أبدع الاتحاد العام التونسي للشغل في رسم لوحة وفاء وإكبار نادرة في صدقها وتوهجها للزعيم والشهيد الخالد فرحات حشاد حبيب الشعب والأمة وذلك بمناسبة ذكراه التي جاءت هذه السنة مختلفة في كل شيء، في تفاصيلها، وفي برمجتها، وفي قدسيتها، فكان الحج الى بطحاء محمد علي يوم الاحد الماضي قياسيا وبالآلاف، عمال ونقابيون وحقوقيون وسياسيون وعاطلون عن العمل، الكل جاء يحمل دستور حبّه واحترامه وإخلاصه لحشاد، فكانت مسيرة تليق فعلا بحجم هذا البطل الرمز، مؤسس الاتحاد وباني مجده وعزته على الدوام، رمز تحمل من اجل تونس ما عجزت عن تحمله الجبال، ودوّخ المستعمر وضيّق عليه الخناق وكشف أطماعه وجشعه ووحشية جرائمه وذلك قبل ان يطلق عليه ماكينة الاتحاد من اجل عزة تونس وانعتاقها وطهارة أراضيها وكرامة مواطنيها. هذا هو فرحات حشاد، الشهيد الخالد الذي أحب الشعب فأحبته الجماهير وأقسمت باسمه وتمسكت بمبادئه عنوانا لغزة الوطن وتحرر الشغالين من قهر المستبدين الظالمين المستكرشين. نعم في مسيرة حشاد الاخيرة وهي ليست بالاخيرة، وهذه معجزة من معجزاته الجديدة توحدت كل الاطياف الحقوقية والسياسية والمدنية والمهنية فإذا بالجميع يعلن ولاءَهُ بخشوع تام لصخرة المقاومة والنضال، لروح الزعيم فرحات حشاد، واذا بالشعارات والهتافات تخرج سلسة من الحناجر لتخترق الأذن بلطف شديد وتسكن في الأفئدة، وكيف لا يسكن فينا من جوّع نفسه ليشبعنا، ونزع عنه معطفه ليغطينا، كيف لا يسكن فينا من قدم نفسه قربانا ليحزرنا ويحيينا، كيف لا يسكن فينا من خط على هذه الأرض خطابه الفلسفي الاول أحبك يا شعب، فإذا هو بلا منازع جبيبنا الاول وقائدنا الرمز وكتاب فتحناه لنتعلم ولن يغلق. إن تسارع الحشود النقابية والعمالية في القدوم الى ساحة محمد علي بتونس العاصمة يوم الاحد الماضي فيه رسالة بليغة لأعداء الاتحاد ممن راهنوا من خلال حملتهم العدائية الاخيرة المغرضة على احداث فتنة نقابية تعطل ماكينة الاتحاد، فإذا بمناضلات ومناضلي المنظمة ينتظرون يوم 5 ديسمبر بما فيه من رمزية للرد على عصابة الاعداء والتأكيد لها بأن اتحاد اسسه حشاد لن تؤثر فيه المؤامرات البنفسجية، والاتهامات الفولكلورية، والقضايا الوهمية، وان الاتحاد الذي ارادوا ان يجبروه على ارتداء جبة السياسة قد اختار طريقه ولن يتنازل عن جبة العامل والكادح والمضطهد والمقهور والمسحوق في هذه البلاد، فيكون الاتحاد العام التونسي بذلك قد احترم وصية زعيمه الخالد فرحات حشاد بصون المنظمة والدفاع عن استقلاليتها ومنع اختراقها، وهذا ما حصل اليوم وسيحصل غدا لأن ذلك هو قدر الاتحاد ان يصارع من اجل عماله وان يلعب دوره التعديلي حماية للفئات الضعيفة والمتوسطة ومنعا لاستغلال الشغالين وفرضا لكرامتهم في عالم شغلي تم افراغه من قبل عصابات امتصاص دماء العمال وعرقهم الزكي من كل مبادئ العدالة الاجتماعية، عصابات واجهتها ماكينة الاتحاد وشلّت أطماعها ومخططاتها الاستكراشية من اجل حق عمالنا بالفكر والسواعد في عيش كريم يحفظ كرامتهم ويحمي كل حقوقهم مصالحهم، وربما لهذا السبب وغيره من الاسباب نلمس اليوم كل هذا الحب والوفاء لفرحات حشاد مؤسس الاتحاد من قبل السواعد العمالية والنقابية في مختلف الجهات التونسية التي خرجت يوم 5 ديسمبر ليس فقط لاحياء ذكرى شهيدنا الخالد وانما للتأكيد لروحه الطاهرة الزكية بأن قواعد منظمتنا العتيدة هم اليوم اكثر حرصا واصرارا على صون الامانة وحماية «الشقف» من مخططات الايادي العابثة الجبانة. رحم الله شهيدنا الغالي فرحات حشاد، فقد اغتالته يد الغدر الاستعمارية ولكنه لم يمت وعاد الينا شهيدا بطلا ليعلمنا معاني الانتماء الى الأرض وكيف تحرر الاوطان وكيف نحمي ثورتنا الشعبية المجيدة.