بقلم: شكري بن عيسى (*) فعلا هن شهديدات الخبزة.. الكادحات العاملات.. اللاتي انقلبت بهن الحافلة في طريق بوريس-سليانة.. ذاهبات للعمل في معمل الكابل في سليانة.. وقضت ثلاث منهن واصابة 26 اغلبهن نساء.. حادثة انقلاب الحافلة صارت قرابة الساعة الخامسة والنصف.. وهن يستيقظن منذ الفجر لتجهيز انفسهن للتوجه للعمل.. نسبة أمية للمرأة في هذه الجهات تفوق 40%.. والمرأة العاملة في هذه هنالك فعلا تناضل من اجل لقمة العيش.. تناضل من أجل كرامتها وكرامة عائلتها.. كثيرات هن عاملات في الفلاحة باجر لا يتجاوز 7 دنانير في اليوم.. او في المعامل باجر زهيد لا يكفي للنقل والملبس والكسكروت.. وفي هذه الجهات المنكوبة يزداد الشقاء بطرقات لا تصلح.. واشارات مرورية مفقودة وكان لا بد انتظار تنقل وزير الصحة والداخلية لوضع العلامات.. في طريق ممنوع في الاصل على الحافلات والشاحنات.. وغير صالح اساسه منذ اعداده السنة الفارطة حسب شهادات الاهالي.. وطبعا في هذه الجهات الفساد العمومي ينخر كل المفاصل.. قبل سنة تقريبا (في جوان من سنة 2015) في نفس الولاية قطار الموت ببوعرادة حصد عشرين شخصا مع قرابة 100 جريح.. بسبب رداءة الطريق وغياب اشارات المرور.. في الوقت الذي كانت ترتفع فيه الاحتفالات في مؤتمر نداء تونس.. الفقر يزداد.. والبطالة تتفاقم.. والفساد يستشري.. والخصاصة تتصاعد.. ومئات الالاف (نعم مئات الاف حسب احصائيات رسمية بفوقون 500 ألف) لا يجدون لقمة عيش يوم في الوطن.. ولا زلنا في صراع ديكة بين سياسيينا.. وقصر اصبح خلوة يعدها صاحبها ل"تأمين" مستقبل حزبه وابنه.. وصالونات شاي بمليارات بتدشينات وزارية سامية.. وسفرات سياحية مجانية للمشاهير على حساب "تونيسار".. وعشاءات السفارات لسياسيينا بالصف كالقطيع.. بلاد بعالمين.. عالم الترف السياسي والمالي والبلاتوات والاضواء لا يهمهم سوى البروز والسلطة والنفوذ.. وعالم الشقاء وعمال المعامل والبؤساء والبطالين.. رحم الله شهيدات الخبزة.. وانا لله وانا اليه راجعون!! (*) قانوني وناشط حقوقي