القيروان... اليوم انطلاق موسم الحصاد...صابة جيّدة... وطاقة التخزين والتجميع محدودة    نابل .. استعدادات لموسم الحصاد    حين تصرخ فلسطين في وجوهنا .. لا تتاجروا بدمي...ولا تهرولوا حفاة صوب التطبيع    عدة دول أوروبيّة تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين    بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الإعاقة: فضية لروعة التليلي وبرونزية لأمان الله التيساوي    الخميس القادم في تونس...مؤتمر دولي لسيدات الأعمال العربيات والافريقيات    منتدى القوى الديمقراطية.. تجربة جديدة لتجميع الأحزاب اليسارية والتقدمية والجمهورية    نقل وزير الدفاع الإيطالي إلى المستشفى بعد أزمة صحية مفاجئة    بعد قراره المفاجئ.. كروس يتلقى رسالة من رونالدو    مؤسستا البريد التونسي والموريتاني توقعان اتفاقية لتطوير التعاون في مجال الخدمات البريدية والمالية والرقمية    بلعاتي يؤكد في بالي أهمية تعزيز التعاون ونقل التكنولوجيا حول تداعيات تغير المناخ    وزير الخارجية يلتقي السفير الامريكي ويبحث معه العلاقات الثنائية وبرامج التعاون    رئيس الجمهورية يجتمع بوزير الشؤون الاجتماعية للنظر في مواضيع تهم الشان الاجتماعي في البلاد    السفير الصيني بتونس.. "العلاقات بين البلدين تبشر بمستقبل واعد"    مراسم تشييع الرئيس الإيراني الراحل ورفاقه في مدينة تبريز    سوريا: تشخيص إصابة أسماء زوجة بشار الأسد بسرطان الدم    فرنسا تدعم سعي الجنائية الدولية والمانيا ترحب..و"النواب الأمريكي" يهدد    سارة الزعفراني الزنزري: نحو ربط مطاريْ تونس قرطاج والنفيضة بخط حديدي    تطاوين: ارتفاع عدد الاضاحي مقابل ارتفاع في اسعارها بسبب غلاء العلف    بطولة العالم لالعاب القوى لذوي الاعاقة : وليد كتيلة يهدي تونس ميدالية ذهبية ثالثة    الرابطة 1 (مرحلة تفادي النزول): حكام الجولة الحادية عشرة    دربي العاصمة بين النادي الافريقي والترجي الرياضي يوم الاحد 2 جوان القادم    كيف سيكون طقس الأربعاء 22 ماي 2024 ؟    حجز 100 صفيحة من مخدر القنب الهندي داخل منزل بالتضامن    في كمين أمني للفرقة الجهوية للشرطة العدلية بقبلي.. القبض على تاجر مخدرات    المنستير: فقرات ثقافية وتنشيطية وسياحية متنوعة في الدورة الأولى لمهرجان عمر بوزقرو للشركاو    المجمع المهني للصناعة السينمائية يكشف عن خطة عمل ويدعو إلى التعاون من أجل حفظ الذاكرة السينمائية    سوناك يعلن "يوم العار" في بريطانيا بسبب فضيحة فيروس نقص المناعة    مصر: الكشف عن سبب حادث سقوط حافلة الركاب بالنيل ووفاة 12 فتاة    المحمدية: الكشف عن مستودع معد لإخفاء السيارات والاحتفاظ بنفرين    صفاقس : نقص كبير في أدوية العلاج الكيميائي فمن يرفع المُعاناة عن مرضى السرطان؟    دربي العاصمة يوم الأحد 2 جوان    صفاقس : كشك الموسيقى تحفة فنية في حاجة الى محيط جميل    سيدي بوزيد: جداريات تزين مدرسة الزهور بالمزونة (صور)    أوهمهما بالتأشيرة الأوروبية: السجن لشاب تحيّل على طالبين أجانب    تونس: القبض على 3 عناصر تكفيرية مفتش عنهم    20 مسماراً وأسلاك معدنية في بطن مريض    سيدي بوزيد: برمجة ثرية في الدورة 21 لملتقى عامر بوترعة للشعر العربي الحديث    بضائع مهربة بقيمة 145 الف دينار مخفية في اكياس نفايات!!    