مرتجى محجوب من المؤكد ان القضاء هو الجهة الوحيدة المخولة بالبت في ملف اغتيال صالح بن يوسف و ما دور هيئة الحقيقة و الكرامة سوى جمع الادلة و المعطيات من جهات متعددة من اجل المساهمة و لو جزئيا في إثارة الملف و رفع ما رافقه من تعتيم و غموض على مر السنين . في هذا الإطار ، اتسائل بكل غرابة عن سر ردود الفعل المتشنجة لبعض من يعتبرون انفسهم بورقيبيين حتى قبل ان يحسم القضاء في المسالة برمتها ! هل ان الحبيب بورقيبة مقدس و منزه لدرجة استحالة ارتكابه لأخطاء و تجاوزات طيلة فترة حكمه و التي اتسمت بالخصوص بنزعة فردانية و نرجسية طاغية . أن الاغتيالات السياسية و خصوصاً في الفترات الانتقالية بعد التخلص من الاستعمار المباشر أو عقب الثورات باشكالها المختلفة ، لهي ممارسة رائجة ليس فقط في تونس بل في كل بلدان العالم و على مر التاريخ القديم و الحديث و في المستقبل . فلنفترض تاكيد القضاء لتورط بورقيبة في اغتيال بن يوسف ! هل سيتخلى البورقيبيون عن بورقيبيتهم و هل سيعود بن يوسف و التاريخ الى الوراء ! ابدا ، بل هو نجاح وطن في تعرية جراحه و تنظيفها في العمق مع تلقيح و التزام مستقبلي بعدم تكرار الأمر مهما كانت الظروف و الضغوطات . هو في الحقيقة ، نجاح جماعي يتطلب هدوءا و حكمة و خصوصاً تحييد لمن يتخذون من الأمر مطية للمزايدة و التوظيف السياسوي الرخيص و نحن مقبلون على سنة انتخابية مفتوحة على كل الاحتمالات . ليس الدفاع عن بورقيبة في نصرته ظالما أو مظلوما كما ليس الانتصار لصالح بن يوسف في توريط الحبيب بورقيبة مهما كان الثمن و لنترك للجهات المخولة و المعنية مهمة التكفل بالموضوع بكل استقلالية و حياد . كما لا نغفل ما تقتضيه في بعض الاوقات ،السياسة و المصلحة العليا للاوطان من افعال قد تصدم البعض و لكنها ربما تكون ضرورية و حاسمة و مصيرية . ناشط سياسي مستقل