تونس (وات) قال رئيس الجمهورية المؤقت، محمد المنصف المرزوقي إن "وحدة وطنية حقيقية لا تكون قابلة للاستمرار" اذا ما بنيت على "سوء الفهم" وعلى "الاقصاء" و"توارث الاحقاد والضغائن"، مقدما باسم الدولة التونسية الاعتذار عما نال أي تونسي من ظلم أو اضطهاد، من أجل افكاره ومعتقداته، "منذ التاريخ الذي بدأ فيه بناء دولة الاستقلال الى اليوم". وأوضح المرزوقي في كلمة له لدى إشرافه صباح الثلاثاء بقصر قرطاج على موكب رسمي بمناسبة الاحتفال بذكرى الاستقلال يقول "لقد شهد هذا اليوم منذ ستة وخمسين عاما تفجر الفرح في قلوب بعض التونسيين في حين عاش اخرون مأتما والحال انهم لم يكونوا أقل وطنية.." وذلك في إشارة إلى أنصار الحركة اليوسفية. ولاحظ أن الطرفين (البورقيبيون واليوسفيون) "كانا يحبان تونس بنفس القوة ويريدان عزة الوطن ورفعته بنفس الحماس إلا انهما اختلفا في سبل الوصول لنفس الغاية فكان ما كان من صراع مرير ودام انتهى بالتخوين والاضطهاد الذي اتخذ ابشع الاشكال واكثرها ظلما". وأضاف رئيس الجمهورية "لقد حان وقت مصالحتنا مع أنفسنا، مع تاريخنا، مع اللحظة التأسيسية لهذه الدولة المستقلة. فاليوم لم يعد هناك من مبرر لبقاء تبعات المظلمة التي وقعت في حق اليوسفيين، كما لم يعد هناك مبرر لشيطنة البورقيبيين". وتابع موضحا "عندما نتحدث عن بورقيبيين فاننا لا نقصد المتاجرين بتاريخ الزعيم بورقيبة بل أولئك الذين يعتقدون عن حق انهم ورثة قيم الرجل في الوطنية والتحديث". وقال المرزوقي في جانب آخر من كلمته "طيلة عقود عدة كانت الدولة تنظم احتفالاتها بالاستقلال، لكن الذكرى بالنسبة الى معظم التونسيين لم تكن الا مناسبة لقيس البون الشاسع بين ما أرادوه وما حصلوا عليه..". وبين أن التونسيين "أرادوا استقلالا يحررهم من القهر فاكتشفوا بالتدريج ان القهر ليس بالضرورة وفقط منتجا مستوردا من وراء البحار... وأرادوا استقلالا يدفع بهم الى عصر الحرية، فاذا بهم يجدون ان حكم الباطل لا يحتاج ضرورة الى جنود اجانب..". وأكد منصف المرزوقي أنه لا مجال لتحقيق الاستقلال الحقيقي "إلا في ظل وحدة وطنية" تنأى بالتونسيين عما أسماه "الصراعات الثانوية والتافهة" من قبيل "المحاولتين الاجراميتين" المتمثلتين في إنزال العلم الوطني وتدنيس المصحف الشريف، وهما محاولتان تهدفان حسب قوله إلى "إثارة الفتنة والبغضاء بين أبناء الوطن الواحد". وثمن رئيس الجمهورية "هبة" التونسيين دفاعا عن العلم الوطني وعن المصحف الشريف مضيفا أن الشعب التونسي مطالب اليوم اكثر من اي وقت مضى "باليقظة والصلابة في اطار القانون" سيما إزاء "المتطرفين من كل حدب وصوب" الذين يرفضون "إما تجذر الشعب في هويته العربية الاسلامية" أو يرفضون "حق التونسيين في حداثة ليست تبعية" يتم بها استكمال قيم حقوق الانسان وعلى رأسها حقوق المراة وتوطين آليات الديمقراطية في الدولة وترسيخ القيم الديمقراطية في المجتمع. وأضاف "إن كان هناك درس يجب ان نتعلمه من تجارب نصف القرن المنصرم فهو ان الوطن لا يبنى من لون واحد ومادة واحدة... ان مجتمعنا تعددي بطبعه... ان علينا الاعتراف بهذه التعددية وتثمينها لانها دليل على الثراء لا على التفرقة..". وتميز موكب احياء الذكرى 56 للاستقلال بتكريم عائلات الشهداء من اليوسفيين وفي مقدمتهم ارملة الزعيم الراحل صالح بن يوسف الى جانب عائلة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة.