- تولى يوم الجمعة بمقر منظمة العمل الدولية بجنيف، كل من وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي ورئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وداد بوشماوي والمدير العام لمنظمة العمل الدولية قي ريدر، التوقيع على مذكرة اتفاق حول "برنامج العمل اللائق لتونس للفترة 2017 - 2022" تحت عنوان "العقد الاجتماعي: مثال متطور (مستجد) لبرنامج العمل اللائق لكل بلد الخاص بتونس''. واتفقت الأطراف المعنية بهذه الوثيقة على ضبط جملة من الأولويات، تشمل بالخصوص النمو الاقتصادي والتنمية الجهوية، والتشغيل والتكوين المهني وتتعلق بوضع منوال جديد للعلاقات المهنية و العمل اللائق وإصلاح شامل للحماية الاجتماعية بتونس فضلا عن مأسسة الحوار الاجتماعي. وأوضح وزير الشؤون الاجتماعية، محمد الطرابلسي، في كلمة ألقاها خلال موكب التوقيع، بالخصوص، أن مذكرة الاتفاق حول برنامج العمل اللائق تشكل خطوة هامة على درب إنجاح الانتقال الديمقراطي في تونس، وبناء الديمقراطية الاجتماعية، وإرساء مناخ اجتماعي ملائم للاستثمار وللنمو الاقتصادي، مع ضمان الوئام الاجتماعي بين مختلف الشركاء الاجتماعيين. وبين الوزير أن تونس، ورغم النجاحات التي حققتها على المستوى السياسي، وفي ما يتعلق بإرساء المؤسسات الدستورية، إلا أنها لا تزال تواجه تحديات كبيرة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، من بينها، خصوصا، ارتفاع نسبة البطالة في صفوف حاملي الشهادت العليا، والعجز الذي تشكو منه الصناديق الاجتماعية، وضعف نسب النمو، والتفاوت بين الجهات، وتوسع التجارة الموازية. وقال إن الاتفاق حول برنامج العمل اللائق سيشكل الاطار الذي سيتم ضمنه رسم التوجهات الكفيلة بمواجهة كل هذه التحديات، في إطار من التوافق الثلاثي، وذلك من خلال وضع الاصلاحات الضرورية الكفيلة بإرساء منوال تنموي اقتصادي واجتماعي جديد ودامج ومستديم ، يساعد على خلق مواطن الشغل، وعلى القضاء على الفقر، ويمكن من النهوض بالعمل اللائق، ومن مأسسة الحوار الاجتماعي. ومن جهته، بين الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي في كلمة بالمناسبة ان "وثيقة برنامج العمل اللائق لتونس" في صياغاتها النهائية، في تطابق تامّ مع مبادرة منظمة العمل الدولية لسنة 2004 الخاصة ببرنامج النهوض بالعمل اللائق لكل بلد، معتبرا ان التوقيع على هذه الوثيقة يجدد حرص تونس على الانتساب إلى المجموعة الدولية وانخراطها في منظومة القيم الكونية والتي تمثل معايير العمل الدولية أحد ركائزها الأساسية. وثمن اختيار العمل اللائق موضوعا لتفعيل العقد الاجتماعي، مؤكدا الاستعداد للانخراط في المجهود العام الرامي إلى النهوض به والترويج له داخل المؤسسة التونسية وفي صفوف القواعد العمالية. وأعرب عن الأمل في أن يكون احتفال اليوم بالتوقيع على وثيقة برنامج العمل اللائق لتونس منطلقا لمباشرة مرحلة جديدة من الانتقال الديمقراطي، بعد تجربة الحوار الوطني التي أثمرت دستورا جديدا ومجلسا نيابيّا وهيئات دستورية مكرّسة للتعدّدية والتنوّع ولمبدأ التناصف. وأبرز الرعاية والدعم المستمرّ لتجربة الحوار الاجتماعي الثلاثي في تونس من لدن منظمة العمل الدولية والكونفدرالية الدولية للنقابات والمجتمع الدولي بمختلف مكوناته، مؤكدا ان هذه الرعاية مكنت الأطراف الاجتماعية