بقلم الاستاذ بولبابه سالم حصلت المفاجاة و انتصر ياسين العياري على مرشح نداء تونس بفارق عشرين صوتا ، من كان يتصور ان مرشح النداء الذي فسحت له النهضة الطريق في اطار سياسة التوافق سيهزم عندما اعلنت عدم ترشحها للمنصب رغم قدرتها على الفوز به بسبب ثقلها الانتخابي هناك . الدرس الاول من فوز المرشح الشاب ياسين العياري هو عدم ثقة الكثير من التونسيين في الاحزاب السياسية التقليدية و اعتراضهم على اسلوبهم في الحكم او المعارضة بعد ان اتعبوا الناس بالقضايا الثانوية و الهامشية و حادوا عن مشاغل الشعب التي اوقدت الثورة ضد نظام الاستبداد . و من رمزيات فوز العياري مثلا انه حصل في ذكرى اندلاع شرارة الثورة يوم 17 ديسمبر 2010 . الدرس الثاني هو سقوط اعلام البروباغندا و الدعاية السوداء و استطلاعات الرأي مدفوعة الأجر لذلك نتفهم ردود الفعل المتشنجة لهؤلاء بعد الاعلان عن النتائج و هزيمة مرشح حزب نداء تونس لانهم يشعرون انهم ساهموا في تلك الهزيمة بخطابهم البائس و المفضوح فانبروا يشنون حملة شعواء ضد الفائز و شريكهم في التوافق حركة النهضة . لكن عقلاء النداء و قياداته المتنفذة ادركوا جيدا ان ذراعهم الاعلامي فقد صلوحيته و صار مستهلكا و مصدرا للتندر بين التونسيين و ان الماكينة الاعلامية لسنة 2014 اصابها الصدا و لابد من تغييرها بوجوه لها قبول و مصداقية عند الناس ، وهو امر لا يخفى عن تلك الابواق الماجورة التي ستواصل النباح هذا الاسبوع ليس دفاعا عن حزب نداء تونس بل دفاعا عن مواقعها . الدرس الثالث الذي ستبدا قيادات نداء تونس الحقيقية التفكير فيه هو ضرورة تغيير الحرس القديم للحزب الذي يتحمل مسؤولية الهزيمة لان ماكينة التجمع القديمة في المانيا و الخارج عموما فشلت رغم انسحاب المنافس الجدي وهو حركة النهضة و نسبة المشاركة دليل على ذلك حيث لم تتجاوز 5،3 بالمائة و بالتالي فقد انفقت اموالا طائلة دون نتيجة و لا تحفيز للتونسيين على القدوم الى صناديق الاقتراع ، هذا الامر سيعجل بالدعوة الى انعقاد مؤتمر الحزب في اقرب وقت للمحاسبة و تحديد المسؤوليات . كانت نتيجة الانتخابات الجزئية في المانيا صدمة للطبقة السياسية التقليدية المطالبة بمراجعة اساليبها في العمل السياسي ، قد يكون التصويت ضربا للتوافق بين النهضة و النداء كما يثبت مرة اخرى ان المال وحده الذي تدفق على المدن الالمانية لا يصنع الانتصارات. فوز ياسين العياري قد يجعل اجراء الانتخابات البلدية بعيد المنال ، و بالتالي نتفهم سبب اصرارهم على تاجيلها اكثر من مرة . كاتب و محلل سياسي