    نقابة الثانوي: محاولة طعن الأستاذ تسبّبت له في ضغط الدم والسكّري    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في «نهج الدباغين» بتونس .. «مكتبات الرصيف» تتحدى الزمن
نشر في الزمن التونسي يوم 21 - 07 - 2018


تونس «الأناضول»:
بين آلاف الكتب المتراصة على درج شقة قديمة في «نهج الدباغين» بالعاصمة التونسية، وبين رُفوف تنوء تحت ثقل مجلدات يفوح منها عبق الزمن، يقف خالد شتيبة في حالة هيام أزلية مع مكتبته. ففي هذا المكان، تتوقف عقارب الساعة عند عشق عابر للزمن، متحديا انسيابه السريع والغزو الإلكتروني الذي حول اهتمام الناس إلى وجهة مختلفة وبعيدة عن النسخ الورقية للكتب والمجلات.
الكتب القديمة .. قصة حياة
ثلاثون عاما من عمره قضاها خالد أو العم خالد كما يناديه الجميع هناك، في هذه الشقة المخصصة لبيع الكتب القديمة.
غير أن مراكمة الكتب عبر السنين جعل مساحة الشقة الصغيرة عاجزة عن استيعاب ذلك الكم الهائل من المجلدات، فكان أن قرر عرضها على قارعة الطريق، لتصبح بمثابة مكتبات صغيرة متناثرة على الرصيف. «قصة حياة»، كما يقول خالد الذي تجمعه برائحة الكتب القديمة، ورافقته في مسيرته اليومية، حتى باتت جزءا من حياته: «هذه الكتب القديمة أصبحت جزءا مني فهي لا تقدر بأي ثمن»، يقول ونظراته تجوب الكتب القديمة التي بات لون البعض منها مائلا للاصفرار، قبل أن يضيف «أتنفس عبق حروفها وأزداد ولعا بها يوما بعد آخر». عشق رافقه مُذ كان مراهقا عندما كان ينزوي في ركن على قارعة الطريق، ليعرض كتبه على المارة. «كنت أبلغ من العمر حينها 15 عاما»، يتابع، حيث «كنت أغتنم تلك الفرصة للحصول على بعض الأموال لتغطية مصاريف دراستي، ولذلك كان علي أن أعمل أيام العطل». ومنذ ذلك الحين، بدأت قصة خالد مع الكتب، ولم تنته حتى اليوم، كما يقول، ليحول رصيف «نهج الدباغين» إلى مكتبات صغيرة يجد فيها عشاق المطالعة كتبا نادرة يتجاوز عمرها ال30 عاما، ويصعب العثور عليها في المكتبات الأخرى. وبذات النظرات التائهة في الكتب المصفوفة بغير انتظام على الأرض يضيف خالد: «إنها كتب قيمة وثمينة، ولكنها معروضة على الرصيف، وهنا تكمن ميزتها وخاصيتها».
ففي ذلك المكان، يمكن العثور على درر أدبية أو تاريخية «ثمينة» من حيث القيمة، إلا أن سعرها زهيد، حيث يتراوح بين 500 مليم (أقل من 0.02 دولار) إلى 50 دينارا (نحو 20 دولارا) أو أكثر بقليل. ورغم أن بيع الكتب القديمة يشكل مصدر رزقه، إلا أن العلاقة الوثيقة التي أضحت تربطه ببعض الكتب، تجعله يرفض التفويت فيها، مشيرا إلى أن حبه لها يمنعه من بيعها.
مهنة شاقة ومتعبة
يقضي العم خالد سنوات بأكملها في انتظار قدوم زبائن ينفضون الغبار عن كتبه ويشترونها. مهنة شاقة وتتطلب صبرا طويلا، خصوصا مع اكتساح الكتب الإلكترونية للعالم، وعزوف القراء عن ابتياع النسخ الورقية. ففي السابق، يقول، «كان عشاق المطالعة يقبلون على الكتب القديمة من مختلف الفئات العمرية والاجتماعية، من وزراء ومثقفين وشخصيات معروفة، فيملؤون قفافهم (سلال تقليدية مصنوعة من سعف النخيل) كتبا، أما اليوم فقد اختلف الأمر كثيرا».
