- طارق عمراني - في ملفها "تونس إلی أين ؟" Tunisie, où vas-tu ? تناولت صحيفة لوموند في جزء أول حمل عنوان Le consensus politique tunisien, étouffoir des idéaux de la révolution de jasmin كواليس لقاء البريستول والمعروف اعلاميا في تونس بلقاء باريس أو لقاء الشيخين الذي جمع الباجي قايد السبسي براشد الغنوشي في صيف 2013 الساخن حيث تساءلت الصحيفة عمّا اذا كان التوافق ثمنا لمنع احتراب اهلي وشيك في تونس،معتبرة ان الاخير كان عملية انقاذ برعاية امريكية المانية ساهمت في رأب صدع كبير بين معسكرين مختلفين تمام الاختلاف منذ الثورة وكان جلوسهم علی طاولة واحدة محض احلام، من جهة الاسلام السياسي ممثلا في حركة النهضة وحلفائها ومن جهة اخری نداء تونس الذي تدور في فلكه كل الحساسيات السياسية من اليسار وانصار النظام السابق وماجمعهم هو محاولة التصدي للمشروع الاسلامي . وأشارت اليومية الفرنسية إلی الظروف العصيبة التي مرت بها تونس سنة 2013 بعد اغتيال كل من شكري بلعيد القيادي اليساري المعروف في فيفري تلاه اغتيال ثان في شهر جويلية استهدف القيادي القومي محمد البراهمي وما رافق ذلك من احتجاجات عارمة طالبت برحيل حركة النهضة من الحكم وتحميلها مسؤولية ارتفاع وتيرة العنف الديني ثم تحدث المقال عن اللقاء الذي جمع الباجي قايد السبسي زعيم نداء تونس وراشد الغنوشي رئيس حركة النهضة في جناح بفندق البريستول في باريس يوم 14 اوت 2013 حيث اتفقا علی الخطوط العريضة ومن بينها تشكيل حكومة ائتلافية بعد الانتخابات المزمع اجراؤها في سنة 2014 وهو ما حصل فعلا بعد فوز حزب قايد السبسي الذي مد يده للإسلاميين بعد ان كانوا خصومه لسنوات ولازالت تونس إلی اليوم محكومة بذلك التوافق الذي جنب تونس ويلات الفوضی لكنه في عمقه يكرّس الإستقطاب بين النخب ويفتقد الی الشفافية . وربطت لوموند في مقالها بين لقاء البريستول والانقلاب المصري الذي اطاح بالرئيس الاخواني محمد مرسي قبل شهر من لقاء باريس وبالتحديد في 3 جويلية 2013 وهو ما مثل حسب تعبير كاتب المقال صدمة لإسلاميي تونس وأحيا فيهم هواجس الخوف من القمع بذكريات التسعينات المريرة ذكريات التهجير والنفي والاعتقال والسجن والتعذيب ، ذاكرة الاستئصال التي مازالت تراود الإسلاميين وأضاف الكاتب " ولا يمكننا فهم لقاء البريستول الا علی ضوئها حيث اعترف لنا قيادي في النهضة طلب منّا عدم نشر إسمه "نعم لعب الخوف الوجودي دورا كبيرا في ذلك وقد كان ذلك توجّها من القيادة اكثر منهم من القواعد التي بدأت تقتنع بهذا التوجه البراغماتي". ثم تساءل كاتب المقال عن محتوی هذا الاتفاق الشهير مرجّحا ان يكون شفويا وليس مكتوبا وبناء علی الاحداث الذي عاشتها تونس بعده يمكن ان نلخصه في دعم حركة النهضة للباجي قايد السبسي لإعتلاء سدة الحكم كرئيس للجمهورية هذا اولا وثانيا هو حماية الباجي قايد السبسي للنهضة من صقور معسكره بتحييدهم واضعافهم ودفعهم للخروج من حركة نداء تونس، وقد تمت الخطوة الاولی بتخلي النهضة الضلع الاقوی في حكومة الترويكا عن قانون العزل السياسي لرموز النظام السابق وتخلّيها عن مادة في الدستور تحدد سن الترشح للإنتخابات الرئاسية ،وبالتالي يصبح بإمكان السبسي الشيخ التسعيني ورئيس برلمان بن علي ووزير بورقيبة ان يترشح للسباق الانتخابي سنة 2014 ثم يفوز بعد صفقة واضحة مع النهضة . أما الخطوة الثانية فتمثلت بقبول النهضة بتمثيلية ضعيفة في حكومة الحبيب الصيد سنة 2015 وذلك كخيار للإبتعاد عن الاضواء في واقع اقليمي انتصرت فيه الثورات المضادة في ليبيا ومصر وسوريا ، وقد ساهم الانسجام التام لحركة النهضة مع المجريات إلی انشقاق حاد داخل حركة النداء وحملة انسلاخات أدت إلی تحول النهضة إلی اول كتلة برلمانية في المجلس النيابي .