مرتجى محجوب كما كتبت سابقا, فان الثنائية التي تحدد خيارات و توجهات حركة النهضة الاسلامية ,هما من ناحية عقدة الخوف و الارتياب تجاه الاخر و من ناحية اخرى رغبتها الجامحة في التمكن من مفاصل الدولة لحين موعد فرض رؤيتها و قناعاتها العميقة للدولة والحريات و الديموقراطية اقتداءا بالدكتاتور اردوغان ,بعيدا عما نلاحظه منذ فترة زمنية ,من شتى انواع التقية و البرغماتية و التنازلات الداخلية و الخارجية . كنت شخصيا متفائلا الى حد ما في ما يتعلق بتحول الحركة الاسلامية لحركة سياسية مدنية ,تتنافس مع بقية الاحزاب السياسية بكل نزاهة و تكافئ فرص و مسؤولية ,لكن خيبة املي كانت كبيرة و خصوصا ,اثر الانتخابات البلدية الاخيرة ,ثم ابتزازها لرئيس حكومة منتهي الصلوحية و اقالة وزير داخلية في ظرف حساس , دون مبررات معقولة و لا منطقية, و اخيرا و ليس اخرا محاولة تعيين وزير داخلية جديد ليس بعيدا كما يدعي من عينه عن التجاذبات السياسية و لا تتوفر فيه الشروط الضرورية من اجل ارساء دعائم الامن الجمهوري و تحييد المؤسسة الامنية عن الصراعات الحزبية و السياسية . ان كانت الحركة الاسلامية قد نجحت في شيء ما لحد الان, فهو من دون ادنى شك, مزيد تكريس عزلتها السياسية و الشعبية ,سوى عن اتباعها المؤدلجين, و هو ما يطرح حاضرا و مستقبلا كيفية الحكم بطريقة ائتلافية او توافقية حقيقية في ظل نظام سياسي و انتخابي حالي, لا يكون معطلا للعملية السياسية ,الا في حالة النجاح في تطبيع الحياة السياسية ,عبر فصل الدين عن السياسة و الذي لا زالت الحركة الاسلامية بسبب خوفها من فقدان قواعدها حديثي العهد بالمفاهيم و النظريات السياسية و الاقتصادية العلمية و العصرية او بسبب ضغوطات خارجية, مترددة في المضي فيه . ان المطروح اليوم, لم يعد متعلقا بمسالة نهضاوية داخلية ,بل بمصير وطن لم يعد يتحمل الابقاء على العراقيل المكبلة لوحدة وطنية حقيقية على مستوى الحكم, لا تلغي في نفس الوقت ,الخصوصيات الحزبية, لانقاذ ما يمكن انقاذه من انهيار اقتصادي و اجتماعي و الخروج من ازمة سياسية خانقة تكاد تعصف بما تحقق من مكاسب سياسية و ديموقراطية . اما اذا كانت الحركة الاسلامية مصرة على مواصلة توظيف الدين في السياسة,فلم يبقى من مخرج للوطن , سوى المبادرة بتغيير النظام السياسي او القانون الانتخابي ,عل الصناديق تفرز لنا في المرة القادمة اغلبية واضحة و جلية ,قادرة على الحكم و تتحمل في ذلك كامل المسؤولية . و في حال رفضت الحركة الاسلامية كذلك تغيير النظام السياسي او الانتخابي الحالي, فتكون بلا لبس ,المسؤولة الاولى عما ستؤول اليه الاوضاع المستقبلية من انسداد و تعطل و جمود ,علاوة على مسؤوليتها في الازمة السياسية الحالية و عن حصيلة سنوات ترؤسها للسلطة التنفيذية منذ 2011 ليوم الناس هذا . في انتظار ذلك لا ارى بديلا للحكومة الحالية سوى حكومة مصغرة من الكفاءات الوطنية يتم التوافق بشانها في اسرع وقت ممكن من طرف القوى الوطنية . تحيا تونس اولا و اخيرا المجد للشهداء و الخزي و العار للخونة و العملاء ناشط سياسي مستقل