بقلم: شكري بن عيسى (*) "بالنسبة لحركة النهضة مجلس الشورى قال أنّو يرفض مشروع القانون (المصالحة) في صيغته الحالية.. ولكن الحركة عندها جهاز تنفيذي وجهاز شورى.. واللي يتكلم باسم الحركة هو الجهاز التنفيذي.. المكتب التنفيذي وفيه ناطق رسمي.. وثمة رئيس الحركة اللي هو يتكلم باسم الحركة ويعطي موقفها.. وبالتالي وقت تتحدثوا على قرار مجلس الشورى هذا مازال خام.. ومازال l'emballage متاعها بش يقول موقف الحركة". لم يكن هذا موقف شخص في مقهى يتبادل الحديث دون اكتراث او تدقيق بالامور، بل هو موقف عماد الحمامي عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة وعلى قناة تلفزية الخميس في برنامج "التاسعة"، والامر بالفعل مثير للغرابة من ناحية المحتوى ولو انه منتظر من شخصية ما فتئت تتضخم الى حد تجاوز هياكل وانظمة حركتها، ومنتظر ايضا من شخصية صارت داخل "ابعاد" اخرى واخذها الخيلاء بانها اعلى من عديد المستوجبات. ووزير الشغل الذي لم يقم سوى باستنساخ برنامج مزالي (رحمه الله) لما قبل اكثر من ثلاثين سنة حول "تشغيل الشباب"، ويسمح لنفسه بتقديم ارقام مختلة جوهريا حول نسب التشغيل، بتصريحه لجريدة الشروق في حوار منشور عى موقها الالكتروني بتاريخ 21 مارس المنقضي بانه سيقع التقليص في نسبة البطالة نهاية السنة الى 12% (!!!!!)، وما يعنيه من تشغيل قرابة 180 ألف في 2017(!!!!)، والذي تطاول في اساءة استهجنها الجميع واستنكرها كل النهضويين على شهيد العروبة والقدس محمد الزواري، هذا الوزير متورم الشخصية (سياسيا) منتظر منه ان يتطاول ايضا على مؤسسات حركته وعلى راسها مجلس الشورى. والامر كان واضحا فالحمامي الناطق الرسمي الأول للحركة، المعفى (ضمنيا) من النطق باسمها بعد تعيين عماد الخميري في مارس المنقضي ناطقا رسميا للحركة، استهان بل كان في اسلوبه ازدراء لبيان مجلس شورى حركته، الصادر بتاريخ 1 ماي الحالي والممضى باسم رئيس مجلس الشورى عبد الكريم الهاروني والمنشور على الموقع الرسمي للحركة، ودخل على خط التلبيسات المقصودة والمغالطات الصريحة، بادعاء ان الحركة لها "جهاز تنفيذي" و"جهاز شوري"، وان من "يتكلم باسم الحركة هو الجهاز التنفيذي"، وان "المكتب التنفيذي فيه ناطق رسمي" واضاف ان "رئيس الحركة هو من يتكلم باسم الحركة ويعطي موقفها". وذلك لالقاء اللبس والغموض والتعتيم على موقف مجلس الشورى الواضح، مضيفا بان "قرار مجلس الشورى هذا مازال خام"، معتبرا انه سيلبس "كساء" ربما سيصنعه له سيادته، وبأن الحركة ستقول موقفا قال انه "مازال" لم يصدر بعد، والامر بالفعل مثير للدهشة بالنظر للنظام الاساسي للحركة (وليس للشخص كما اسلفنا القول)، فالنظام الاساسي واضح في صلاحيات وسلطات كل من مؤسسة الشورى ومؤسسة التنفيذي ومؤسسة الرئاسة، واذ حدد الفصل 35 صلاحيات المكتب التنفيذي ب"تنفيذ قرارات المؤتمر العام و مجلس الشورى"، واعطى الفصل 32 لرئيس الحركة سلطة "تنفيذ سياسات الحزب ومقرراته"، فان الفصل 29 حسم امر سلطات الشورى الواسعة بمنحه "ضبط السياسات الكبرى وتحديد التوجهات العامة للحزب"، وزاد الفصل 21 الحسم عند تنازع السلطات باعتبار أن "مجلس الشورى هو أعلى سلطة بين مؤتمرين". والحمامي طبعا مع بطانة الغنوشي الذين وجدوا انفسهم اقلية مسحوقة للخضوع لاملاءات القصر في خصوص مشروع قانون "المصالحة"، بحث (عبثا) عن تتفيه قرار الشورى "السيادي" والذي لا يحتمل لا "الاكساء" ولا "التغليف" ولا "الاخراج"، وقد تم التعبير عنه عبر بيان رسمي وعبر رئيس مجلس الشورى الذي تنقل بين كل القنوات والاذاعات مفصّلا في الامر، ب[عدم قبول "مشروع القانون الاساسي المتعلق بإجراءات خاصة بالمصالحة في المجال الاقتصادي والمالي" في صيغته الحالية،والدعوة الى ادخال تعديلات جوهرية عليه ليكون منسجما مع احكام الدستور ومنظومة العدالة الانتقالية]، ولم يكلف الحمامي ذو الشخصية المتطاولة نفسه بتبني موقف اغلبية اعضاء شورى حركته، مشكّكا بطريقة ماكرة في المجلس الذي تبنى ما يخالف موقفه. النظام الاساسي صريح وواضح لحزب حركة النهضة واضح، ولا يوجد ما أصرّ عليه الحمامي وما اراد "تزليقه" من أن من يتكلم باسم الحركة هو "الجهاز التنفيذي" أو "رئيس الحركة" أو حكاية "الخام" و"المغلّف"، وزيادة فصلاحيات هذين المؤسستين محدودتين أمام مؤسسة الشورى، بل انهما بصريح النص النظامي ملزمتين بقرارات وسياسات الشورى التي تعتبر "الاعلى سلطة بين مؤتمرين"، ولا نظن الحقيقة أن هذه الاساليب التي ترفض الديمقراطية وراي وقرار الاغلبية داخل حركة ترفع شعار الشفافية والديمقراطية وترفع شعار الالتزام بانظمتها الاساسية ومؤسساتها القانونية يبشر بخير ويعطي رسالة ايجابية، وبتنا اليوم نتدخرج الى مربعات "الانقلابات" و"الانحرافات" من موقع "الاستقواء"، ولكن هذه المرة مشروع قانون "المصالحة" اصبح يهدد النهضة في مستقبلها، والقضية بالنسبة لها وجودية ولن تقبل على الاغلب والمنتظر اساليب الحمامي او غيره من المتذيلين للقصر!! (*) قانوني وناشط حقوقي