حياة بن يادم استقالة الحبيب خضر رئيس ديوان رئيس مجلس النواب ليست استقالة عادية، هي استقالة أتت بعد أحداث ساخنة شهدها مجلس نواب الشعب و أتت بعد موقعة عرفة. و بعد الموقعة ليس كما قبلها، على الرغم و أن رئيس مجلس النواب اعتبر جلسة سحب الثقة الموافق ليوم عرفة هي انتصار للانتقال الديمقراطي و فرصة لتجديد الثقة في شخصه. لكن الغنوشي، "داهية السياسة"، التقط الرسالة جيدا، حيث الرقم 97 هو عدد النواب الذين أرادو سحب الثقة منه، رقم ليس بالهين، و عليه العمل على تفكيكه لأن من ضمنهم من اعتبروا تصويتهم لسحب الثقة مرده سلوك رئيس ديوانه. و بما أن الغنوشي هدفه نجاح الانتقال الديمقراطي مهما كلفه الأمر، فإنه يعلم جيدا أن إكمال الدورة النيابية في آجالها القانونية دون الاضطرار إلى سكة حلّ البرلمان يعتبر دق الاسفين في الثورة المضادة. فإن استقالة او إقالة الحبيب خضر عبارة على سحب البساط ممن يتعللون بتجاوزاته على الرغم و ان المحكمة الإدارة انصفته و هي كذلك رسالة مفادها تهدئة النفوس. و بالرجوع للحبيب خضر الملقب ب"مقرر دستور الثورة" و الملقب "بمفتي دستور الثورة"، هو لقب لم يتحصل عليه مجانا بل كان يستحقه نظرا لتمكنه من فقه القانون الدستوري فكان صاحب الفهم السليم و الشرح المستفيض لفصوله عندما كان كاتب مقرر الدستور في المجلس الوطني التأسيسي. أسباب هذه الاستقالة ربما تكون، *ضريبة قربه من الغنوشي حيث يعتبر من الدائرة الضيقة المقربة له مما جعله هدفا لسهام المعارضين بما أنهم اعتبروه النافذة التي تؤدي حتما لهرسلة الغنوشي. *ربما أخطأ الغنوشي عندما كلفه بهذه المهمة، لأن الخلفية القانونية للحبيب خضر وحدها و التي نجح فيها عندما كان مقررا للدستور لا تكفي لإدارة هذه المهمة التي تتطلب زيادة على المؤهلات الأكاديمية قدرة على التواصل مع الجميع و خاصة أعضاء مجلس النواب، و خبرة إدارية و ميدانية بدواليب الدولة تجعله قادرا على إدارة فريق العمل الموضوع على ذمته باعتماد مقاربة تشاركية لمعالجة الملفات. *ربما الضغط النفسي و الهرسلة التي تعرض لها. *ربما هو اعتراف بالفشل و الاعتراف بالفشل في حد ذاته خطوة نحو النجاح. *ربما للأسباب الخاصة التي ذكرها في استقالته. لكن بقطع النظر عن كل هذه الأسباب النتيجة واحدة و هي انسحاب الحبيب خضر. و هذا لن يغير شيء من قيمة الرجل لان منصب رئيس ديوان رئيس مجلس النواب شرف له أن تقلده مقرر الدستور و ليس العكس. لكل ما سبق ما هو الفعل التالي المنتظر من الغنوشي؟ و هل سيتفادى في تعيينه القادم كل الأسباب المذكورة سابقا؟. تساءلت في مقال سابق "بعد موقعة عرفة.. ماذا انت فاعل يا الغنوشي؟" . و الرد كان أسرع مما توقعت حيث كان الاستقالة أو الإقالة لمقرر الدستور، هذا يجعلني أتساءل هل هي فاتحة أفعال الغنوشي؟.