في مهرجان "كان": كيت بلانشيت تتضامن مع فلسطين بطريقة فريدة    سعاد الشهيبي تستعد لإصدار "امرأة الألوان"    توزر: تمكين المدرسة الابتدائية طريق المطار من تجهيزات رقمية    متعاملون: تونس تطرح مناقصة لشراء 100 ألف طن من قمح الطحين اللين    عاجل/ مدير بالرصد الجوي يحذر: الحرارة خلال الصيف قد تتجاوز المعدلات العادية وإمكانية نزول أمطار غزيرة..    قابس: الشروع في التنظيف الآلي للشواطئ    موعد تحول وفد الترجي الرياضي الى القاهرة    إختفاء مرض ألزهايمر من دماغ المريض بدون دواء ماالقصة ؟    اصابة 10 أشخاص في حادث انقلاب شاحنة خفيفة بمنطقة العوامرية ببرقو    زيادة مشطة في أسعار الحجز.. الجامعة التونسية لوكلاء الأسفار توضح    صلاح يُلمح إلى البقاء في ليفربول الموسم المقبل    وزارة الفلاحة: '' الحشرة القرمزية لا تُؤثّر على الزياتين.. ''    هل فينا من يجزم بكيف سيكون الغد ...؟؟... عبد الكريم قطاطة    الشاعر مبروك السياري يتحصل على الجائزة الثانية في مسابقة أدبية بالسعودية    نحو الترفيع في حجم التمويلات الموجهة لإجراء البحوث السريرية    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أيام في مقدونيا
نشر في الزمن التونسي يوم 04 - 02 - 2012

بعد رحلة ممتعة و متعبة من مطار محمد الخامس بمدينة الدار البيضاء المغربية مرروا بالترانزيد في استانبول إلى مطار سكوبيا الدولي المُتواجد في قلب عاصمة جمهورية مقدونيا
وجدتُني أستنشق الهواء بعمق شاعريّ و ارتخاء أنثويّ مسحورة بروعة و جمال الطبيعة
شغوفة باختراق تلك البقعة التي عرفت مزيجا من الحضارات أغنى تراثها الإنساني
هكذا اكتشفت مقدونيا جزء من بلاد البلقان ومسقط رأس الإسكندر الأكبر عاشق
الفتوحات من خلال الجولات السياحية الرائعة التي أدرجها منظمو مهرجان الشعر العالمي
(ستروغا 2009) ضمن برنامج الدورة الثامنة و الأربعين الذي شارك فيه حوالي مئة شاعر
بمختلف اللغات ومن شتّى الحساسيات الإبداعية
ثلاث مدن مقدونية : ستروغا / بيتولا / سكوبيا / كل واحدة لها طبيعتها و ملامحها الخاصة
البداية كانت في منتجع ستروغا أهم مناطق الجذب السياحي في مقدونيا و يقع في الجنوب الغربي على بحيرة أوخريد الأكثر عمقا في دول البلقان و المُصنّفة عالميّا ضمن معالم التراث الإنساني و الثقافي , على سفينة متوسطة الحجم جلنا بحيرة أوخريد الساحرة بصفاء مياهها .... ..... المُذهلة بكثافة الغابات الخضراء التي تطوّقها لا يمكن أن تجولها دون أن تأسرك بفتنتها الاستثنائية
و تُشعركَ كأنك في جنة تجري من تحتها الأنهار
مئة شاعر ينتمون إلى قارات العالم أجمع مثلوا بلادهم :
الشاعرة السورية مرام المصري , الشاعر الإيطالي غايطنو لونغو , الشاعرة الأرجنتينية تريزا بلثو كونتي , الشاعر الدانمركي نيلس هاف ,الشاعرة النيجرية جومكي فرسميو , الشاعر السار بدوري كارلوس غارسيا , الشاعرة الألمانية مونيكا رينكي , الشاعر المصري سيد جودة و الشاعرة المغربية فاطمة الزهراء بنيس و الشاعرة اليابانية نريكو مزوساكي و غيرهم من الأصوات التي تحظى بحضور قوي في المشهد الشعري العالميّ
التقوا في ستروغا التي احتضنت جلّ فعاليات المهرجان ...... لينشدوا قصائدهم بلغتهم الأم
معبّرين عن المعاناة الذاتية و الموضوعية بأسلوب كونيّ ..... متجاوزين بالشعر الحدود الجغرافية و الإيديولوجيات التي تقف عائقا أمام التلاحم الإنساني.... جاعلين من الكلمة الصادقة والعذبة جسرا للتواصل اللاّمحدود ,( فالشعر أفق كونيّ لا حدود له والشاعر بطبيعته كائن مرفرف لا يقبل أن يعيش محصورا في مكان واحد ) كما قال الرئيس المقدوني في كلمة بديعة رحّب بها بالشعراء
و النقاد المشاركين .
