بقلم / منجي باكير وضع حشّاد رحمه الله بمعيّة إخوانه من رفاق الدّرب الأسس الأولى للإتّحاد و رفع بُنيانه عاليا في الدّاخل و في المحافل الدّوليّة في وقت عزّ فيه الرّجال و في وقت كانت ضريبة النّضال غالية و غالية جدّا و هوما لحقه في نهاية المطاف ومات عليه بيد الغدر و العدوان . مات حشّاد و لكن بقيت ذكرى ارتقاءه مرجعيّةً ، مرجعيّة – لا شرقيّة و لا غربيّة – بل تونسيّة محضة تنطلق من العمْق الشعبي و حواري البلاد و إليها تعود بدون إقصاءات و لا تهميشات و كذلك بلا أدلجات مقيتة و لا ولاءات ضيّقة ، فكان الإتّحاد الذي أسّسه حشّاد الملاذ و الحصن الذي يجمع و لا يُفرّق و يجبر و لا يكسر و ينمّي و لا يعطّل و يبني و لا يهدم . هذا هو الإتّحاد الذي صاغه حشّاد رحمه الله فكان على أساس ( أحبّك يا شعب ) وكان على أساس الولاء التّام لتونس واعتبار مصلحتها شأنا لا يقبل النّقاش ولا المساومة و خصوصا على أساس النّضال – النّقابي – لفرض حقوق الطبقة الشّغيلة بالفكر و السّاعد و ردّ الإعتبار للطبقات المتوسّطة و الضّعيفة أمام تغوّل رأس المال و حيْف سياسات الحكومات و الأعراف ،،، على هذا كان العَهد و عليه وجب أن تكون استمراريّة مسار العُهدة من بعد .. غير أنّ – سفينة الإتحاد – الجامعة لم تعد كذلك و أهداف الإتحاد لم تعد ذاتها خصوصا في هذه السنوات الأخيرة ، بل انفرط – العقد – الذي صاغه حشّاد و رفقته و وقع توظيف مكانة الإتّحاد من طرف الكثير ( إلاّ من بعض الأسماء التي بقيت متحفّظة ) فاستغلّوا و أقصوا و استأثروا و اختطفوا وجهة هذا الإتّحاد و مساره لفائدة المصالح الضيّقة و الحملات الإنتخابيّة و طلب السّلطة . ليتحوّل الإتحاد من سفينة جامعة تعمل لصالح البلاد و العباد إلى– ماكينة – تعمل وفق أجندات لا استحقاقات . أصبح الإتّحاد لعبة سياسيّة تتقاذفه أيادي اليسار و بعض أدعياء و هواة السّياسة و الطامعين و المتسلّقين ليستعملوا هذه المنظّمة العتيدة و ماضيها و تاريخ مؤسّسيها و شرعيّة قيامها ،،، ليوظّفوا هذا كلّه للإستقواء و اكتساب – شرعيّة – استعملوها في غير موضعها و بعيدا جدا على أهدافها ، استعملوها ليخلقوا لهم وزنا يؤهّلهم لخوض غمار السّياسة و طلب الجاه و الكراسي و المناصب.. يبقى للمنظمة العتيدة فرصة المؤتمر القادم ليُصلح و يتصالح مع حاضنته الشعبيّة ، ليصحّح مساره حتّى يعود له بريقه و أثره و ليعود إلى الملامح التي صاغها و اختصرها فرحات حشّاد في (( أحبّك يا شعب )) بما تحويه و تتضمّنه و حتّى يبقى إسم حشّاد له معناه و دلالاته و إلاّ فإنّ مباديء الرّجل و نضالاته ستتبرّأ من كل زيغ و ستكون – إستقالته – ردّا طبيعيّا و مناسبا .