رأي أيده رمزي الطرخاني، وهو بائع كتب قديمة بسوق نهج الدباغين، وهو الذي يرى بدوره أن «الإقبال على الكتاب القديم تراجع مقابل التطور التقني والتكنولوجي، حيث لم يعد يحظى باهتمام كبير خاصة لدى الفئات العمرية الشبابية». علاقة رمزي بالكتب القديمة تلخصها 18 عاما أمضاها في دكانه الذي يضم مئات العناوين في مختلف المجالات من أدب وفقه وفلسفة وعلوم وتقنيات وغيرها. كتب أثقلت رفوف محله الصغير، فكان أن اتخذ من الرصيف مكانا يصففها في ركن منه، وأحيانا يتركها متراصة بغير انتظام. وفي حديث للأناضول اعتبر رمزي أن «بيع الكتب القديمة يتطلب الكثير من الصبر والولع بالمطالعة والحب لهذه الكتب». ويبتاع رمزي الكتب القديمة من شركات تونسية مختصة في توزيعها على محلات سوق الدباغين، أو يشتريها من مواطنين وأحيانا من مكتبات تصبح فيها هذه الكتب قديمة.
آمال يكبلها واقع صعب
ونظرا لتراجع الإقبال على النسخ الورقية للكتب بدأت مكتبات الرصيف تلك تفقد الكثير من بريقها؛ ليقرر عدد من أصحابها الانسحاب بهدوء، فيما يتحدى آخرون حتى اليوم الاجتياح الإلكتروني والصعوبات المالية، رغبة في البقاء.
وبالنسبة ل«رمزي» فإن «غياب التشجيع من قبل السلطات هو ما حال دون وجود سوق قائمة الذات لبيع الكتب المستعملة في نهج الدباغين»، لافتا أن «كل ما ترونه هنا يشكل نتيجة اجتهادنا الخاص».
وتابع: «كانت السوق في السابق مزدحمة بباعة الكتب، إلا أن محلات لوازم الخياطة وبيع الأقمشة حلت محلها، وذلك بسبب غلاء استئجار الدكاكين والإيرادات المالية الضعيفة لبيع الكتب القديمة».
ودعا رمزي سلطات بلاده إلى «الاهتمام بهذا النشاط على غرار الأسواق الموجودة في كل من مصر والعراق وفرنسا، حيث يحظى قطاع بيع الكتب المستعملة بأهمية بالغة».
من جهته عاد العم خالد ليعرب عن رغبته في أن «يطلق اسم شارع الثقافة على هذه السوق بدل الدباغين». ورغم ضعف إيرادات بيع الكتب، إلا أن رمزي لم ينجح في الابتعاد عن مهنته، حتى أن جميع محاولاته الرامية لتغيير نشاطه باءت بالفشل. ففي كل مرة، كان حنينه للكتب القديمة يعيده إليها.
للسوق روادها رغم الصعوبات
بين أكداس الكتب المستعملة، وقفت الطالبة العشرينية وفاء عبسي، تقلب بين راحتي يديها مؤلفات وروايات قديمة علها تجد فيها ضالتها.
وعن سر وجودها في المكان قالت وفاء للأناضول: «أميل كثيرا للكتب القديمة، صحيح أننا نجد كتبا في الإنترنت بصيغ مختلفة، ولكن أن يكون الكتاب بين يديك فتلك متعة أخرى». أما سمير، وهو خمسيني مولع بالمطالعة، وتستهويه بالخصوص الكتب الرياضية، فاعتبر من جانبه، أن «السوق شهدت انتعاشة ظرفية إبان الثورة (2011)، حيث لاحظت إقبالا وتعطشا كبيرين للكتب، غير أن هذه الرغبة سرعان ما تقلصت تدريجيا».
وتنتصب سوق «نهج الدباغين» بقلب العاصمة التونسية، وقد كان هذا الشارع الصغير مخصصا في الخمسينات لمحلات صباغة الجلود التي اكتسب منها اسمه، إلا أن هذه المحلات اندثرت وحلت مكانها دكاكين بيع الكتب القديمة المستعملة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.