في اليوم الخامس من المهرجان توزّع الشعراء على مدن مقدونية أخرى فكنتُ ضمن المجموعة المسافرة نحو بيتولا الهادئة التي استقبلنا عمدتُها في مكتبه الخاص بحضور وسائل الإعلام المحلّية
و الوطنيّة و حدثتا شاعرا شاعرا عن انطباعاتنا حول المهرجان .... كما أبدى سروره العميق بالتعرف عن قرب على أصوات شعرية مختلفة الأجيال و التوجّهات الفكريّة
بعد ذلك قصدنا آثار مدينة هيراقلية التاريخية الواقعة ضواحي بيتولا
برغبة عارمة اقتحمتُ سكينتها و سرحتُ بين أسوارها و أقواسها متأمّلة صمودها في وجه الزمن
هيراقليا بمتحفها الأثري الذي يحوي منحوتات من العصور الغابرة .... بأعمدتها التي زادها القِدم رونقا و شموخا ....... بمسرحها الحجريّ ........ بأرضها المزخرفة لوحات فنيّة عادت بي إلى عصر ما قبل التاريخ ..... عصر الأساطير اليونانية حينما كان للفن و الجمال هالة مقدّسة
تمنّيت لو فعلا يعود بي الزمن إلى ذاك العصر المُضيء من تاريخ البشرية
و أخيرا حطّ بنا المطاف في سكوبيا مدينة أوربية حديثة يمتزج فيها نفس المسيحيين بالمسلمين في تعايش يبدو جميلا و لا يعكس مرارة الحرب الأهلية المُدمّرة التي عاشتها المنطقة ....
و أنا أجول شوارعها ذات صباح رفقة صديقتي الشاعرة مرام المصري تذكرت ما كانت تنقله نشرات الأخبار من مجازر و مذابح مطلع التسعينيات من القرن الماضي حيث كنت في سن يافعة و لم يخطر ببالي أبدا أنّ قدمي ستجولان هذه البلاد
في إحدى فناءاتها التاريخية (ماتكا) ..... في عتمة ليليّة مُطوّقة بالشموع اختتمت فعاليات مهرجان ستروغا 2009 الذي امتد من 19 حتى غاية 25 أغسطس بآخر أمسية شعرية كانت لغة الضاد حاضرة فيها ما لفت انتباهي في هذه التظاهرة الشعرية هو الاحترافية في التنظيم التي بدت معالمها من أول مراسلة من إدارة المهرجان حتى مغادرتنا مقدونيا
فإدراج الجولات السياحية المُنظمة بحكمة عالية ضمن البرنامج العام للمهرجان يؤكد أنّ غاية المسأولين المقدونيين ليس فقط إحياء تظاهرة شعرية و إنّما أيضا كشف و إظهار للآخرين ما تفخر
به بلادهم من مزايا و خصوصيات طبيعية قد يكون التعريف بها رواج في الحركة الاقتصادية و السياحية للبلاد
و أيضا حب المقدونيين للشعر و تقديرهم الفائق للشعراء ففي كل الأمسيات كان الجمهور غفيرا ومتنوعا يُمثل مختلف الشرائح الاجتماعية عكس ما يحدث في البلاد العربية غالبا يكون الجمهور من النخبة المُنتمية للحقل الثقافي و هذا دليل على تقدير مقدونيا للشعر حكومة و شعبا .
فاطمة الزهراء بنيس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.