الثلاثة من إعادة صياغة شروط التنمية وفق مقاربة حقوقية دامجة للأبعاد الاجتماعية والبيئية في شكل عقد اجتماعي جديد وقّع تحت قبّة المجلس التأسيسي يوم 14 جانفي 2013 وحددت بموجبه أولويّات الحوار الاجتماعي في المستقبل. وذكر بمصادقة مجلس نوّاب الشعب منذ أيّام على قانون احداث المجلس الوطني للحوار الاجتماعي أحد البنود الرئيسية المعروضة ضمن الأولويات الخمس التي تم الاجماع عليها للنهوض بالحوار الاجتماعي في تونس لافتا الى ضرورة تمكينه من كلّ ما يستحقّه من إمكانيّات مالية ولوجستيّة وبشرية حتى يدخل طور العمل لمباشرة مهامه. ومن جانبها، أبرزت رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، وداد بوشماوي، في كلمتها ان التوقيع على برنامج تونس حول العمل اللائق وفق نموذج منظمة العمل الدولية، يكتسي أهمية بالغة بالنسبة لأصحاب المؤسسات باعتباره ترجمة للتوافقات حول مواضيع التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي أسسها العقد الاجتماعي التونسي. وأوضحت ان إمضاء العقد الاجتماعي يوم 14 جانفي 2013 في مقر مجلس نواب الشعب بحضور المدير العام لمكتب العمل الدولي، يعكس وقوف منظمة العمل الدولية إلى جانب الشركاء الاجتماعيين الثلاثة، مذكرة بان هذا العقد الاجتماعي مثل أحد أهم دعائم عملية الانتقال الديمقراطي في تونس، وتضمن جملة من الرسائل من أهمها رسالة إلى الشباب التونسي خاصة في المناطق المحرومة المتطلعين لواقع أفضل يحسن من حالتهم المعيشية، ورسالة إلى أصحاب العمل والأجراء الباحثين عن مناخ من السلم الاجتماعية، ورسالة ثالثة إلى أشقاء تونس وأصدقائها والمتعاونين معها بالخارج. وقالت رئيسة الاتحاد إن "دور الشركاء الاجتماعيين في تونس أشمل من الدفاع عن مصالح منظوريهم والاكتفاء بالمطلبية وفض النزاعات وإنه أتسع الى أمهات القضايا في مجالات التوافق والتصالح لتحقيق الاستقرار السياسي واحتواء الأزمات الجهوية والتسويق لصورة أفضل عن المناخ العام للبلاد الذي يظل هادئا في المجمل بالنظر لحجم الرهانات في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية وكذلك تداعيات الوضع الاقليمي"، مضيفة قولها إن "الشركاء الاجتماعيين عازمون على مواصلة هذا المسار الثلاثي حتى يكون الحوار الاجتماعي المدخل الأساسي والمحرك لكل مجالات الحوار الوطني المتعلقة بالتنمية والاستقرار والسلم والديمقراطية". وذكرت رئيسة الاتحاد بالتوفق منذ أسبوع في إقرار القانون المنظم لإحداث المجلس الوطني للحوار الاجتماعي، الذي يشكل مؤسسة دائمة لتنظيم الحوار الاجتماعي ومؤطرة للمشاورات والمحادثات بين الشركاء الاجتماعيين في المجالات ذات العلاقة بالميادين الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وبأهم القضايا المجتمعية التي تشغل بال الشركاء الثلاثة وبالتعاون مع السلطتين التشريعية والتنفيذية، لافتة الى ان إمضاء برنامج العمل اللائق اليوم يتزامن مع انطلاق المرحلة الثالثة من مشروع دعم الحوار الاجتماعي وحوكمة سوق العمل. وتجدر الإشارة ان حفل استقبال أقيم في أعقاب موكب التوقيع على "وثيقة العمل اللائق لتونس"، حضره أعضاء الوفد الثلاثي التونسي وإطارات سفارة تونس في جينيف وعديد الضيوف ممن واكبوا هذا الحدث ومن بينهم سفراء عدة دول شقيقة وصديقة ومسؤولون سامون بالمنظمات الدولية العاملة بجينيف.