نصرالدين السويلمي صور معبرة تلك التي التقطتها عدسة المصور لزعيم حركة النهضة وهو بصدد محادثة مع احد الضيوف على هامش اليوم الوطني الاسباني بمقر السفارة بتونس، والى جانب الرجلين يقف المدير التنفيذي لحركة نداء تونس حافظ قائد السبسي في طمأنينة ، صورة يبدو فيها السبسي الصغير في حالة انسجام تام مع الشيخ راشد الغنوشي ، وتبدو ملامح حافظ ابعد ما يكون عن المجاملة التي تفرضها بروتوكولات التوافق ، تلوح ابتسامة غارقة في السرور مشبعة بالرضا ، والعالم بخلفيات الاحداث والملم بتقاسيم الوجوه وتعابيرها يدرك ان الامر قد انتهى .. وان الغنوشي سيدخل بثقله للحيلولة دون قرار شوري يوصي او يأمر بدخول النهضة في رهان جدي حول مقعد المانيا الشاغر ، توحي تقاسيم السبسي الصغير بان ربي "خلص وحلو" وانه تجاوز مرحلة العسرى الاولى في انتظار ما سيسفر عنه التدافع الذي يدور في كواليس جاليتنا بألمانيا وبين المرشحين الذين تركوا منافس الثورة ينعم بالراحة والاستجمام ونشبوا في بعض جسدهم ، والغريب ان كل او جل المترشحين يُحسبون على ملحمة سبعطاش ، غير أن ذلك التاريخ المجيد وتلك الدماء لم ترتقي بهم عن الصغائر وتدفعهم للاهتمام بحقيقة المعركة " ها العدو في خدورهم والقوم يتدافعون حول رباط الخيل ، بينما السيوف في اغمادها" ! تبا ماذا تفعلون بالخيل في لحظات الالتحام جسد لجسد ! تؤكد المنهجية النهضاوية على تجنب الاشتباك مع النداء شريكها الاول على الورق وشريكها الافتراضي في تقاسم السلطة ، من هنا تصبح كل طرق التوافق تؤدي حتما الى تجنب الخصومات الانتخابية الحادة والتي من شانها تعكير صفو الاستراتيجية التي اقرتها مؤسسات الحركة ، و من المستبعد جدا أن يترك الغنوشي حزبه ليخوض غمار مواجهة ثنائية مع النداء ، بحكم ان الساحة الالمانية ثنائية الاستقطاب وذلك ما افصحت عنه كل المحطات الانتخابية السابقة واكدته النِسب ، وبحكم ان زعيم النهضة يصر على أن التوافق هو الباب الذي يحول دون تونس والفوضى العارمة . كل المؤشرات تؤكد انه لم يبقى أمام الجالية التونسية بألمانيا الا الجالية التونسية بألمانيا ! لا احد بإمكانه الارتقاء الى مستوى المواجهة الندية والجدية غير الجالية ووعي نخبها ورغبة طليعتها في خوض معركة الاقتدار وليس معركة الانحدار حيث تسكر النرجسية وترقص على وقع الطبل البلدي و حيث يصر المترشح على فرض نفسه ويغالب من اجل الانتصار على مثله ، ويقيس النصر بدحر بعضه وليس بدحر خصمه ،!!! ولا جدال في انه اذا تواصل التشتت والتراشق بين المترشحين فان السباق سينحرف عن اروقته الطبيعية ، ويصبح التنافس على من يجني النسب الاكبر من بين مرشحي الثورة ومن يهرسل المرشح المشابه ، ولا دخل للجميع بالرهان على المقعد الشاغر ، فذلك شان مرشح السلطة ! يقول لسان حال الإخوة الاعداء . احتشدوا ، انتصروا لأنفسكم بأنفسكم ، فلا احسب انه ضمن الاستراتيجية العميقة والمعقدة للنهضة ما يسمح بلحظة حنين ثوري خال من الحسابات ، لن يتبرع هذا الجرم الميكانيكي المبرمج بحذر شديد بلحظة عاطفية يُفَاصل فيها بين الثوار والازلام ، فالنهضة عودت الساحة على التعنت والتصلب حين يتعلق الامر برغبة شعبية تمس من هيبة الذات الاستراتيجية ، حركة لا تعرف الشفقة حين يخاتلها البعض على تلك المقاربة الشاملة.. يقول الناس أن النهضة منشغلة عن الكثير من الاحداث التي تدور في محيطها وفي رحمها ، لأنها شيّعت بصرها هناك بعيدا ، تراقب بدقة تحركات ذئب ابو ظبي الشرس.